الحدث في دائرة بيروت الأولى يوم أمس تمثل بفوز لائحة «كلنا وطني» التي تمثل ائتلاف المجموعات المدنية بمقعدين من أصل ثمانية، بوليت ياغوبيان عن مقعد الأرمن الأرثوذكس وجمانة حداد عن مقعد الأقليات. الأشرفية التي لطالما سعت الأحزاب الى تناتشها واعتبارها ملكا خاصا أثبتت أنها أصعب من أن «تدجن» بخطابات مسعورة ووعود سياسية فارغة. الأشرفية لا قوات ولا بداية البشير، والا لما كانت الأحزاب السياسية اضطرت الى نسج تحالفات مع بعضها البعض لضمان ربح الحاصل المنخفض الذي لم يتخط الستة آلاف صوت. والأهم أن الأشرفية بعكس غالبية الدوائر تعاقب. وما فوز لائحة «المجتمع المدني» بمقعدين سوى رسالة مدوية الى السلطة وتعبير ديمقراطي عن النقمة الكبيرة على لاإنجازات ممثلي الدائرة وفشلهم في اقناع الناخبين بهم رغم ضمّ لوائح الأحزاب السياسية لمختلف النماذج.
كان يصعب تقدير قوة فرعون نتيجة تحالف قوى 14 آذار مع بعضها البعض

فوز «كلنا وطني» شكل مفاجأة للجميع لا سيما أن مندوبيها غابوا عن نحو 80 قلما وتعرضوا لتضييقات داخل أقلام الاقتراع، في ما عدا الصعوبات التي واجهت تشكيل اللائحة نتيجة تعدد المجموعات والسعي الى ارضائها جميعها، ومحاولات السلطة خرقها من جهة أخرى. وبقي زخم اللائحة ضعيفا حتى عقب اطلاق عمل الماكينة الانتخابية التي تفاجأت هي الأخرى بالنتيجة، اذ كانت توقعاتها تتأرجح بين ضمان الحاصل والخسارة، فانتهت بربح مقعدين. إشارة هنا الى أن الأجواء الانتخابية خلال النهار لم تكن توحي بزحمة ناخبين لصالح المجتمع المدني مماثل للزخم الذي حصلت عليه «بيروت مدينتي» خلال الانتخابات البلدية، ولكن يسجّل للمجموعات عملها تحت الضوء وتحقيقها نتيجة استثنائية، ويسجل لها عدم دخولها في حرب الاصوات التفضيلية بين مرشحيها. والأكيد أن هذا الخرق المفاجىء، سيفرض على القوى السياسية اجراء مراجعة جدية لعملها بعد سنوات من الخمول والتعامل مع الناخبين على أنهم «تحصيل حاصل».
سقوط الفرعون
الحدث الثاني الذي لا يقل أهمية عن ربح المجتمع المدني تمثل في سقوط النائب ميشال فرعون. الرجل الذي شغل المقعد الكاثوليكي منذ العام 1996 وعيّن وزيرا في أربع حكومات منذ العام 2000 وحتى اليوم، سيكون للمرة الأولى منذ 22 عاما خارج البرلمان النيابي. لطالما قدّم فرعون نفسه على أنه النائب الخدماتي الذي يتحالف مع القوى السياسية من دون الذوبان فيها، لا بل يفرض شروطه الخاصة في الكثير من الأحيان أكان في الانتخابات النيابية أو البلدية. لكن في ظل خوض قوى 14 آذار الانتخابات معا، كان يصعب في كل مرة تقدير حجم قوته بالأرقام. ولعل الخطيئة الكبرى التي ارتكبها كانت في استرخائه عقب التمديد وخذله الاهالي أكان من ناحية المشاريع المقدمة في المجلس أم في اقفاله مكتبه الخدماتي. أساء فرعون فهم تحذير الناخبين غداة انتخابات المخاتير كسوء تقديره للقانون النسبي وقيمة الصوت التفضيلي. فانتهى بالسقوط أمام مرشح التيار الوطني الحر نقولا صحناوي، لأنه ببساطة يفتقد الى قاعدة صلبة تختاره هو لا الحزبي اذا كان الخيار بينه وبين الحزبيين. اذ تبين أن الأصوات التي يتشاركها مع القوات والكتائب والمستقبل عادت في نهاية النهار لتنضوي تحت جناح مرجعياتها. ويبدو أنه لم يعد كافيا أن يكون المرشح ثريا وابن فرعون، العائلة التي حكمت منذ نشوء لبنان الكبير، كي يتربع على كرسي الأشرفية الكاثوليكي.