عندما أبلغ المركز التربوي للبحوث والإنماء إدارة ثانوية الصادق في عيتيت (صور) أنّها اختيرت ــــ ضمن عينة عشوائية ــــ للاشتراك في مسابقة علمية استعداداً للاختبار الدولي لتقييم قدرات التلامذة «PISA»، تبلّغت الإدارة أن المسابقة ستتضمن أسئلة في الرياضيات والفيزياء لقياس النمو الفكري لدى التلامذة. إلاّ أنها فوجئت، في ما بعد، باستمارة مرفقة تستصرح الطلاب في مسائل شخصية لا صلة لها بأهداف المشروع. في التفاصيل التي يرويها المدير العام للمدرسة علي شعيتو أنّ مندوب المركز التربوي حسن أبو صالح «حضر إلينا بناءً على موعد مسبق، وفي حوزته المسابقات وقد طبعت عليها أسماء 23 طالباً في سن الـ 15اختارهم المركز للمشاركة في الاختبار». لم تفهم الإدارة لماذا اختيار هذه العينة من الطلاب بالذات، إلاّ أنها لم تعر الأمر أهمية. وطلبت، بحسب شعيتو، من المتبارين دخول الصف للمباشرة بالاختبار تحت مراقبة أبو صالح مع أستاذ من المدرسة.
المفاجأة كانت عندما خرج عدد من الطلاب من الصف بعيد ساعة على بدء الامتحان، متذرعين بالتوجه إلى الحمام. لكنهم توجهوا مباشرة إلى المديرة التنفيذية، وأبلغوها أن المسابقة تتضمن استمارة مشبوهة. إذ لم يجد هؤلاء علاقة بين قياس النمو الفكري والإدلاء بمعلومات عن عمل آبائهم وأمهاتهم وما إذا كانوا يقاطعون منتجات معينة لأسباب سياسية، وما إذا ما كانوا يتهمون جهة محددة في لبنان بالمسؤولية عن الأزمات فيه، ناهيك عن أسئلة من نوع ماهية عمل الآباء وعدد الغرف في منازلهم وما إذا كانوا يمتلكون هاتفاً أواتصالاً بالانترنت وغيرها.
يقول شعيتو إنّه بعد تبلغه الخبر من المديرة خشي من «مطب» أمني، فطلب من التلامذة تمزيق الأوراق، لكون «الاختبار يستهدف جمع داتا لا نعرف ما إذا كانت لغايات تربوية أم سياسية»، سائلاً: «من يحمي حقوق الطلاب الفردية والقانونية ويضمن عدم استخدام الداتا الخاصة بهم». وأضاف: «لمسنا نهجاً استخبارياً يخرج عن المشروع المتفق عليه مع المركز، خصوصاً أن نحو نصف عينة الطلاب المنتقاة يعمل آباؤهم في صفوف المقاومة» ما جعله يعتبر الموضوع «مسّاً بأمن أهلنا ومقاومتنا».
رئيسة المركز التربوي ندى عويجان نفت لـ«الأخبار» أن تكون قد تلقت شكوى من أي مدرسة حيال الاختبار الذي يجري في 320 مدرسة رسمية وخاصة، في محاولة لقياس قدرات التلامذة في مجالات محددة، ضمن الاختبار الدولي«PISA» الذي يشارك فيه لبنان للمرة الأولى. ويتم التقييم على نطاق عالمي كل ثلاث سنوات تحت إدارة منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD) في 72 دولة. أما التقييم فيتناول، بحسب عويجان، الناحيتين التعليمية والاجتماعية، والبعد الثاني هو ما يبرر وجود هذه الأسئلة الشخصية، كما تقول.
وأكدت عويجان أن «الدراسة والامتحانات المرافقة لها لم تكن ملزمة لأي مؤسسة تعليمية، إذ سبقت إجراءها دعوة مندوب من كل مدرسة إلى اجتماع عام في المركز لاطلاعهم على هدف الدراسة، مضمونها، وكيفية ملئها، وكيفية التصرف في حال عدم الرغبة على الإجابة عن بعض الأسئلة (شطب السؤال مثلاً). إلاّ أنّ إدارة ثانوية الصادق، لم تلب الدعوة للاجتماع وهو ما أحدث هذه المشكلة معهم فقط».