لم تمنع الأمطار، أمس، نحو ثلاثين شاباً وشابةً من الوقوف في الجديدة ــــ المتن تضامناً مع لينسا. ألصقوا أفواههم بشريط أسود لاصق تعبيراً عن الصمت الذي تُجبر على ممارسته، ولفّوا أرجلهم بأربطة بيضاء تعبيراً عن رجليها المكسورتين.«أنا لينسا»، «أوقفوا الكفالة»، «حقوق الإنسان الأساسية ليست ترفاً» وغيرها، شعارات حملها المتضامنون اللبنانيون والأجانب أمام «مقر» عمل العاملة الأثيوبية المعنّفة التي انتشر شريط فيديو، على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام، يظهرها على سرير أحد المستشفيات وهي تروي وقائع التعذيب الذي تعرّضت له حيث تعمل. الناشطون الذين أتى بعضهم من جمعيات حقوقيّة لبّوا دعوة صفحة «هذا لبنان» (this is Lebanon) على «فايسبوك» التي تعنى بالانتهاكات التي تتعرض لها العاملات الأجنبيات في لبنان. قالت إحدى المتضامنات «حان الوقت لنتكلّم جديّاً في الموضوع، ربما علم الناس بقصة لينسا لأنها تعمل لدى أشخاص مشهورين، لكن هناك غيرها الكثير من العاملات اللواتي يعانين مثلها من دون أن نعرف بهنّ».
في الوقفة التي استمرّت أكثر من ساعة دان المتضامنون الانتهاكات الجسدية والنفسية التي تتعرّض لها العاملات ونظام الكفالة الذي يقعن ضحيّته. وألقت الناشطة هنادي ناصر بياناً دعا إلى إنهاء نظام الكفالة، وطالب النائب العام في جبل لبنان بإعادة فتح ملف لينسا والتحقيق معها بعيداً عن ضغوطات كفيلها.
في الشريط المصور المترجم إلى الانكليزية، روت لينسا، بلغتها، كيف كانت العائلة التي تعمل لديها تسيء معاملتها، وتحدثت عن الضرب والتعذيب اللذين تعرّضت لهما مع زميلة لها منذ قدومها الى لبنان في تموز الماضي. تحدثت عن زميلة ثالثة تعمل لدى العائلة نفسها كانت تشي بهما إن حاولتا التواصل مع سفارة بلدهما. وقالت إنها وزميلتها، المعنّفة هي الأخرى، لم تجدا إلا «البلكون» طريقاً للخروج. قررتا المغامرة. لكن الكسور التي لحقت بلينسا إثر سقوطها منعت صديقتها من اللحاق بها. أدخلها «كافلوها» المستشفى لتلقّي العلاج في الحادي عشر من الشهر الجاري، لكنهم لم يسمحوا لمندوب من جمعية «كاريتاس» بمقابلتها على انفراد. أُخرجت من المستشفى إلى منزل معنّفيها، مكرهة على الأغلب، ولم تتمكن قريبتها التي صورتها من التواصل معها بعد ذلك. يقول الجيران إن العاملات الثلاث يعملن لدى العائلة المؤلفة من أربعة أشخاص، وإنّهم نادراً ما كانوا يرون أياً منهن. أمس، أيضاً، لم يرَ أحد لينسا أو أياً من زميلتيها. لكنها، بالتأكيد، كانت تسمع اسمها يتردّد عبر مكبّر الصوت: «نحنا معك يا لينسا». أمس، ربما شعرت للمرة الأولى منذ قدومها الى هذا البلد «الجميل»، أنها ليست وحيدة.