منذ عودته ليل أول من أمس، إلى بيروت، حرص الرئيس المكلف سعد الحريري على إشاعة أجواء من التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة، وصولاً إلى قوله إنه سيقدم مسودته الحكومية الأولى إلى رئيس الجمهورية قريباً. وبالفعل، فإن القصر الجمهوري تبلغ أن الحريري سيزور بعبدا مساء اليوم لتقديم مسودة إلى الرئيس ميشال عون الذي كان تلقى اتصالاً من الحريري، تزامن مع اتصال مماثل أجراه الرئيس المكلف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ونقل إليه إمكان حصول خرق ما على خط التأليف قبل نهاية الأسبوع.وعلمت «الأخبار» أن الحريري الذي استقبل، أمس، على التوالي، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يرافقه الوزير يوسف فنيانوس، والنائب وائل أبو فاعور، والوزير ملحم رياشي والوزير علي حسن خليل، سيواصل مشاوراته السياسية هذه الليلة وطوال نهار السبت، على أن يزور القصر الجمهوري مرة ثانية، يوم الأحد المقبل، للقاء عون ورئيس المجلس النيابي، قبل أن يغادر الأخير في إجازة خاصة قد تستمر عشرة أيام.
ووفق المعلومات، فإن الحريري سيقدم اليوم إلى عون أول تصور في شأن الحصص في الحكومة الثلاثينية، حيث سيضمن اقتراحه مجموعة عناصر، لن تحظى بمباركة رئاسية على الأرجح، وفي طليعتها تبنيه وجهة نظر النائب وليد جنبلاط التي نقلها إليه، أمس، أبو فاعور، بالتمسك بالمقاعد الدرزية الثلاثة في الحكومة، كما سيتبنى الحريري وجهة نظر القوات اللبنانية التي نقلها إليه رياشي، أمس، لجهة تثبيت الحقيبة السيادية من ضمن الحصة التي يفترض أن تتماهى مع تمثيل القوات النيابي والسياسي الذي أفرزته الانتخابات النيابية.
واللافت للانتباه، في برنامج لقاءات الحريري، أمس، مطالبة جميع من التقوه بالحصول على وزارة الأشغال، على قاعدة أنها الوزارة الأدسم، وعلى سبيل المثال، فإن فرنجية اعتبر أن حجب هذه الوزارة عنه ستجعله يطالب بحقيبتين وزاريتين.
وفيما ظلت قنوات الاتصال مفتوحة بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، وبين الأخير وقيادة حزب الله، علم أن الحريري تمنى على باسيل خلال اجتماعهما في باريس، بأن لا يتعرض إلى إحراج من أية جهة في موضوع القوات اللبنانية، وأنه لن يشكل حكومة من دون القوات اللبنانية. وعلى هذا الأساس، أعطى باسيل إشارات إيجابية في موضوع الحقيبة السيادية للقوات اللبنانية (الدفاع على الأرجح على رغم تحفظ قيادة الجيش اللبناني).
وفي سياق اللقاءات المرتبطة بتشكيل الحكومة، برزت، أمس، زيارة النائب أكرم شهيب إلى معراب، حيث التقى رئيس حزب القوات سمير جعجع، بحضور الأمينة العامة للقوات شانتال سركيس.
أما الحريري، فقد لبى، أمس، دعوة المنسق العام لمؤتمر إنماء بيروت النائب السابق محمد قباني إلى مأدبة غداء أقامها على شرفه في «زيتونة باي»، وحضرها وزير الداخلية نهاد المشنوق، وعدد كبير من نواب بيروت. وخلال المأدبة، أكمل الحريري على المنوال الإيجابي نفسه، مؤكداً أنه، بعد إجازة العيد وذهابه لرؤية عائلته، «عدنا فاتحين التوربو لكي نشكل حكومة بأسرع وقت ممكن». كما أكد قدرته على جمع كل الناس في الحكومة خلال أيام.
رئيس الحكومة: لن أشكل حكومة من دون القوات اللبنانية


وكان الحريري واضحاً في التأكيد أن لا عقد خارجية في مسار التأليف، بل داخلية وقابلة للحل، مقللاً من أهمية الحديث عن تأخير في التشكيل. وأشار، رداً على سؤال، إلى أن «السعودية حريصة على إنجاز الحكومة الأمس قبل اليوم».
أما عن مطالبة التيار الوطني الحر بسبعة مقاعد، مقابل خمسة لرئيس الجمهورية، فقال إن «الكل يعرف أننا سنشكل حكومة من ثلاثين وزيراً، يجب أن يمثلوا أكبر عدد من الكتل السياسية الأساسية»، مشيراً إلى أنه «في أي مفاوضات، الكل يبدأ بسقف عال، ثم تجرى المفاوضات، أنا لست خائفاً. ورفض الحريري أي كلام عن محاصرة القوات، مشيراً إلى أن لا أحد يحاصر أحداً، كما أشار إلى أن لا فيتو على حصول القوات على حقيبة سيادية.

ميركل في بيروت
وبعد النهار الحكومي الطويل، استقبل الحريري، مساء أمس، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورافقها من المطار إلى السراي الحكومي، حيث أجريا محادثات تناولت آخر المستجدات في لبنان والمنطقة وسبل تفعيل العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما على الصعيد الاقتصادي والتبادل التجاري.
وبعد المحادثات دونت ميركل كلمة في سجل الشرف كتبت فيها: «لا تزال ألمانيا تقف إلى جانب لبنان مستقر ومنفتح على العالم ومزدهر».
ومن المقرر أن تلتقي ميركل اليوم الرئيس بري في عين التينة، على أن تشارك بعدها في ندوة مشتركة لرجال الأعمال اللبنانيين والألمان في السراي الحكومي، يليها مؤتمر صحافي مشترك مع الحريري، تنتقل بعده إلى بعبدا للقاء الرئيس عون، قبل مغادرتها بيروت عصراً.