أنجزت دائرة بعبدا تحالفاتها السياسية، فحسمت خياراتها باكراً، وبات يمكن الحديث فيها عن لوائح جدّية. فقبل ثلاثة أيام، وصلت المفاوضات بين القوات اللبنانية من جهة والحزب الاشتراكي وتيار المستقبل من جهة أخرى الى خاتمة «سعيدة»، تكلّلت بالتحالف في كل من دوائر الشوف ــ عاليه، بعبدا والمتن الشمالي.
وعليه، فإن لائحة القوات في بعبدا التي ما كانت ستحصد الحاصل الانتخابي، يمكنها اليوم ــ نتيجة الصفقة المربحة ــ الفوز بمقعد نيابي نتيجة تشكيلها لائحة واحدة مع الاشتراكي وتجيير تيار المستقبل أصواته لها. وفعلياً لا ثمن تدفعه القوات مقابل هذه الصفقة، رغم ما تحاول إشاعته عن قبولها بالمرشح ناجي البستاني على لائحة الثلاثي (القوات ــ المستقبل ــ الاشتراكي) في الشوف، إذ إنها لم تكن تملك ترف الاعتراض أصلاً. فبعد رفض التيار الوطني الحر التحالف مع النائب وليد جنبلاط في بعبدا كما في الشوف وعاليه نتيجة حسابات انتخابية، وتفضيل الكتائب عدم التحالف مع «السلطة»، عاد جنبلاط الى المربع القواتي مكرهاً نتيجة إصراره على التحالف مع طرف مسيحي. هكذا «نَقَشِتْ» مع القوات لتصبح لائحة بعبدا الاشتراكية ــ القواتية كالآتي: الوزير بيار بو عاصي (ماروني)، النائب السابق صلاح حنين (ماروني وما زال يقول المقرّبون منه إنه لن يترشح مع القوات رغم تأكيد القوات الأمر)، فيما يدور الحديث عن أن الماروني الثالث هو صاحب مستشفى جبل لبنان وشقيق رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس، إيلي غاريوس. غير أن المصادر عينها تؤكد أن العلاقة بين الأخوين غاريوس ليست على ما يرام، وبالتالي لن يشكل رئيس بلدية الشياح ماكينة شقيقه، ما يعني أن القوات لن تستفيد من مرشحها لاستمالة حلف البلديات الثلاثي (الشياح ــ فرن الشباك ــ الحازمية). وغاريوس بالمناسبة يسوّق لنفسه لدى الجميع، فالقوات تتبنّاه والكتائب تؤكد أنه على لائحتها والمجموعات المدنية تقول إنه واحد من المرشحين الذين تتفاوض معهم. أما المقعد الدرزي، فيشغله هادي أبو الحسن، مرشح الحزب الاشتراكي، فيما يرجّح أن يكون النائب السابق صلاح الحركة مرشحاً على المقعد الشيعي. ويقول المستطلِعون إنه يمكن لهذه اللائحة أن تحظى بحاصل ونصف حاصل، ما يمنحها مقعدين، علماً بأن تيار المستقبل سيجيّر لها عدداً من الأصوات السنية التي يؤثر عليها في القضاء (في بعبدا نحو 10 آلاف ناخب سنّي مسجّلين على لوائح الشطب).
من جهة أخرى، حُسم تحالف التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، رغم الخلاف الكبير الذي يتأجّج يومياً بين التيار والحركة. ويشير العونيون إلى أنهم ينسّقون «رسمياً مع الحزب وحده، ولا مفاوضات مع الحركة أبداً». وتضم اللائحة المشتركة النواب ألان عون وناجي غاريوس وحكمت ديب عن المقاعد المارونية، علي عمار (حزب الله) وفادي علامة (حركة أمل) عن المقعدين الشيعيين، والنائب فادي الأعور عن المقعد الدرزي. ويتوقع الخبراء أن تتمكن هذه اللائحة من الفوز بمقعدين مارونيين ومقعدين شيعيين. وذلك لأنه لا لوائح منافسة قوية في وجهها سوى لائحة الاشتراكي حتى الساعة. فركاب اللائحة الكتائبية ما زالوا مشتتين، لكون رئيس حزب الكتائب لم يحسم بعد هويته: هل هو جزء من السلطة السياسية أم تحوّل الى «مجتمع مدني»؟ لذلك المحسوم اليوم هو مرشح الكتائب رمزي بو خالد الذي كان يشغل منصب رئيس الاقليم السابق والذي تسبّب ترشيحه في بروز حركة اعتراضية بدأت من فرن الشباك مروراً بعين الرمانة وبعبدا وصولاً الى ترشيش، إضافة الى عدد من رؤساء الأقاليم السابقين. وذلك لأن بو خالد على ما يقولون، صديق «الشيخ» ومن أجله جرت مخالفة القوانين سابقاً عبر انتخابه رئيساً للإقليم لست سنوات، فيما كان يفترض ألا تتعدى ولايته سنتين. ولأجله اليوم «تأجّل التصويت في المكتب السياسي لعدة مرات الى حين التأكد من حصوله على الأغلبية». أما المرشح الثاني (إذا قرر الكتائب تشكيل لائحته الخاصة)، فسيكون العميد العوني المتقاعد خليل الحلو والمحامي سعيد علامة عن المقعد الشيعي. ويتحدث المقرّبون من الكتائب عن أن رئيس حزب الوعد جو حبيقة سيكون حليفهم على اللائحة، إلا أن حبيقة يشير لـ«الأخبار» إلى أنه لم يحسم خياره بعد، وسيعلنه رسمياً عند اتخاذه قراراً نهائياً. وعلى مقلب تيار المردة، بات أكيداً أن بنشعي لن تشكل لائحة، إذ لم ترشح أي شخصية في بعبدا، وتقول مصادرها إنها «ستعمد الى دعم إحدى اللوائح، لا بل ستتعمّد صبّ أصواتها في خانة مرشح دون آخر لترجيح كفته على كفة زميله». وفعلياً، ستظهر هذه الانتخابات وزن تيار المردة الحقيقي في القضاء.
في غضون ذلك، تعمل المجموعات المنضوية تحت تحالف «وطني» بالتعاون مع مستقلين على تشكيل لائحة في بعبدا. وستعبّر، وفقاً للناشط في «بدنا نحاسب» والمرشح عن المقعد الشيعي واصف الحركة، عن «موقف التحالف السياسي بمواجهة السلطة بكل أطرافها ورفض الفساد ومحاسبة الفاسدين». ويتم التشاور هنا، وفقاً لمصادر المجموعات، مع أعضاء لائحة «صفحة جديدة للبنان»، بول أبي راشد وألفت السبع وأجود العياش، غير أن المشكلة الرئيسية أن التحالف يمكن له تبنّي اثنين من هذه اللائحة لا الثلاثة معاً. من ناحية أخرى، يجري التفاوض مع رئيس جمعية «يازا» زياد عقل لضمّه الى اللائحة، إذ تقوم استراتيجية التحالف على أسس واضحة، وهي «عدم الانغلاق على أنفسنا والتنسيق مع كل المستقلين الحقيقيين الذين لم يلوّثوا أيديهم بالسلطة أبداً».