الأجواء المرافقة لليوم التضامني الطويل مع الجامعة اللبنانية، أمس، رجّحت اتجاه رابطة الأساتذة المتفرغين للسير في تعليق الإضراب المستمر منذ 10 نيسان الجاري. أروقة الرابطة تحدثت عن «إشارات إيجابية» أتت من رئيس مجلس النواب نبيه بري، عبر وزير التربية مروان حمادة، بوضع اقتراح القانون المعجل المكرر الذي يعطي الأساتذة 3 درجات استثنائية على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي ستنعقد قبل نهاية ولاية المجلس الحالي في 20 أيار المقبل. إلاّ أنّ الرابطة فضلت التريث في إعلان الموقف لا سيما أنّه لم يتغير شيء قبل اليوم التضامني وبعده سوى توقيع ثمانية نواب حتى الآن على اقتراح القانون. هل تركن الرابطة مجدداً للإشارات كما ركنت سابقاً لوعود المسؤولين؟ وما هو المخرج الذي ستفك على أساسه التحرك؟ وهل وقائع اليوم التضامني كافية للخروج من مأزق إضراب وضعت الرابطة نفسها به في وقت قاتل؟ وهل تأخذ في الاعتبار كلام رئيس الجامعة فؤاد أيوب الذي حضر متضامناً ومتمنياً تعليق الإضراب لكون «مصلحة الطلاب هي العليا وثمة شعرة صغيرة بين الظلم وعدم الظلم»؟ وهل تستجيب لدعوة الأندية الطلابية المستقلة وحملاتها، وقبلها المجالس الطلابية، لوضع خطة واضحة للتحركات بعيداً عن الإضراب بسبب العواقب المحدقة التي يتحمل نتيجتها الطالب؟
الجواب على هذه الأسئلة في الساعات المقبلة حيث ينتظر تسجيل اقتراح القانون في قلم مجلس النواب، وانتظار مزيد من «الإشارات» من جلسة مجلس الوزراء اليوم، يعقبها اجتماع للهيئة التنفيذية للرابطة لاتخاذ الموقف الحاسم.
ثمة من تذكر، أمس، ما حصل في الإضراب الشهير للجامعة في أيلول ــــ تشرين الأول 2011. يومها، لم تعلق الهيئة التنفيذية للرابطة إضرابها الذي استمر 50 يوماً، إلاّ بعد إقرار مجلس الوزراء مشروع الاتفاق على سلسلة رتب ورواتب الجديدة، والتأكد من شمول السلسلة للمتقاعدين، وأخذ موعد في اليوم نفسه من بري للمطالبة بالإسراع في مناقشة مشروع القانون في اللجان النيابية.
الأساتذة المتقاعدون من الجامعة حضروا إلى مقر الرابطة متضامنين أيضاً، لكنهم أبدوا تحفظهم على اقتراح القانون، إذ لا ذكر فيه لحقوقهم، على غرار المتقاعدين في القطاعات الوظيفية الأخرى.
وبدا لافتاً حضور ممثلين عن الأندية الطلابية المستقلة في الجامعة (نادي سما، نادي نبض الشباب، نادي راديكال، حملة الوضع مش طبيعي، واتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني). وقد أعلن هؤلاء في بيان مشترك تلوه من أمام مقر الرابطة، حرصهم على وحدة الجامعة، أساتذة وطلاباً وموظفين، وحصانتها في وجه الفساد السياسي، كما آزروا الطلاب المعتصمين داخل حرم الجامعة منذ 21 نيسان، وشددوا على مطالبهم لحين عودة الحياة الجامعية والرجوع إلى مقاعد الدراسة.
ورأت الأندية أن رابطة الأساتذة أهملت ما واجهته الجامعة مسبقاً من تحديات، بدءاً من ملف التفرغ وتعيين العمداء ووقف التوظيف وملف تعدد الاختصاصات وخفض موازنة الجامعة، وتقاعست عن إشراك الطلاب في الآلية التي سبقت الإضراب. وأكدت أن تضامن الطلاب مع حق الأساتذة باستقلالية صندوق التعاضد وبالدرجات الثلاث وتضامن الأساتذة مع حق الطلاب بمتابعة الدراسة هو الحل الوحيد لانتزاع الحقوق.


جامعيو «الشيوعي»: لمحاسبة القيادات النقابية
مع دخول إضراب الجامعة اللبنانية أسبوعه الثالث، دعا قطاع الأساتذة الجامعيّين في الحزب الشيوعيّ اللبناني، الأساتذة إلى المحافظة على هيئتهم النقابيّة والدفاع عن استقلاليّتها، وتصويب مسار تحرّكها، عبر صوغ قراراتها، ومراقبة تنفيذها، ومحاسبة قياداتها، ونزع الثقة عنهم، أو التجديد لهم. وفي بيان أصدره أمس، أشار القطاع إلى أن التحرك الذي ينفذه الأساتذة بدعوة من رابطتهم أدى الى اتهامات تتبادلها القوى السياسية المتمثلة في الرابطة، في بياناتها، مستخدمة التخوين وضرب ما يسمونه بـ «العيش المشترك» و«الميثاقية»، «وكأنّ هذه المصطلحات وُضعت للتآلف بين أحزاب السلطة، ومحاصصة هيئاتها النقابيّة، من دون الاكتراث إلى مصير الجامعة، ومطالب أهلها، من أساتذة وطلاّب وموظفين».
في الشكل، رأى جامعيو الحزب أن الرابطة تأخرت في إعلان الإضراب. وكان الأجدر أن يترافق التحرك مع جلسات مجلس النواب التي ناقشت الموازنة، وخرجت بالمحافظة على حقوق القضاة، «ما اضطر الرابطة، بعدما «شربت المقلب»، إلى التحرّك في الوقت القاتل، لتجابَه من أهل السلطة ذاتها، بأنّها تعطل العام الدراسيّ، ما يؤسّس لتناقض بين الطلاب وأساتذتهم، ويهدّد ما هو مشترك بينهم، ويولّد تناقضاً لا مصلحة للجامعة فيه».
في المضمون، رأى القطاع أنّ اهتمام الرابطة اقتصر على المطالبة بالدرجات الثلاث، وأغفل المطالب المتعلقة بالحفاظ على الجامعة، والمكاسب التي حقّقها طلابها بنضالاتهم منذ أواخر الستينات واوائل السبعينات، ثم طورها وانتزع استقلاليتها أساتذة اوائل مثل نزار الزين وصادر يونس وحسن مشرفية وجيلبير عاقل، ومجددون من أمثال عصام خليفة وخالد حدادة وشربل كفوري وغيرهم عشرات النقابيين. الجامعيون طالبوا بإعادة الاعتبار للجانب الأكاديمي ورفض التعميم رقم 3 الذي يتضمن «الميثاقية» لأن الجامعة تخضع لقوانين خاصة باعتبارها مؤسسة عامة، «فالتوازن الصحيح هو ما يحفظ مستواها، والتعطيل بحجة المناصفة يبقى عائقاً أمام تطوّرها وينال من جودة التعليم فيها ويضرب كيانها».