سمير جعجع ووليد جنبلاط هما عنوانا العقدتين القواتية والاشتراكية، لكن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي استقبل رئيس حزب القوات اللبنانية أولاً ثم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ثانياً، «لن يحصر برنامجه بهاتين الحيثيتين، بل هو حريص على مروحة واسعة من اللقاءات، بينها اللقاء الذي جمعه مع رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل وقيادة الحزب القومي السوري الاجتماعي من خلال النائب سليم سعادة (أمس)، والاستماع إلى وجهة نظر النواب السنّة من خارج تيار المستقبل، وبينهم النائب أسامة سعد الذي استقبله أول من أمس، وستستكمل هذه اللقاءات مع قيادات أخرى، من أجل مقاربة هادئة لعملية تأليف الحكومة المنتظرة»، على حدّ تعبير مصادر مطلعة.في كل الأحوال، هي الزيارة الجنبلاطية الأولى منذ السابع والعشرين من تشرين الثاني 2017، عندما لبّى وليد جنبلاط دعوة رئيس الجمهورية، غداة انتهاء أزمة احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية.
في لقاء أمس، استهل عون حديثه مع جنبلاط بعبارة مفتاحية: «حرصي شديد على وحدة الجبل وتنوّع الاحزاب»، وذلك في معرض تأكيد أهمية أن يكون التمثيل في الجبل وزارياً كما أفرزت الانتخابات النيابية تنوّعاً في التمثيل، فكان أن ردّ جنبلاط بالتعبير عن تقديره لهذا الحرص على وحدة الجبل، وقرن هذا التقدير بعبارة مفتاحية قالها بعد اللقاء «أنا مصرّ على تسمية الوزراء الدروز الثلاثة في الحكومة»، معتبراً أن نتيجة الانتخابات والتصويت الشعبي والسياسي أعطياه هذا الحق، واستدرك قائلاً: «وإلا في الانتخابات المقبلة منسقط كلنا سوا»، ما يعني أيضاً تمسّكاً بحصرية التمثيل، وهذا يؤشر الى مراوحة العقدة الجنبلاطية مكانها.
أما النقاط التي جرى عرضها في لقاء عون – جنبلاط فقد تناولت المواضيع الاتية:
- موضوع الجبل لجهة تعزيز الوحدة، لأن أمان الجبل مؤشّر للأمان في لبنان.
- موضوع مصالحة الجبل، على قاعدة تحريم المساس بها بأي شكل من الأشكال.
- العلاقات بين بعبدا والمختارة، وبين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، وأهمية فتحها على نقاش وحوار هادئ لتثبيت المشتركات الكثيرة ومعالجة الاختلافات القليلة.
- الشكوى المشتركة من الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحقن الاجواء بشحنات لا مبرر لها من التشنج.
- التقارير التي ترفع إلى رئاسة الجمهورية تباعاً، وتتضمن تحذيراً من موجة الشحن الطائفي والمذهبي التي يشهدها الجبل، الأمر الذي يقتضي من الجميع الترفع عن كل الحساسيات والحسابات لمنع الانزلاق الى أمور يصبح معها البلد في مكان آخر.
أما موضوع تأليف الحكومة، ووفق معلومات الجانبين، فقد تم المرور عليه في سياق عابر، ولم يجرِ الحديث لا عن الحصص ولا عن الحقائب، مع تأكيد مشترك أن «تخفيف التشنج من شأنه أن يساعد في حلحلة العقد».
جنبلاط: مصرّون على تسمية الوزراء الدروز الثلاثة «وإلا في الانتخابات المقبلة منسقط كلنا سوا»


في حديثه بعد اللقاء أمام الصحافيين، لم يوحِ جنبلاط بأن الموضوع الحكومي يتحرك الى الامام، رغم لهجته الهادئة المعتادة، وقوله «كل جلسة التقي فيها الرئيس عون، ألمس حرصه الشديد على وحدة الجبل خصوصاً، ووحدة لبنان. إن القرار المركزي يسري في أحيان، لكن لا سيطرة في المطلق على بعض الذين يتهامسون من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك أقدّر كثيراً حرص الرئيس عون على وحدة الجبل وتنوع الاحزاب ــــ وقد مرّت الانتخابات بهدوء إلا الحادث المؤسف الذي حصل في الشويفات (مقتل الشاب الاشتراكي علاء أبو فرج) ــــ رغم بعض «الهيجان» على مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك، أطلب شخصياً من الرفاق والمناصرين تخفيف حدة اللهجة، والتفكير، كما الرئيس عون، في حل المشاكل الكبرى الاساسية، ومنها سبل تخفيف العجز ووضع خطة إنمائية من أجل خلق فرص عمل، ويبدو أنه تم البدء بوضع مثل هذه الخطط».
وعن موضوع تأليف الحكومة قال جنبلاط «الرئيس لم يفاتحني بالمسألة، وأنا من جهتي لم أعمد الى إثارتها».
وعن وصفه العهد بالفاشل في تغريدة له قبل حوالى أسبوع، ردّ جنبلاط بالقول «لن أتراجع عن الكلمة. فلو نجح قسم من العهد، كي لا نشمل العهد بكامله، في معالجة قضية الكهرباء منذ سنة ونصف، لما زاد العجز ملياري دولار».

اللقاء الديموقراطي: توحيد المعايير
ورغم أن جنبلاط أطلع أعضاء اللقاء الديموقراطي على نتائج زيارته للقصر الجمهوري، إلا أنه غاب عن صورة اجتماع اللقاء في منزله بكليمنصو، عصر أمس، تاركاً لنجله النائب تيمور جنبلاط أن يحتل صدارة الصورة. الاجتماع ناقش ملفات كثيرة، وأصدر بياناً شدّد على أهمية العمل المتواصل والإسراع في تشكيل الحكومة من أجل الانصراف إلى معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية»، داعياً المعنيين «الى تذليل العقد وإزالة العقبات، وإلى احترام نتائج الانتخابات وتوحيد المعايير ومراعاة حجم التمثيل الحقيقي للقوى والأحزاب».
واستنكر اللقاء «التمسك المريب وغير المبرر بمرسوم التجنيس بعد الأرقام الواضحة والفاضحة المستخلصة من تدقيق الأمن العام، خصوصاً أن هناك ما يقارب 85 اسماً مشبوهاً لم تتضح حتى الآن دوافع وخلفيات تجنيس أصحابها»، داعياً المعنيين إلى تصحيح هذا الخطأ وإعادة النظر في المرسوم بشكل كامل. وقرر «اللقاء» إطلاق ورشة سياسية ــــ تشريعية «ستتبدى معالمها الأولى مع انطلاقة ورشة العمل النيابي في مجلس النواب، وتتجسد بالمواظبة على حضور اجتماعات اللجان والهيئة العامة وإعداد عدد من اقتراحات القوانين من وحي معاناة الناس»، على حدّ تعبير أحد أعضاء اللقاء الديموقراطي.