يشهد لبنان يومي الجمعة والاحد المقبلين أول دورة انتخابية يقترع فيها المنتشرون والمقيمون خارج لبنان. واذا كانت عودة الانتخابات الى لبنان، بعد تمديد لثلاث مرات للمجلس النيابي، محطة سياسية بارزة ، فإن اقتراع المغتربين سيكون حدثاً في حدّ ذاته. عشية الدورة الاولى، يبرز أول المؤشرات اللافتة، وسلسلة ملاحظات يجدر التوقف عندها، مع جداول مفصّلة (منشورة على موقع الاخبار الإلكتروني) حول المنتشرين، طوائفهم، ومذاهبهم، وانتشارهم، والدوائر التي يقترعون فيها.

توزيع الناخبين حسب الدوائر ودولة الإغتراب

أولاً، من أبرز الخلاصات السياسية التي تبرزها قوائم الناخبين المسجلين، «الهجوم» المسيحي لاجتذاب أصوات الناخبين في الخارج، معززاً بجولات خارجية وخطب استقطابية. فدائرة الشمال الثالثة (البترون والكورة وبشري وزغرتا)، تكاد تسجل وحدها حاصلاً انتخابياً. وإذا كانت معركة الشمال الثالثة تحولت في الاشهر الاخيرة إلى معركة سياسية تتفوق على غيرها بحجم التجاذبات السياسية، فإن أرقام المسجلين المغتربين فيها تضفي عليها مزيداً من التحديات. فقد بلغ عدد الناخبين 12.337 ناخباً، وبلغ عدد المسيحيين منهم 11.793 ناخباً، وبلغ عدد الناخبين الموارنة منهم 9.276 . وهذه الارقام المرتفعة تعطي لمحة عن الكباش السياسي في الاغتراب ومحاولات اجتذاب الناخبين المنتشرين، (عدا عن استقدامهم الى لبنان)، وخصوصاً أن هذه الدائرة تحمل جملة دلالات مؤثرة.
من أصل هؤلاء الــ12.337 ناخباً، يوجد في أستراليا 5 آلاف و222 ناخباً، وفي الولايات المتحدة 2.038 ناخباً، وتليهما كندا وفنزويلا والإمارات.
واحتل قضاء زغرتا المرتبة الاولى لأعلى نسبة تسجيل ناخبين (4.384 ناخباً)، يليه قضاء البترون (3.059 ناخباً)، ومن ثم بشري فالكورة.

توزيع الناخبين حسب المذهب ودولة الإغتراب


ثانياً، تلي دائرة الشمال الثالثة، كعدد ناخبين مسجلين في الخارج، دائرة الجنوب الثالثة (بنت جبيل والنبطية ومرجعيون وحاصبيا)، جبل لبنان الرابعة (الشوف وعاليه)، بيروت الثانية، الشمال الثانية (طرابلس والمنية والضنية)، جبل لبنان الثانية (المتن الشمالي)، البقاع الثانية (البقاع الغربي وراشيا)، جبل لبنان الثالثة (بعبدا)، جبل لبنان الاولى (جبيل وكسروان)، البقاع الاولى (زحلة)، الشمال الاولى (عكار)، بيروت الاولى، الجنوب الثانية (صور والزهراني)، البقاع الثالثة (بعلبك والهرمل) وأخيرا الجنوب الاولى (صيدا وجزين). وتعكس أرقام المسجلين في الخارج بعضاً من المؤشرات حول تمركز الهجرة اللبنانية، سواء الهجرة الدائمة، الى دول اميركا اللاتينية واستراليا والولايات المتحدة أو أوروبا، أو الاقامة في الدول العربية المجاورة.
ومن هذه المؤشرات، تمركز المسيحيين في الولايات المتحدة، تليها فرنسا، وتمركز المسيحيين والسنّة في أستراليا، وتمركز الشيعة في ألمانيا، إذ بلغ عدد المسجلين منهم ستة آلاف و381 ناخباً.
وبعكس ما كانت تتوقعه بعض القوى السياسية التي كانت تطالب باقتراع المغتربين، فإن نسبة المسجلين بلغت 54.28 في المئة عند المسيحيين و45.30 عند المسلمين، أي إن الفارق ليس كبيراً لمصلحة المسيحيين، ولم يتعدّ سبعة آلاف ناخب. لكنّ عدد الناخبين الموارنة المسجلين كان الأعلى، 27.817 ناخباً، قياساً الى الطوائف عموماً والى المسيحيين بطبيعة الحال، يليهم الناخبون الشيعة بـ18.991 ناخباً.

توزيع الناخبين المغتربين حسب المذهب والدائرة


لكن البارز انخفاض نسبة المسجلين السنة 16.60 في المئة مقابل 22.89 في المئة للشيعة. وسجلت أعلى نسبة تسجيل للناخبين السنّة المنتشرين، في دائرة الشمال الثانية 3.602، ومن ثم بيروت الثانية 3.563، فالبقاع الثانية 2.277 ناخباً.
أما الناخبون الشيعة، فبرز فيهم، وخلافاً للطوائف الأخرى الموزعة في كتل صغيرة ومتوسطة، تمركزهم في قوتين كبيرتين، في الجنوب الثانية 6.397 ناخباً والجنوب الثالثة 6.931 ناخباً، وهؤلاء يمثلون وحدهم نحو ثلث الناخبين الشيعة المسجلين.
وعند الدروز كانت أعلى نسبة تسجيل في الشوف وعاليه 2.957 ناخباً.
وسجلت أعلى نسبة ناخبين موارنة في زغرتا 3.836، والشوف وعاليه 3.462، وكسروان وجبيل 3.296 .
ثالثاً، في التفاصيل اللافتة أيضاً ما يتعلق بتسجيل الناخبين الأرمن. عادة، وعند صدور قوائم الناخبين المقيمين، يجري الحديث عن تراجع عدد الناخبين الأرمن، قياساً الى الاعوام السابقة، والتبرير أن الجزء الأكبر من الأرمن أصبح خارج لبنان. اللافت اليوم، أن نسبة تسجيل الأرمن المغتربين لا تتجاوز 3 في المئة، وهذا يؤشر الى تخلّي الأرمن اللبنانيين عن لبنان واعتباره الملجأ التقليدي لهم. وكان من الطبيعي أن تكون نسبة ناخبي بيروت الاولى من الأرمن الارثوذكس هي الأعلى، يليهم ناخبو الأرمن الارثوذكس في المتن الشمالي ومن ثم زحلة، في انعكاس لواقع الناخبين الأرمن الأرثوذكس المسجلين في لبنان.
أعلى نسبة ناخبين موارنة من غير المقيمين في زغرتا 3.836، والشوف وعاليه 3.462، وكسروان وجبيل 3.296


رابعاً، بما أنها المرة الاولى التي تجرى فيها انتخابات للمنتشرين، بعد سنوات من المطالبة بهذا الاقتراع، فإن الاهمية تبدو مزدوجة، في تحقيق نسبة اقتراع كثيفة وعالية وتتخطى النسب التي يعتد بها عادة للمقيمين، لأن الذين بادروا الى تسجيل أسمائهم للاقتراع، يعني أنهم راغبون حقاً في الاقتراع، وهم يختلفون بذلك عن الناخبين المقيمين الواردة اسماؤهم تلقائياً في قوائم الناخبين الرسمية، ولا يقترعون جميعهم. وعليه، يفترض الرهان على أن تكون نسبة الاقتراع مرتفعة الى الحد الاقصى، وإلا ينبغي استخلاص دلالات أي انخفاض في نسبة الاقتراع، والبلاد والطوائف التي اقترعت.