كشف الزميل جوني منيَّر، يوم الجمعة الماضي، على هواء «تلفزيون الجديد» مباشرة، أنّ «أحدهم» جاء إلى كريم تحسين خيّاط وعرض عليه 20 مليون دولار مقابل أن «يطلع مِن صفقة بواخر الكهرباء»، وطلب أن يعدّ كلامه بمثابة إخبار للنيابة العامة الماليّة، معلناً استعداده المثول أمامها للإدلاء بما لديه مِن معلومات.
وبالفعل، طلب مِنه النائب العام المالي، القاضي علي إبراهيم، أن يحضر إلى مكتبه في عدليّة بيروت. منيّر عرف بهذه التفاصيل مِن كريم خيّاط مباشرة، إذ «أخبرني، أثناء حضوري عرس شقيقته (في مدينة كان الفرنسية)، أنّه قدّم عرضاً بنحو مليار دولار للفوز بالمناقصة، قبل أن يأتيه مَن يعرض عليه تلك الرشوة للانسحاب». يوم أمس، وبعد استماع القاضي إبراهيم لإفادته، قال منيّر: «أخبرت القاضي أشياء إضافيّة لم أقلها على الهواء، وعلمت أنّه قرّر أن يستمع لإفادة خيّاط غداً (اليوم)، وكذلك سيستمع إلى إفادة شارل سابا، رئيس المرصد اللبناني لمكافحة الفساد، الذي يملك ملفاً موثّقاً حول ملفّ بواخر الكهرباء. شعرت بأنّ النائب العام سيذهب بالملف إلى النهاية، وقد يكون هناك استدعاءات لأشخاص آخرين لهم علاقة بصفقة بواخر الكهرباء».
ما الذي سيفعله القاضي إبراهيم؟ مصدر قضائي قال لـ«الأخبار» إن المسألة «لا تزال في بدايتها، لا بدّ مِن البحث في المستندات والمعطيات، لا بدّ مِن تحقيقات موسّعة، وفي ضوء كلّ ذلك تُحدّد الخطوات المُقبلة. الآن سيُستمَع إلى إفادة كل من خيّاط وسابا، وربّما غيرهما، وليس بالضرورة أن تثبت لدى القضاء الوقائع بالدقة التي وصفها منيّر وعدّت كإخبار، كما يُمكن أن تثبت، هذا رهن الأيّام المقبلة». خيّاط الآن خارج لبنان، لذا لن يحضر اليوم إلى العدليّة، إلا أنّه سيفعل بداية الأسبوع المقبل بعد عودته. الأخير، بحسب مقرّبين منه، على استعداد للإدلاء بما لديه، بل «هو متشوّق إلى ذلك، لأنّ هذا الملف، بعد نحو سنة ونصف سنة مِن المماطلة، لا بدّ أن يُفتَح ويوجد فيه الكثير ليُقال». أكثر مِن ذلك، يُقال إنّ هناك مَن عرض على خيّاط رشوة في مناسبة أخرى، غير المذكورة في إخبار منيّر، وبالتالي سيكون عند خيّاط تفاصيل كثيرة ليقولها أمام القاضي. عندما يكون الحديث عن رشوة بـ 20 مليون دولار، لمجرّد الانسحاب، فكم تكون الأرباح في هذه الصفقات، وكم يُمكن بواخر الكهرباء تلك أن تتحمّل مِن فضائح بعد!
لا أحد يتمنّى أن يكون مكان قاضٍ يتولّى «إحقاق الحقّ» في قضايا مِن هذا النوع. لا أحد يتوقّع أن يرى الراشي، الذي يلعب بمبالغ فلكيّة، خلف قضبان السجن. هذه القضايا غالباً «تُحفظ». السجن ليس للزعماء. أين الكهرباء؟
(الأخبار)