لم تعد ملاك (مواليد ١٩٨٧) تُطيقُ العيش مع زوجها فؤاد. بات وجود والد أطفالها السبعة ثقلاً لا يُحتمل، تريد التخلّص منه، قتلاً. رأت أنّ تلك هي الطريقة الوحيدة لإبعاده عن الطريق، لتبدأ حياة جديدة، لا سيما بعدما افتُضح أمرها أمامه، إذ إنّها كانت تسرقه. لهذا بدأت تُخطِّط للجريمة مع عشيقها وشقيقها. سمعها صبي يعمل لديهما (هي وزوجها)، يدعى نور، تتحدث مع عدة أشخاص، ومنهم والدتها وعشيقها وأحد أشقائها عن ضرورة التخلص من زوجها وقتله، فأبلغ الزوج بنية زوجته قتله. طلب الزوج منه التقرّب منها لكشف مخططها. وبالفعل، تبيّن أنّها تبحث عن قاتل لتنفيذ الجريمة. طلبت من شقيقها تأمين أشخاص لقتل زوجها، فاستمهلها أياماً لتأمين شخصين لتصفية الزوج جسدياً والتخلص منه. تأخر الشقيق، فبحثت الزوجة عن البديل، وسألت نور عمّا إذا كان يعرف أحداً يستطيع القتل. أوهمها نور بأنّ في إمكانه العثور على من يُنفّذ المهمة مقابل عشرة آلاف دولار. نقدته دفعة على الحساب، طالبة إليه إخفاء الجثة عبر حرقها ودفنها. هذا ما ورد في متن الادعاء الذي تقدم به المحامي بلال الحسيني، وكيل الزوج فؤاد ك. في مقابل إفادة الزوجة التي اعترفت بالتخطيط لقتل زوجها، عازية الأسباب إلى تفاقم الخلافات وخيانته لها وتعنيفها، قبل أن تدّعي أنّها تعاني من أمراض عصبية. فماذا حصل فعلاً؟
وكيل الزوجة: كانت تتعرض للخيانة والتعنيف وتعاني من أمراض نفسية

بدأت القصة منذ عدة سنوات. أقنعت ملاك زوجها بمتابعة أعماله وإدارة شؤونها لكونه كثير السفر. أتاح لها ذلك التواصل مع الزبائن الذين كانوا يشترون البضائع من مؤسسته. ومنذ أشهر، اكتشف الزوج وجود نقص في البضائع وحصول فروقات دائمة في الحسابات بين المقبوضات والمبيع. عندها بدأ التدقيق في الحسابات والفواتير. ترافق ذلك مع أخبار كان ينقلها إليه أحد الموظفين الذي يعمل في مؤسسته عن أن زوجته في اتصالاتها مع بعض الزبائن تطلب اليهم عدم إطلاع زوجها على الفواتير. كذلك أخبره أنها تجري اتصالات حميمة مع المدّعى عليه تامر ض. فطلب اليه المدّعي متابعة تصرفاتها وإطلاعه عليها. وبعد ذلك سمعها الموظف المذكور، ويدعى نور الدين ب.، تتكلم عبر الهاتف مع شقيقها المدّعى عليه أشرف د. وأطلعته على رغبتها في قتل زوجها عبر تكليف اشخاص لهذه الغاية مقابل مبالغ مالية. أبلغ نور الزوج بنية زوجته. وبحسب معلومات «الأخبار»، أبلغ الأخير تحرّي بعبدا ليبدأ التنسيق مع الجهاز الأمني لمتابعة القضية. في هذه الأثناء، وعوضاً من تكليفها أشخاصاً لا يعلم عنهم الزوج شيئاً، أبلغها الموظف أنّه يعرف شخصاً بإمكانه تنفيذ المهمة. فزوّدها برقم شخص يدعى محمد ع. لتتفق معه على قتل زوجها مقابل مبلغ مالي (قرر الزوج ونور إرشادها إلى «قاتل مأجور» وهمي خشية أن تجد واحداً حقيقياً)، وطلبت منه مراقبة زوجها بعد أن زوّدته بكافة التفاصيل حول تحركاته والأمكنة التي يوجد فيها. لم تنتظر طويلاً حتى بدأت الخطوات التنفيذية لعملية القتل. فقد أرسلت إليه مبلغاً من المال عبر الوسترن يونيون لشراء مسدس واستئجار سيارة بعد تزويدها بزجاج حاجب للرؤية لتنفيذ الجريمة. وقد دفعت للمدعو محمد ع. مبلغ الف ومئتي دولار أميركي ثمناً للمسدس. طلبت ملاك من محمد قتل زوجها ونقله بسيارته الى مكان في الشوف حدّدته له، مشيرة عليه بإحراق السيارة والجثة فيه وتركها تنزلق الى الوادي كي يظهر الامر كما لو أنه حادث. وقّتت للجريمة في عيد الحب، وأخبرت شريكها وشقيقها بأنها «تحضّر مفاجأة الفالانتاين» لزوجها. وفي الموعد المحدد، أوهمها محمد بأنّه نفّذ الجريمة وقتل زوجها. ثمّ سلّمها دفتر الشيكات، فحررت شيكين بخط يدها مزوّرة توقيع زوجها، وقيمة كلّ منهما خمسة آلاف دولار أميركي مسحوبين على حسابه في بنك لبنان والمهجر ـــ فرع عرمون، وسلمتهما لمحمد بواسطة الموظف المدعو نور.
وعلى الفور، قصدت ملاك مخفر السعديات لإبعاد الشبهات عنها للادّعاء بفقدان زوجها. وهناك أدّت دور المرأة الثكلى. فقد حاولت المدّعى عليها ملاك التمويه والتغطية على ما فعلت، فتقدمت بشكوى، زاعمة أن زوجها مفقود، محاولة الإيحاء أنه تعرض للتهديد سابقاً من قبل امرأة من آل زعيتر. لعبت دور المحزونة على زوجها الذي خطّطت وحرّضت على قتله. لم تكن مسرحيتها أمام القوى الأمنية فحسب، بل أخبرت أولادها أنّ والدهم «عم يموت»، لإعدادهم نفسياً لخبر موته. لكن لحسن حظ زوجها لم تسر الأمور وفق المخطط. فقد تقدّم الزوج فؤاد بشكوى قضائية ضدّها، مرفقاً الدعوى بالأدلة والتسجيلات الصوتية والشيكات المزوّرة التي حرّرتها وشهود بينهم القاتل المفترض. ولم يمر وقت لتعترف بتخطيطها لقتل زوجها بالتنسيق مع عشيقها وعلم شقيقها.
تم الادّعاء عليها وعلى شريكها بالشروع في القتل والتحريض والتخطيط له، وأحيلا على قاضي التحقيق.
ومنذ أيام، أصدر قاضي التحقيق في بعبدا زياد مكنّا قراره الظني في القضية، طلب فيه عقوبة الإعدام بحق الزوجة، معتبراً فعل المدّعى عليها يشكل الجناية المنصوص عليها في المادة ٢٠٠/٥٤٩ من قانون العقوبات، لكنه منع المحاكمة عن عشيق الزوجة وشقيقها لعدم توافر النية الجرمية وعدم التدخل في جريمة محاولة القتل. لقد اعتبر قاضي التحقيق في متن قراره الظني أن الخلافات بين المدّعي فؤاد وزوجته المدّعى عليها دفعتها إلى التخطيط لقتله، وقد باشرت بما يلزم من أعمال لبلوغ غايتها الجرمية، فطلبت الى شقيقها معاونتها في تأمين أشخاص لتنفيذ الجريمة، وعندما لم تصل الى مبتغاها منه، لم تعدل عن قرارها، بل ظلت تعبّر عن نيتها بالقتل والبحث عمّن ينفذ جريمتها، حتى وجدت محمد وزوّدته بخطة كاملة لتنفيذ الجريمة وبأموال لشراء المسدس أداة للجريمة، ومبلغ يتقاضاه كأجر على ذلك. وعلى الرغم من قيامها بكل التخطيط وبالاعمال الرامية الى تحقيق غايتها الجرمية، لم تستطع بلوغ النتيجة لسبب خارج عن إرادتها، يتمثل في عدم تنفيذ الجريمة من قبل المدعو محمد ع. الذي كان متفقاً مع الزوج، عبر نور، على عدم ارتكاب الجريمة. ولفت قاضي التحقيق إلى عدم وجود نية في الاصل لدى محمد ع. لتنفيذ الجريمة، مشيراً إلى أنّ النية الجرمية بالقتل العمد متوافرة لدى الزوجة، وقد نشأت من دون أي استدراج من أحد، لا سيما المدّعي الذي علم لاحقاً بهذه النية.
ولدى اتصال «الأخبار» بوكيل الزوجة المحامي معن الأحدب قال: «بالتأكيد لا شيء يُبرر ما أقدمت عليه ملاك، وقد اعترفت بالتخطيط للجريمة، لكنه لم يكن بلا سبب. لقد كانت تتعرض للخيانة والتعنيف. وملاك تعاني من أمراض نفسية وعصبية».