فصلٌ جديد من «مُسلسل» اتهام لبنانيين، تحديداً في أميركا اللاتينية، بتمويل «أنشطة غير مشروعة» لحزب الله، حصل في 17 أيار الماضي. السلطات في باراغواي، بناءً على طلب من سفارة الولايات المتحدة الأميركية في أسونسيون، داهمت مركز صرف العملات (Unique SA)، وأوقفت اللبناني نادر محمد فرحات (من بلدة بيت شاما في قضاء بعلبك، مواليد عام 1975)، «المُتهم» بتبييض 1.3 مليون دولار من أموال المخدرات. وطلبت السلطات الأميركية تسلّم فرحات، لمُحاكمته في الولايات المتحدة. القائم بالأعمال بالوكالة في سفارة لبنان لدى الباراغواي، المستشار حسن حجازي، تحرّك من أجل منع «وضع اليد» الأميركية على فرحات. وقد طلب حجازي من المدعي العام في الباراغواي، عدم تسليم فرحات، ومُحاكمته في أسونسيون.قيام الدبلوماسي اللبناني بـ«واجبه» المهني، استدعى حملة عنيفة ضدّه، بقيادة المسؤول في مركز الدفاع عن الديموقراطية (يتلقى المركز أموالاً من منظمة المؤتمر اليهودي العالمي) إيمانويل أوتولينغي. نشر الأخير، في 15 حزيران، تقريراً في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، مُستخدماً لغة وقحة وفوقية وتحريضية ضدّ لبنان ووزارة الخارجية والوزير جبران باسيل والدبلوماسي حسن حجازي. المُثير للسخرية، أن يُنشر التقرير، الذي لا يستند إلى أي أدلة، في مجلّة تدّعي بأنّها «مصدر موثوق» وتُنادي دوماً بحقوق الإنسان.
تقرير أوتولينغي الاستخباراتي، اتهم السفارة اللبنانية لدى الباراغواي بمنع تسلم فرحات، المُتهم بالانتماء إلى «فرع صفقات الأعمال، وهو أحد فروع منظمة الأمن الخارجي التابعة لحزب الله». علماً أنّ هذا الفرع غير موجود، ولا يعدو كونه جزءاً من المعلومات المغلوطة التي نشرها الكاتب، كقوله إنّه «هناك أدّلة أنّ حزب الله يُرسل مسؤولين رفيعي المستوى إلى الحدود الثلاثية بين باراغواي والأرجنتين والبرازيل، من أجل تنسيق عمليات تجارة المخدرات». ما هي الأدلة؟ لم يجد أوتولينغي أنّ من واجبه توضيح ذلك لقرّاء المجلّة الأميركية.
اتهّام فرحات بتبييض 1.3 مليون دولار أميركي، ومنع الولايات المتحدة من تسلّمه، وتصرفات حسن حجازي، عدّها التقرير «إشارة مؤكدة على أنّ وزارة الخارجية في بيروت تُعطي أولوية لمصالح حزب الله على حساب مصالح لبنان». منح الكاتب «امتيازاً» لنفسه، بأن يُملي على الولايات المتحدة بأن لا تسمح «بأن يمرّ هذا الأمر مرور الكرام». كما أنّه «أَمَر» باراغواي بوجوب إعلان أنّ حسن حجازي «شخص غير مرغوب به، وإعادته إلى لبنان»، مُضيفاً أنّ من شأن ذلك أن يُشكّل رسالة واضحة «إلى جبران باسيل، بأنّه يُمكنه الحصول على مساعدات من الولايات المتحدة، وبإمكانه أن يُقدّم عروضاً لحزب الله، ولكن لا يُمكنه القيام بالأمرين في الوقت نفسه، ويفلت من العقاب»!
من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ«الأخبار» إنّه لا علاقة لنادر فرحات «بالملّف المُتهم به. فضلاً عن أنّ ملكية محل الصيرفة، تعود إلى زوجته وعائلتها، وليس له». زوجة فرحات من أصول تايوانية، كانت هناك محاولة لتوقيفها مع زوجها، «ولكن بصراحةٍ، لأنّها ليست لبنانية ولا تنتمي إلى الطائفة الشيعية، وبالتالي لا تُفيد الدعاية الأميركية ـــــ الإسرائيلية بدعم نشاطات حزب الله، لم تُوقف».
تضيف المصادر أنّ التُهمة بُنيت على أساس أنّ «أشخاصاً، يُرجّح أنّهم رجال استخبارات، زاروا فرحات في محلّ الصيرفة سائلين إياه عن إمكانية تحويل أموالٍ إلى الولايات المتحدة. جوابه كان إيجابياً. فردّوا عليه بأنّ قيمة المبلغ 130 ألف دولار. قال فرحات لمُحدثيه، أنّ بإمكانه تحويل هذا المبلغ». بناءً على ذلك، جرت المُداهمة، ونُقل فرحات بالطائرة إلى أسونسيون، «وهو حالياً في مكان احتجاز خاص». حسن حجازي زار فرحات، برفقة أحد المُحامين من الباراغواي «الذي وجد أنّ عدداً من الصفحات في ملّف فرحات القضائي، منزوعة، واحتمال أن يكون الملّف مُركّباً هو احتمال كبير». تدخّل حسن حجازي مع المُدعي العام في الباراغواي لعدم توجيه تهمة لفرحات، وعدم تسليمه إلى الولايات المتحدة، مع إرسال كلّ الأوراق اللازمة إلى وزارة الخارجية اللبنانية.
وكانت «الخارجية اللبنانية» قد أصدرت أمس بياناً ورد فيه أنّ التقرير الذي نشرته المجلة الأميركية «هو خبر غير دقيق». ورأت أن مضمون التقرير، لجهة ربط تدخل القائم بالأعمال بالوكالة في هذه القضية، «هو غير صحيح ولا يمت إلى الواقع بصلة»، معتبرةً أن «من واجبات الدبلوماسي متابعة الشؤون القنصلية لأبناء الجالية».