في الثاني من الشهر الجاري، قرّر الأمن العام اللبناني ترحيل عاملة منزلية كينية كانت قد تعرّضت للضرب المبرح على أيدي عدد من سكان منطقة برج حمود بـ «قيادة» عسكري في الجيش اللبناني. هذا ما أفادت به عدد من المنظمات الحقوقية في لبنانوقد ظهرت العاملة وصديقة لها، قبل نحو أسبوعين، في شريط فيديو وهما تتلقّيان ضربات ولكمات من رجل بلباس مدنيّ، قبل أن يُسانده عدد من الأشخاص الذين انضمّوا إلى «حفلة» الضرب.
ورغم أن «الذنب» الذي اقترفته العاملتان كان إبداء انزعاجهما من تعرّضهما للضرب من خلف بسيارة العسكري، ما أدّى إلى سقوط إحداهما أرضاً، الأمر الذي أثار غضب «الوحش» الذي انهال بالضرب المبرح عليهما، إلّا أنهما أُحيلتا على المحكمة العسكرية التي تولّت فتح تحقيق بالحادثة، حيث «تجري مُقاضاة جريمة الكراهية الجماعية على أنها اعتداء بسيط»، على حدّ تعبير حركة مناهضة العنصرية التي أصدرت، أول من أمس، بياناً طالبت فيه الأمن العام ووزارة العدل بوقف ترحيل العاملة وتأمين حقها وحق صديقتها في الامتثال في جلسات المحكمة من أجل محاسبة المعتدين.
الانتهاك لا يقتصر على التعامل مع الحادثة على أنها اعتداء بسيط، بل يتعداه إلى احتجاز العاملتين وتوقيفهما في سياق يُساوي بينهما وبين المعتدين ويحرمهما فرصة مقاضاة جلّاديهما والدفاع عن نفسيهما، وذلك عبر ترحيل إحداهما والإبقاء على الأُخرى قيد الاحتجاز.
وذكرت الحركة في بيانها أنّ هذه الواقعة تُشكّل «انتهاكاً لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الدفاع عن النفس». وأضافت: «في هذه الحالة، يؤدي التعرّض للاعتداء من قبل فرد لبناني إلى ترحيل للعامل، وليس إلى عواقب ذات معنى للجاني».
بدورها اعتبرت مُنظّمة العفو الدولية أن قرار الأمن العام بترحيل العاملة الكينية «يُجسّد الظلم الذي تتعرّض له عاملات المنازل المهاجرات»، لافتة إلى أن هؤلاء «كلما سعين إلى العدالة، يصطدمن بقرار الترحيل»! وطالبت المُنظّمة الأمن العام ووزارة العدل بوقف ترحيل العاملة وحماية حقّها بمحامٍ وبحضور جلسات المحاكمة، التزاماً بقانون أصول المحاكمات اللبناني وبالمواثيق الدولية المُلزمة للبنان.
تُقاضى جريمة الكراهية الجماعية على أنها اعتداء بسيط


المديرية العامة للأمن العام أصدرت بدورها بيانا لم تنفِ فيه قرار الترحيل لكنها أوضحت أن التحقيقات أظهرت أن العاملتين «تخالفان نظام الإقامة»، وأن إحداهما أنجبت من زوج لبناني فتم إخلاء سبيلها إلى حين تسوية وضعها القانوني فيما أبقي على الأخرى قيد الاحتجاز. فيما تُفيد معلومات حركة مناهضة العنصرية بأنّ المرأة الكينية المُقرّر ترحيلها مُحتجزة، «ولا يزال الأمن العام يرفض السماح لها بمقابلة محاميها».
يُذكر أن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، كان قد وعد بمتابعة الحادثة و«تسوية أوضاع العاملتين»، ما يجعل قرار الأمن العام بالترحيل مُستغرَباً.
ويرى حقوقيون أن قرار الترحيل ينسجم والكثير من الممارسات العنصرية والتمييزية والظالمة التي يُرسيها نظام الكفالة الذي يحكم آلية العمل التي تخضع لها العاملات المهاجرات في لبنان لجهة غياب نظام التقاضي العادل الذي يحفظ حقوقهن.