تواجه أسماك القرش تهديدات خطيرة في كل أنحاء العالم وتعاني من الاستغلال المفرط من خلال الصيد المتعمد او غير المقصود على حد سواء. ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاو)، تم صيد نحو 900 ألف طن من أسماك القرش في العام الواحد على مدى العقدين الماضيين. ويقدر عدد اسماك القرش التي تم قتلها في الفترة نفسها بـ 70 مليون سمكة، فيما يرجّح الخبراء بأن الرقم يصل إلى ضعف ذلك، مع الأخذ في الاعتبار طرق الصيد غير المشروعة، والصيد غير المبلّغ عنه وغير المنظّم، والبيانات المفقودة من بعض الدول الكبرى ومصائد الأسماك.القرش من الأنواع التي تنمو ببطء وتعيش لفترة طويلة، ويتأخر موعد بلوغها وبالتالي موعد تكاثرها. هذه العوامل تجعل هذه الأسماك عرضة للانقراض بسبب الصيد الجائر. ويلفت الخبير في علوم البحار البروفسور سامي اللقيس إلى ان اسماك القرش تهاجر لمسافات بعيد ولا تستوطن في منطقة واحدة، وهي تفضّل المياه الدافئة والاستوائية، وتلاحق البواخر لالتهام الفضلات والنفايات العضوية التي تخلّفها وراءها. «أما الأنواع المفترسة والخطرة كالقرش الحوت والقرش الأبيض فغير موجودة في مياهنا، وهي تستوطن بكثرة مياه المحيط الهندي والباسفيك، لا سيما في مياه استراليا حيث تكثر حوادث مهاجمة القرش للسابحين». وأشار الى أن الحوض الشرقي للبحر المتوسط غني بالتنوع الحيوي للحياة البحرية لا سيما الأسماك، ومنها أسماك القرش. وسواحل فلسطين ولبنان أكثر غنى بأسماك القرش من غيرها من مناطق البحر المتوسط، لأنها أعلى حرارة وأكثر ملوحة. وقد رصد أكثر من 50 نوعاً من الأسماك الغضروفية في المياه اللبنانية، منها 25 نوعاً من القرش، بينها 7 الى 8 أنواع مهاجرة من البحر الأحمر الى شرق المتوسط، حيث استوطنت ولم تسجل في غربي المتوسط أو في الأطلسي. ولفت اللقيس إلى أن القرش لا يشكل هدفاً مهماً للصيادين في لبنان، لأن صيده صعب ويتطلب شباك جرف كبيرة، أو أن يصاد بالسهام أو بسلاح ناري. أما أسماك القرش الصغيرة التي تصاد أحياناً في شباك اليد العادية فغير مرغوبة في سوق السمك، على عكس بلدان عدة، كاليابان مثلاً، حيث يُصاد القرش للاعتقاد باحتواء زعانفه على خصائص مغذّية ومقوّية للطاقة الجنسية...».
في اليابان يُصاد القرش للاعتقاد باحتواء زعانفه على خصائص مقوّية للطاقة الجنسية


لا تمنع القوانين اللبنانية صيد الحيتان وأسماك القرش لسبب بسيط، هو انها لم تُشاهد كثيراً على الشاطئ اللبناني. ولكن ماذا عن القوانين والاتفاقيات الدولية؟
في 2014، تم، للمرة الأولى، تناول موضوع سمك القرش في مؤتمر عقدته الأمم المتحدة في دبي تحت عنوان «الحفاظ على اسماك القرش المهاجرة والمهددة في المنطقة العربية». وبحسب التقرير الذي عرض في المؤتمر، تعد سواحل بلدان متعددة في المنطقة موطناً لأنواع عدة من أسماك القرش أبرزها دولة الإمارات العربية المتحدة، جزر القمر، مصر، الأردن، ليبيا، موريتانيا، السودان، الجمهورية العربية السورية واليمن. وتعتبر مياه هذه البلدان موطناً حيوياً لكثير من أنواع أسماك القرش ومصدر تغذية وأمكنة مناسبة للتكاثر. كما يتجمّع سمك قرش الحوت في البحار العربية والمحيط الهندي، وهذا ما يؤكد على أهمية المنطقة لعوالق الأكل العملاقة. وشدد التقرير على الحاجة لتوطيد التعاون بين هذه البلدان لمعالجة الإفراط في استغلال الموارد السمكية وغيرها من التهديدات.
المؤتمر الذي غاب عنه لبنان وحضرته الدول التسع المذكورة انتهى بتوقيع مذكرة تفاهم لحفظ اسماك القرش المهاجرة في إطار اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة؛ والتي تمّ التصديق عليها في العام 2010. وهذه المعاهدة الحكومية الأولى المخصّصة لأسماك القرش المهاجرة على المستوى العالمي، ويبلغ عدد الدول الموقعة عليها 29 حتى الآن.