نهاية أسبوع حافلة بالأحداث الداخلية والخارجية عاشتها بيروت، التي استيقظت فجر أمس على خبر اختراق صواريخ «مجهولة الهوية» للأجواء اللبنانية، استهدفت مطار «تي فور» العسكري في ريف حمص في سوريا. غيرَ أن أصواتها التي سُمعت في مناطق لبنانية حدودية، لم تحجب هدير المحركات الانتخابية على مسافة أقل من شهر من موعد انتخابات نيابية يُرجّح أن تليها مرحلة مُعقدة، لا بل متشابكة المسارات رئاسياً وحكومياً ونيابياً.ولم يكد مؤتمر باريس 4 الذي تغنّى بنجاحه الباهر رئيس الحكومة سعد الحريري ينتهي، حتى بدأت تخرج إلى العلن الانطباعات السيئة حيال المسار التنفيذي للبرنامج الاستثماري بعد الانتخابات النيابية، ولا سيما أن الدول والمؤسسات والصناديق المانحة ربطت وعودها المالية بآلية رقابة «تضمن» الإصلاحات المنشودة، وفي طليعتها الخصخصة في العديد من القطاعات الخدماتية الحيوية. وفيما أشاد رئيس الجمهورية ميشال عون بنتائج المؤتمر، كان لافتاً للانتباه الموقف الانتقادي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير في مدينة النبطية، وهو خطاب استوجب ردّاً من مستشار رئيس ​مجلس الوزراء الاقتصادي​ ​نديم المنلا​، قال فيه إن حزب الله «كان مطلعاً على جميع تفاصيل البرنامج الاستثماري، ونحن بنظام ديمقراطي، وأي مشروع يحصل على أغلبية التصويت سيسير».
وفيما كان لافتاً صمت الحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية وعدم اتخاذهما موقفاً واضحاً من الاعتداء الإسرائيلي على سوريا من الأجواء اللبنانية، تتجه الأنظار إلى القمة العربية التي ستعقد في السعودية في الخامس عشر من نيسان الحالي، ويشارك فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على رأس وفد رسمي يضمّ رئيس الحكومة سعد الحريري وعدداً من الوزراء والمستشارين، بالإضافة إلى سفير لبنان في السعودية.
عون الذي تلقى قبل أسبوع دعوة رسمية إلى القمة، من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أكد في حديث مع محطة «تي في 5» الفرنسية أن «المملكة دولة صديقة». ورأى أن «ما حصل بين البلدين منذ فترة كان عرضياً»، في إشارة إلى اختطاف الحريري وإجباره على الاستقالة في الرابع من تشرين الثاني 2017.
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن الحريري، الذي التقى أمس في باريس الملك المغربي محمد السادس وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم ينجح في تأمين لقاء بينه وبين العاهل الأردني عبد الله الثاني على هامش قمة الرياض، فتقرر مبدئياً أن يزور عمان في موعد يسبق موعد انعقاد مؤتمر بروكسيل في الرابع والعشرين من نيسان، والمخصص لبحث موضوع النازحين السوريين تحت عنوان: «دعم مستقبل سوريا والمنطقة».


وعشية هذا المؤتمر، قال عون خلال مقابلته المتلفزة نفسها إنه «يمكن النازحين السوريين العودة إلى بلادهم، بعدما انحصرت المواجهات العسكرية في جيوب صغيرة معينة»، مشيراً إلى أن المساعدات الدولية لهم محدودة جداً وقليلة، «وتصلهم بشكل مباشر دون المرور بالدولة اللبنانية».
بدوره، قال وزير المال ​علي حسن خليل،​ إن حجم المساعدات الدولية للبنان خجول جداً مقارنة بأعباء النزوح السوري، مشيراً إلى أن تقدير البنك الدولي حدد حجم الأعباء التي تحمّلها لبنان من النزوح لغاية ٢٠١٦ بـ ١٨ مليار دولار، موضحاً أن ما قُدِّم لم يدخل منه دولار واحد إلى الخزينة اللبنانية.
اشتباك جنبلاطي ـــ أرسلاني
في هذه الأثناء، كان لافتاً في «الويك أند» المنصرم، توجيه الوزير طلال أرسلان رسالة هي الأولى من نوعها إلى النائب وليد جنبلاط، قال فيها: «لقد جعلت الناس على قناعة بأنك دائماً على حق في كل ما تقول وتعمل حتى أصبحنا في وضع لا أحد في طائفتنا الكريمة يحسد عليه، ووصلت الأمور بأن الكثيرين من الداخل والخارج يعتبرونني شريكاً معك في لعبة الاحتكار أو حتى في لعبة المصالح التي تجيدها أنت بامتياز ولا أدّعي يوماً أني أودّ أو أرغب في النجاح بها». وفي ردّه على رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، غرّد جنبلاط، مغادراً لياقاته التقليدية مع أرسلان قائلاً: «لا داعي للدخول في مساجلة مع أمير الوعظ والبلاغة والحكم .أما وأنني على مشارف الخروج من المسرح، أتمنى له التوفيق مع هذه الكوكبة من الدرر السندسية والقامات النرجسية».
وفي وقت لاحق، انضم رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، إلى «المنازلة الانتخابية» من موقع «الخبرة»، فقال موجهاً كلامه إلى أرسلان: «إن الاستجداء في السياسة لا ينفع، وهناك مثل في حاصبيا يردده أهلها وربما يذكرك به الأمير مفيد شهاب، وهذا المثل يقول: «الحق على قد طالبو» وأنت تعرف ليس في هذه الدنيا حق إلا إذا كان صاحبه قادراً على الحصول عليه»، وخاطبه: «شبعنا بطولات وهمية وعنتريات».
خليل: حجم مساعدات المجتمع الدولي للبنان خجول جداً مقارنة بأعباء النزوح السوري


وفي رسالته إلى جنبلاط، قال وهاب: «جميل أن تستعير من الأديب جبران خليل جبران توصيفات «النور المظلم والعتمة المنيرة»، لقد كنت أحسب أنك لم تحفظ من أقواله إلا جملته الشهيرة «لا أريد شيئاً، وأريد كل شيء».
سجال بين السنيورة وصفا
من ناحية أخرى، ردّ الرئيس فؤاد السنيورة على كلمة السيد حسن نصرالله في مهرجان النبطية، وخصوصاً لجهة قوله إن رئيس الحكومة في حرب تموز 2006 (السنيورة) أعطى قراراً لقيادة الجيش اللبناني في قلب الحرب بمصادرة أي شاحنة آتية من البقاع إلى الجنوب تحمل السلاح والذخائر والصواريخ إلى المقاومة، وتمت مصادرة الشاحنة الأولى. في رده، اتهم السنيورة نصرالله بأن ذاكرته قد خانته، وأحاله على بيان قيادة الجيش اللبناني الصادر في 12 آب 2006 وكان العدوان الإسرائيلي لا يزال مستمراً على لبنان، وجاء في نصه: «تؤكد قيادة الجيش أنها لم تتلقّ أمراً من رئيس الحكومة بمصادرة سلاح المقاومة».
وسارع مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا، إلى الرد على السنيورة في حديث تلفزيوني، قائلاً له: «حين اتصلت خلال حرب تموز 2006 بقائد الجيش آنذاك (العماد ميشال سليمان) لأسأله عن شاحنة السلاح (المصادرة)، قال لي: لا تحرجني، الموضوع عند السنيورة»، وسأل صفا السنيورة: «من منكما يقول الحقيقة يا دولة الرئيس؟».