قبل شهرين تقريباً، توقّف عن حضور اجتماعات مجلس العمد كلّ من عمداء الداخلية معتز رعدية؛ والدفاع زياد المعلوف؛ والإعلام معن حمية؛ والعمل والشؤون الاجتماعية بطرس سعادة؛ وشؤون الأساتذة الجامعيين والجامعات جورج جريج. إضافةً إلى تقديم عميد الخارجية حسّان صقر استقالته، ولكنّه استمر بحضور الجلسات إلى أن تمّ قبول استقالته قبل أيّام بعد اجتماعه بالناشف.
المقاطعة هي رسالة احتجاجية، أرادها العمداء وسيلة ضغط من أجل الإطاحة بالناشف ونائبه، الذي يشغل في الوقت عينه منصب رئيس مجلس العُمد. ليس بالأمر العابر أن يكون أصحاب «الصرخة» عُمداء أساسيين داخل «المجلس»، ويلعبون أدواراً رئيسية، لا سيّما بعد أن دفعتهم الحرب السوريّة إلى الصفوف الأمامية. أعطى «الميدان»، قوّة لهؤلاء الرجال، فباتوا يضغطون لتُسمع كلمتهم السياسية داخل مؤسسات حزبهم. «أقوياء» إلى درجة أنّهم لم يستجيبوا لطلب حردان، العودة بعد الانتخابات النيابية إلى حضور جلسات مجلس العُمد. الوحيد الذي استجاب هو بطرس سعادة. أمّا جورج جريج، فقد قدّم استقالته ووافق عليها الناشف. وبحسب المعلومات، فإنّ كُرة الاستقالات ستكبر، ليلتحق عُمداء آخرين بجريج وحسّان صقر.
لم يستجب العمداء لطلب حردان، العودة بعد الانتخابات النيابية، إلى حضور جلسات مجلس العُمد
مشكلة المعترضين الأساسية (باستثناء صقر) هي مع الناشف والحسنية، وتحديداً مع الأخير. لا أحد في «القومي» يقبل أن يُقدّم جواباً مُقنعاً، حول طبيعة الخلاف بين الحسنية ورفاقه. يُقال إنّ القصة تعود إلى سنوات خلت، «وهي كلّها مشكلة نفوذ داخل الحزب». الحجّة العلنية للمعترضين تتمحور حول طريقة إدارة الرئيس ونائبه لمؤسسات الحزب، والترشيحات النيابية. الملاحظات كثيرة على أداء الناشف، منذ أن تسلّم رئاسة الحزب وحتى اليوم. علماً أنّ الأخير لا ينفكّ يُردّد بأنّه بحاجة إلى وقت حتّى يتمكن من أن يعمل. وكان قد أكّد في حديث لقناة الـ«أو تي في»، أنّه ليس بوارد الاستقالة. تحت ستار الغيرة على مصلحة «القومي»، هناك غاية أخرى للعُمداء المُعترضين: السعي إلى انتخاب رئيس المكتب السياسي كمال النابلسي رئيساً لـ«القومي»، استناداً إلى المصادر. وتُضيف بأنّ الحسنية حاول القيام بمبادرة «حسن نيّة»، فعَرَض على الناشف أن يستقيل «إذا كان ذلك يحلّ الخلاف. ولكن الناشف مُتمسك بالحسنية، ولم يتجاوب معه».
الرؤيا الاعتراضية الثانية، في مجلس العُمد يُعبّر عنها حسّان صقر، ويُجاريه فيها قوميون آخرون. هؤلاء «ثائرون» على عقلية «الاستسلام والخضوع للأمر الواقع» داخل الحزب، بحجّة أنّ الظروف لا تسمح باجراء إصلاح داخلي. هناك علامات استفهام عدة تُطرح، حول عدم قدرة أقدم حزب لبناني على انتاج كوادر جديدة، ومُرشحين جُدد إلى الانتخابات النيابية. الحزب العلماني العريق، صاحب قضية وأيديولوجيا، غير قادر على أن يتفلّت من العائلية والمحاصصة. التحالفات الانتخابية، ساهمت في إثارة نقمة صقر ورفاقه، الذين استفزهم «تفَيؤ» قيادة «القومي» بأحزابٍ أخرى، مُنفذةً ما «يُكتب» لها، عوض أن تكون هي المُبادرة.
لا يُمكن القول إنّ «الثورة» حطّت رحالها في ذاك المبنى في الروشة. فكلّ ما يحصل يبقى، حتى الآن، مجرد حركة داخل «الصحن الواحد». وطالما أنّه لا يوجد «قرار أعلى» بإجراء تغييرات وتبديلات، سيبقى المشهد «القومي» على ما هو عليه. أحد المسؤولين في «الرئاسة القومية»، يُنكر وجود اعتراض على الناشف أو الحسنية، لأنّ «أحداً لم يُبلغنا بشيء». الانكار يشمل أيضاً وجود مقاطعة داخل مجلس العُمد، فـ«بإيّام العزّ، وبغياب الاشكالات، والحروب، دائماً كان هناك 4 أو 5 عُمداء يتغيبون عن حضور الجلسات، من دون أن يكونوا مقاطعين».