غالباً، ما يفاخر الرجال في لبنان من أصحاب "الكروش" بتسمية "كرشهم" كرش الوجاهة. ويحدثونك أن هذه "الكروش" دفع عليها الكثير من "القروش"، لكن أن تدفع 50 ألف ليرة لدخول معرض "هوريكا" المختص في مجال الضيافة والخدمات الغذائية فهو حتماً محفّز مقنع للبدء بال Diet. إذاً، افتتح معرض ولقاء "هوريكا" في نسخته الـ 25 تحت عنوان "من لبنان إلى العالم". من المنصف القول إن المعرض يغيب عنه الإبهار، وخاصة في ذكرى اليوبيل الفضي لانطلاقته. لا شيء لافت ومدهش لنغزو به العالم. وهذا لا يعني التقليل من قيمة الموجود، لكن في عصر العولمة والتنافس التجاري على اقتحام الأسواق، لا يوجد ما هو فعلاً فريد من نوعه في المعايير العالمية. ومع هذا، لا يخلو المعرض من بعض الملاحظات الإيجابية وهذا أقل المتوقع.

واجبات
للتوضيح، فإن دخولية الـ 50 ألف ليرة موّجهة فقط للأفراد العاديين ممن لا شأن لهم في مجال الضيافة والخدمات الغذائية. فالمدعوون والمختصون في المجال والعاملون فيه يدخلون مجاناً. لكن، وللسخرية فإن المعرض يختص بالضيافة، وطبعاً تسعيرة باهظة بهذا الشكل لا تعبر عن كرم في الضيافة. أما سبب هذا الرقم المرتفع، فهو أنه "بحكم وجود عارضين يقدمون مأكولات ومشروبات روحية مجاناً، فالكثيرون قد يستفيدون من المناسبة للأكل والشرب، فيما الهدف الأساسي هو ربط الشركات بعضها ببعض".
أما من حيث المشاركين، فغالبيتهم شاركوا في الأعوام الفائتة، وهو ما رأى فيه العديد من الحاضرين أنه نوع من "واجب" و"إثبات حضور" أكثر منه عرض منتجات وخدمات جديدة. فالحضور يبقى، وفقاً لهم، أفضل من عدمه، كما أنه، وفقاً لإحدى السيدات، فرصة "للالتقاء بزملائها من الشركات الأخرى الذين بنت معهم صداقات خلال المعارض السابقة".

دعم صغار المنتجين
إحدى الفوائد للمعرض تكمن في أنه يتيح الفرصة لصغار المنتجين والمصنّعين لعرض بضائعهم ومنتجاتهم وكسب أسواق جديدة وعملاء إضافيين. فبحسب نسيم راجي المعلوف، وهو مصنّع زيت زيتون بكر ممتاز والفائز عن هذه الفئة خلال أعوام 2008 و2010 و2015 و2016، فإن "هوريكا" أتاح له و"هو الآتي من الريف بناء شراكات مع الكثير من المطاعم والفنادق والمؤسسات المحليّة والإقليمية التي ما كان ليحصل على فرصة التواصل معها لولا وجود هكذا معرض".
يتيح المعرض الفرصة لصغار المنتجين والمصنّعين لعرض منتجاتهم وكسب أسواق جديدة


الأمر عينه ينطبق على شركة La Ferme Saint Jacques الوحيدة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط التي تصنّع منتجات البط والتي باشرت العمل منذ عام 2004، إذ يشير مسؤول التصنيع فيها وليد شلهوب إلى أنهم "يشاركون في "هوريكا" للسنة الثامنة على التوالي. وقد خدمهم المعرض لكونه ساعدهم على ترويج بضاعتهم وعقد العديد من الاتفاقيات مع أبرز الفنادق والمطاعم في لبنان والعالم العربي الذين تعرفوا الى الكثيرين منهم من خلال المعرض، حتى باتوا الآن يصدّرون منتجاتهم إلى معظم الدول العربية ويتعاملون مع عدد كبير من السفارات في لبنان، ومن أبرزها السفارة الفرنسية".

حضور أجنبي خجول
يهدف المعرض، كما يبيّن عنوانه، الى أن يكون "من لبنان إلى العالم". لكن أعداد المشاركين الأجانب لا تبدو على قدر الآمال ولا تتماشى مع هذا العنوان العريض. وبخلاف الشركات التركية التي احتلت مساحة واسعة من أرجاء المعرض، لا يمكن الحديث عن وجود أجنبي فاعل وله ثقله.
لكن، على الرغم مما سبق، يبدو أن "هوريكا" نجح في إيصال الرسالة التي يتوخاها إلى الخارج، وهو ما يؤكده مدير المبيعات في شركة SIPSMITH البريطانية المصنّعة للمشروبات الكحولية ماركوس لوفات من خلال قوله إنها "مشاركتهم الأولى في المعرض والتي سيطلقون من خلالها مشروب الـ Gin الذي تشتهر به الشركة في السوق اللبنانية، وذلك نظراً الى الأصداء الكبيرة لهوريكا في الخارج التي شجعتهم على المشاركة".

الجامعات
حضور الجامعات كان بارزاً في المعرض لهذا العام. بحسب الدكتور طانيوس قسيس، عميد كلية إدارة الفنادق في جامعة الحكمة، فإن "هوريكا يساعد القطاع الفندقي والسياحي في لبنان. ومجرد إقامته حاجة ضرورية لإثبات حيوية هذا القطاع وللتأكيد على أن الجامعات في لبنان مؤمنة به وبدوره. ومشاركتنا تهدف إلى تشجيع الطلاب في لبنان على دراسة هذا الاختصاص، رغم الأزمة التي يعانيها نظراً إلى أن المتخرجين في لبنان لا يزالون الهدف الأول لكبريات الفنادق والمؤسسات السياحية في العالم العربي".
من جهته، يشير الدكتور أندري عازوري، منسق الماستير في كلية السياحة في الجامعة اللبنانية، الى "أن مشاركة الجامعة في معرض هذا العام هي الأكثر فعالية بفضل دعم وزارة السياحة وإدارة الجامعة والقيّميّن على المعرض. ويخدمنا هذا المعرض للتعريف بالكلية وبالاختصاصات التي توفرها، وأبرز التحديثات التي عرفتها، وخاصة أننا الكلية الأولى في الجامعة اللبنانية التي اعتمدت اللوح الذكي في الصفوف حتى الآن. كما أن المعرض يساعدنا على التواصل مع الشركات لتأمين فرص عمل لطلابنا".