كان القانون 25/2008 يعتبر أن الأوراق البيضاء تُعَدّ تصويتاً صحيحاً ولا تُحتسَب من ضمن الأوراق الباطلة، وكانت هذه القاعدة معتمدة في ظلّ النظام الأكثري بحيث إن احتساب الأوراق البيضاء للمقترعين لا يؤثر بتوزيع المقاعد، وذلك مهما كانت نسبة الأوراق البيضاء. فمثلاً في انتخابات بعبدا ـ عاليه الفرعية (2003)، بلغت نسبة الأوراق البيضاء والملغاة 2.6% من إجمالي المقترعين، وهي نسبة مرتفعة جداً، ودائماً ما يكون الامتناع عن التصويت أو الاقتراع بورقة بيضاء بمثابة تعبير عن موقف سياسي متمثل بعدم رضى الشعب عن السياسات التي تنتهجها القوى المشاركة في الانتخابات.لكن مع تغيير نظام الاقتراع واعتماد النسبية، فإن احتساب الأوراق البيضاء إذا كانت نسبته مرتفعة ومتجاوزة للحاصل الانتخابي، فإن هذه الأوراق ستحجب مقعداً نيابياً، مثلاً: لو كان عدد المقترعين 12000 مقترع لدائرة من ستة مقاعد، بحيث نالت لائحة (أ) 6000 صوت، ولائحة (ب) 4000 صوت، وكان هناك 2000 ورقة بيضاء، فهذا يعني أن اللائحة (أ) حصلت على ثلاثة مقاعد واللائحة (ب) على مقعدين، وبقي مقعد استحال إسناده لأي لائحة، لأن الأوراق البيضاء حجبته عن اللائحتين المتنافستين.
ولهذا فإن المادة 103 من قانون الانتخاب التي تنصّ على أن تعتبر الأوراق التي لم تتضمن أي اقتراع للائحة وللأصوات التفضيلية أوراقاً بيضاء تحتسب من ضمن عدد أصوات المقترعين المحتسبين.
فهذه المادة يجب أن تفسّر على أنها تعني احتساب الأوراق البيضاء ضمن المجموع العام للمقترعين أو على الأكثر عند الاحتساب الأول الذي يسبق إخراج اللوائح التي لم تنل الحاصل الانتخابي.
وما يعزز هذا التفسير أن قانون الانتخاب (الفقرة 3 من المادة 99) أخرج من الاحتساب التصويت الصحيح للوائح التي لم تنل الحاصل الانتخابي. فكيف نحذف أصوات ناخبين اقترعوا للوائح مشاركة في العملية الانتخابية، وفي ذات الوقت، ندخل في الاحتساب المقترعين بالورقة البيضاء؟
إن هذا القول يخالف المنطق ويؤدي إلى محاذير غير مقبولة. وبناءً عليه، إن الأوراق البيضاء شأنها شأن الأوراق المقترعة للوائح غير مؤهلة لأن تدخل في الاحتساب عند توزيع المقاعد على اللوائح المؤهلة.
* أستاذ في القانون الدستوري