في حسينية النبطية، اصطف مرشحو حزب الله وحركة أمل في النبطية وبنت جبيل ومرجعيون – حاصبيا، ومعهم أسعد حردان وأنور الخليل وقاسم هاشم، ليقدموا أنفسهم مرشَّحين عن الدائرة الثالثة جنوباً. عملياً، اجتمع نواب ثلاث دوائر سابقاً في الصورة ـ الدائرة نفسها. المتغير اليتيم في الصورة استبدال هاني قبيسي بعبد اللطيف الزين الذي اعتزل العمل البرلماني مع 60 سنة من النيابة.في منزل النائب عبد اللطيف الزين، تبادل البيك والنائب هاني قبيسي ورئيس المكتب السياسي في حركة أمل جميل حايك وعدد من القياديين الحركيين، الابتسامات أمام عدسات الكاميرا. تحلق الحركيون حول بيك شغل النيابة ستين عاماً (منها 26 عاماً برعاية أمل). هدف الزيارة شكر الزين من جهة، والتأكيد أن منزله «سيبقى مقصداً لكل الجنوبيين» من جهة ثانية. لبرّي الفضل في إبقاء البيت السياسي لآل الزين مفتوحاً منذ انتخابات 1992، يوم استقطب عبد اللطيف ضمن كتلته، في مواجهة خطر التحدي مع آل الأسعد، خصوصاً أنها كانت المرة الأولى التي يخوض فيها المعركة الانتخابية بوجههم.
يأسف قبيسي لأنه اقترض من أحد المصارف لشراء شقة في العاصمة لزوم النيابة


يشعر الحركيون بأنهم أدوا قسطهم لآل الزين. للرئيس بري أن يختار توقيت التكريم لعميد مجلس النواب، وهو سيكون تكريماً لبنانياً، وليس جنوبياً. لكن ماذا عن أسباب اختيار هاني قبيسي (أبو حسن)، خلفاً للزين دون سواه؟
في المصيلح، هناك من يقول: «لا يصلح أحد خلفاً للزين سوى قبيسي. سنّ البيك وحالته الصحية تحولان دون استمراره في العمل النيابي». فتحت شهية كثيرين في الحركة، طمعاً بصوت بري التفضيلي لتزكيتهم مكان الزين. لكن بري، تحسباً من أن تتحول المنافسة إلى معارك وأحقاد، وجد في ابن بلدة زبدين (قضاء النبطية) المَخرج الأنسب الذي لا يلقى اعتراضاً. يملك الحركيون تحليلات عدة لقرار نقل قبيسي إلى النبطية. منهم من يرى أن أمل تريد ملء أحد مقاعد النبطية بحركي منظم، وليس بصديق كما كانت حالة الزين، أو كما هي حالة النائب ياسين جابر اليوم. الأهم أن يتفرغ أبو حسن للجنوب، ويعيد، بالتالي، رص الصفوف الخضراء.
ليس خافياً عند الحركيين وغيرهم أن المسؤول العسكري والأمني سابقاً (الجنوب وبيروت الغربية)، «يمون» أكثر من سواه على القواعد. نقله إلى العاصمة سابقاً، أعاد رصّ مجموعات الحركة في الباشورة وزقاق البلاط والمصيطبة، التي اشتاقت لأيام العزّ قبل عام 1992.
طابور من الزوار يؤمّون مقرّ الماكينة الانتخابية لحركة أمل في النبطية. ينتظرون دورهم للقاء قبيسي. بعضهم أصحاب حاجة أو شكوى، والبعض الآخر جاء للقول: «مبروك أبو حسن». مظاهر الابتهاج توحي بأن الأخير فاز مسبقاً. غير أن الزحمة لا ترتبط بالانتخابات، بل بحضور أبو حسن نفسه. عندما كان يشغل منصب المسؤول التنظيمي لإقليم الجنوب في حركة أمل، بالتزامن مع كونه نائباً عن بيروت، كان مكتبه الإقليمي في النبطية قبلة للمحتاجين وطالبي الخدمة.
بعد استقالته من الهمّ الحركي جنوباً، لحق به أصحاب المراجعات إلى بيته في زبدين أو مكتبه في مجلس النواب. لائحة المراجعات تتنوع من خدماتية إلى توظيفية واجتماعية.
لم ينتظر قبيسي لكي يصير رسمياً نائباً عن النبطية حتى يبدأ مهماته. تراه يتنقل بين قصر العدل ودائرة النفوس. يتابع ملف النفايات والكهرباء. صار مفهومه للإنماء مرتبطاً بالتجربة. «في بيروت، يمكن النائب أن يتفرغ للسياسة والتشريع. هناك لا أحد يراجعني بالماء والكهرباء والهاتف. بينما في الجنوب تطلب الناس البديهيات وتصبح النيابة شعبية، حتى إني أشعر بأنني لست نائباً، بل مسؤول شعبة في أمل»، يقول قبيسي العائد إلى مربعه الحركي الأول.
يأسف قبيسي فقط لأنه اضطر إلى طلب قرض سكني من أحد المصارف لشراء شقة في العاصمة لزوم المقعد النيابي هناك، «المهمة لم تدم في بيروت سوى تسع سنوات (2009 ــ 2018)، بينما سيستمر تسديد القرض لثلاثين سنة».