بعد أقل من شهر على الزيارة الانتخابية الأولى إلى عكار والتي دامت أربعة ايام، جاءت الزيارة الانتخابية الثانية للأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري إلى عكار، يومي الجمعة والسبت الماضيين مخيبة للآمال أيضاً، فيما أصابت زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل العكارية في خطابها العكاري.لم ينته موسم إعلان اللوائح في عكار، على رغم اقتراب موعد الانتخابات. أيضاً، يركز الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري على منطقة الشمال من ضمن توجه قيادي يقضي بالتركيز على الشمال، خصوصاً على دائرتيه الأولى والثانية. هذه المرة، زار الحريري مناطق الدريب الأوسط والأعلى ووادي خالد وجبل أكروم التي ينتمي إليها المرشحون هادي حبيش ومحمد سليمان، والتي يواجه فيها كلاهما عقبات، خصوصاً النقمة الظاهرة ضد ابن بلدة القبيات في جبل أكروم، بسبب التعاطي السلبي مع عدد من فاعلياتها طوال فترة ولايته النيابية، فضلاً عن النقمة داخل تيار المستقبل على اختيار سليمان (أبو عبدالله) والتي سبق أن ترجمت اعتراضاً علنياً من كوادر المستقبل، كون هذا المرشح لا ينتمي إلى عشائر وادي خالد، «هو سوري الجنسية قبل أن يحصل على الجنسية اللبنانية ومن عرب الخراشين في سوريا»، وفق رواية الرافضين لترشيحه. زد على ذلك، وجود منافسة قوية بين سليمان ومرشح لائحة «عكار القوية» النائب السابق محمد يحي «الذي راكم الكثير من الخدمات في المنطقة، بعكس سليمان» على حد تعبير المعترضين أنفسهم.
الحريري أحاط نفسه مجدداً بمرشحي عكار، الذين لا يلتقون إلا بوجود أمينهم العام، فمعركة الصوت التفضيلي أدت إلى حالة تنافر داخل الفريق السياسي الواحد. وكالعادة شابت الزيارة ثغرات تم تداركها في بعض البلدات بسبب كثرة العاتبين والناقمين على اختيارات المرشحين، كما لم يغب اسم معين المرعبي (المعترض على خيارات الحريري والذي أعلن مقاطعته العملية الانتخابية) عن لسان فعاليات عكارية أبرزها رئيس اتحاد بلديات جبل أكروم السابق علي إسبر، الذي تعمد القول خلال استقباله أحمد الحريري إن معين المرعبي «قدم للمنطقة ما لم يقدمه أحد إليها من قبل».
رئيس دائرة الأوقاف: خائن كل من يصوّت للوائح المعارضة لـ «المستقبل»


تقبل الحريري الانتقادات، ساعياً إلى الشرح والاستيعاب، إلا أن الصدمة جاءته هذه المرة من حيث لم يكن يتوقع. جاءت على لسان رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ مالك جديدة، الذي أراد تلميع صورة المستقبل، فاستغل حفل عشاء أقيم بدعوة من مستشار الرئيس الحريري خالد الزعبي في بلدة مشحا، فاتهم كل من لا ينتخب لائحة المستقبل في عكار بـ «الخيانة»، واسترسل في الكلام مشيداً بجهود وليد البعريني في تأمين تغطية أمنية، أو صبة باطون، وغيرها من الخدمات الخاصة، وسط ضحك الحضور. وختم جديدة كلامه بالقول: «والسماء والطارق وهذا الطارق (المرعبي) ابن تلك السماء طلال المرعبي». وما أن انتشر الفيديو، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الاستنكار والغضب، وبمطالبة مفتي الجمهورية وجوب اتخاذ إجراءات مسلكية بحق بعض أصحاب العمائم، ممن هم على شاكلة جديدة.
وعلم أن جديدة استبق ما أعلنه بالقول للمتحلقين حول مأدبة الطعام إنه سيقول كلمات «ستهز لبنان وتقلب المقاييس ولن يكون ما قبلها كما ما هو بعدها»، وكان يقصد بذلك تحديداً تخوين من ينتخبون اللوائح الأخرى، الأمر الذي أثار موجة غضب واعتراض ضد جديدة. ورأى أحد المحسوبين على تيار المستقبل أن جديدة أراد رفع اسهمه لدى آل الحريري بهدف كسب منصب في الإفتاء، علماً أن معركة الإفتاء في عكار محصورة بين المفتيين السابقين الشيخ زيد بكار زكريا، والشيخ أسامة الرفاعي، إلا أن جديدة أراد تسليف الحريري موقفاً سياسياً فأسقطه أرضاً».
وبعكس الخطاب التخويني لتيار المستقبل في عكار، نجح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في إزالة حواجز بين التيار وبين المرشحين من بقية التوجهات السياسية وتحديداً الجماعة الإسلامية، فقال خلال إعلانه «لائحة عكار القوية» يوم السبت في منطقة الكواشرة: «إننا لسنا حزب السلطة، نحن تيار الجمهورية، وأكثر من ذلك نحن تيار رئيس الجمهورية الذي هو على علاقة مع كل اللبنانيين». ورد على الانتقادات الموجهة للتحالف القائم بين التيار الحر والجماعة الإسلامية، فأكد «أننا سنتواصل مع كل اللبنانيين وتيارنا ليس له أي مشكلة دم مع أي أحد من اللبنانيين، لم نحارب أحداً ولم نقاتل أي أحد، ولم نسرق أحداً وليست لدينا أية مشكلات مع المسيحيين ولا مع الشيعة ولا مع السنة ولا مع العلويين ولا مع الدروز». وسارع مرشح الجماعة الإسلامية محمد شديد للرد بالمثل، فقال: «إننا مرشحو العهد، مرشحو عهد الإصلاح والتغيير وهذا ما يلزمنا في عكار».