وسط تصاعد التوتّر في الإقليم، يحمل الأسبوع الحالي تطوّرات مهمّة على الساحة الداخلية اللبنانية، مع دخول حكومة الرئيس سعد الحريري مرحلة تصريف الأعمال غداً، وإعادة انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النّواب بعد غد الأربعاء.ولعل أبرز تطوّرات نهاية الأسبوع الماضي، هو التحرك السعودي على خط التطوّرات بعد العقوبات التي أعلنتها السعودية بعد الأميركيين ضد قادة حزب الله، عبر الإفطار الذي أقامه القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري على شرف الحريري في اليرزة، وإلقائه كلمة وصفتها السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد بـ«المفصلية». غير أن السعوديين الذين جمعوا الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على طاولة الافطار، استكمالاً لجهود إصلاح «ذات البين» بين حليفيهما، لم ينجحوا في جعل الإفطار، شكلاً ومضموناً، جامعاً للبنانيين بخلاف كلام البخاري، مع تغيّب رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل والنائب وليد جنبلاط عن المناسبة. وإذا كان جنبلاط قد أوفد النائب وائل أبو فاعور ممثّلاً عنه، فإن التيار الوطني الحر غاب بالكامل.
غاب باسيل عن الإفطار السعودي «لأسباب عامة وخاصة»، فيما تذرّع الاشتراكي بمرض تيمور جنبلاط

وفي حالة الأوّل، يبدو حضور أبو فاعور عادياً وهو على تماس دائم مع السعوديين، فيما كان من المفترض أن يحضر النائب تيمور جنبلاط ممثّلاً عن والده والحزب الاشتراكي. ومع أن مصادر اشتراكية برّرت لـ«الأخبار» غياب تيمور بسبب المرض، فُهم غياب النائب الجديد استمراراً للتباين بين جنبلاط والحريري، خصوصاً أن الجلسة التي جمعت وليد جنبلاط والوزير غطاس خوري الأسبوع الماضي لم تخرج بنتائج عمليّة لعودة الحرارة بين جنبلاط والحريري، الذي لا يزال بنظر الاشتراكيين في تحالف متين مع باسيل على حساب العلاقة معهم. أما على ضفّة التيار الوطني الحرّ، فأكّدت مصادر بارزة في التيار أن «غياب باسيل جاء نتيجة أسباب خاصّة وعامّة»، ولدى سؤال المصدر عن معنى هذا التبرير، ترك باب الاجتهاد في التفسيرات مفتوحاً. غياب جنبلاط وباسيل لم يكن وحده صادماً، إذ سُجل غياب ممثل عن قائد الجيش العماد جوزف قهوجي، فيما اعتذر الرئيس نجيب ميقاتي عن عدم الحضور.
خطاب البخاري، وإن كان هادئاً في الشّكل، إلّا أنه استحضر مجموعة من الشخصيات من «كميل شمعون إلى كمال جنبلاط والإمام موسى الصدر وبشير الجميل ورفيق الحريري»، تحمل في رمزيتها المواجهة مع سوريا، مع زجّ لاسم الإمام موسى الصدر. وكان لافتاً حضور الوزير المكلّف نزار العلولا، الذي عقد خلوات على هامش الإفطار مع جعجع وأبو فاعور ووزير المال علي حسن خليل. ولدى سؤال الصحافيين العلولا عن تشكيل الحكومة الجديدة، أشار إلى أن هذا الأمر «شأن لبنان داخلي»، لكنّه قال إنه لا يريد التحدث الآن ولكن بعد أسبوعين!
على صعيد انتخابات رئاسة مجلس النّواب، بات واضحاً أن غالبية الكتل النيابية تتجّه نحو الاقتراع لبري رئيساً مجدّداً للمجلس النيابي. ومع أن التيار الوطني الحرّ لم يعطِ موقفاً واضحاً بعد، إلّا أن الأجواء الإيجابية التي طبعت زيارة بري إلى قصر بعبدا ولقاءه بالرئيس ميشال عون، والزيارة التي من المتفرض أن يقوم بها ممثلون عن تكتل لبنان القوي إلى بري اليوم، تضع احتمال لجوء بعض أعضاء التكتل إلى خيار الورقة البيضاء خارج الحسابات، بعد أن كان البعض يردّد أن البعض في التيار يدفع باتجاه الردّ على ما حصل خلال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وثّمة عاملان أيضاً يجعلان من الصعوبة اتخاذ هذا الخيار، أوّلاً أنه لا وجود لمرشّح منافس لبرّي، وبالتالي فإن تصعيد الموقف ضده لا يخدم حتى في الشكل العلاقة الهادئة بين بري وعون، ثانياً تأييد بري لخيار رئيس الجمهورية باختيار النائب إيلي الفرزلي نائباً لرئيس مجلس النواب، الذي سيلي انتخابه انتخاب رئيس المجلس مباشرةً. أمّا القوات اللبنانية، فهناك دفع قوي من أكثر من نائب ووزير في القوات، باتجاه انتخاب برّي، عطفاً على العلاقة الوديّة التي طبعت المرحلة الماضية بين الطرفين. من جهتها، قالت مصادر في عين التينة إن «ما حصل حتى الآن هو تزكية بالترشيح وممكن أن تقابل بتزكية بالتصويت».

العلولا عقد خلوات مع جعجع وعلي خليل وأبو فاعور على هامش الإفطار


أمّا انتخاب نائب رئيس المجلس، فمن المتوقّع أن يحصل انقسام في المجلس تكون نتيجته لصالح الفرزلي، مع وجود النائب أنيس نصار مرشّحاً عن حزب القوات اللبنانية. وعلمت «الأخبار» أن القوات والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، استطلعوا نيّة النائب الياس بو صعب حول الترشّح، لكنّه أكّد انه ليس مرشّحاً. أما الحريري، فأبلغ جعجع خلال لقائهما الأسبوع الماضي، أنه إن كان بو صعب مرشّحاً بإنه سيسير بدعمه، إنما إن لم يكن مرشّحاً فإنه سيمنح أصوات كتلته لنصّار. وبعد زيارة جنبلاط أمس إلى برّي، أشار جنبلاط إلى أنه سيحاول إعطاء أصوات كتلته للفرزلي نزولاً عند رغبة بري. وبحسب المعلومات، فإنه سيجمع أعضاء كتلته اليوم للاتفاق على الأمر، ولكن المرجّح أن النائب مروان حمادة على الأقل، لن يسير بانتخاب الفرزلي. ومن المرجّح أيضاً، أن لا يمنح النواب التالية أسماؤهم أصواتهم للفزرلي، كلّ لأسبابه: بولا يعقوبيان، ميشال ضاهر، ميشال معوض، نجيب ميقاتي، علي درويش، نقولا نحاس، إضافة إلى كتل الكتائب والقوات والحريري.