بحسب إحصاء سبق أن أجرته «الدولية للمعلومات»، فإن المرشح الماروني المفضّل بالنسبة إلى المستطلعين المسيحيين في دائرة البقاع الغربي ـ راشيا، هو النائب روبير غانم، وذلك بنسبة تصل إلى 25 بالمئة. لكن هذه النسبة تعود وتنخفض بنحو كبير إذا ما أُسقطت على النظام الانتخابي الجديد (النسبي بصوته التفضيلي). عندها تصير الغلبة للأحزاب والتحالفات. انسحب غانم من المعركة بعدما أدرك أنه لن يكون جزءاً من أي تحالف، خصوصاً بعد تأكده أن «المستقبل» لن يتبنى ترشيحه، لأسباب تتعلق بقراره عدم السير بترشيحات لا تصبّ في كتلته النيابية. بهدوء، يغادر غانم المجلس النيابي، بعد خمس دورات قضاها نائباً عن المقعد الماروني في البقاع الغربي، وفي الوقت نفسه، يعطي الأمل لكل الطامحين إلى خلافته. على الصعيد الفردي، يعود اسم هنري شديد للبروز كأقوى المرشحين الموارنة المستقلين.
ولأن المعطيات التي واجهها غانم يواجهها شديد، يصبح المرجَّح أنه إذا لم يجرِ تبني ترشيحه في اللائحة التي يرأسها عبد الرحيم مراد، سيكون خارج المشهد الانتخابي. حسم الأمر يحتاج إلى حسم مسألة انضمام التيار الوطني الحر إلى لائحة مراد من عدمها. إذا سار جبران باسيل بالتحالف مع حزب الاتحاد، فإن ذلك يعني أن التيار سيطالب بالمقعد الماروني، وهو على الأرجح سيكون لأحد المنتسبين إلى التيار، أي رندلى جبور أو شربل مارون، بعد أن صار شبه مؤكد أنه سيتبنى ترشيح حليفه النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن المقعد الأرثوذوكسي.

مراد أمام فرصة ترؤس لائحة سياسية تستعيد معركة 2009


في المقابل، سيكون المقعد الماروني في اللائحة المنافسة لمراد من نصيب مرشح محسوب على «المستقبل»، مثل المرشح الياس مارون، أو من نصيب مرشح «القوات اللبنانية» إيلي لحود، الذي أكد لـ«الأخبار» أن «القوات» مستمرة في المعركة حتى النهاية، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى أن كل خيارات التحالف مفتوحة. علماً أن «المستقبل» يتحسب في ترشيحه لماروني، لاقتصار تمثيله في الدائرة على نائب واحد، في حال خسارته أحد المقعدين السنيين. وانطلاقاً من ذلك، فإن انضمام التيار الوطني الحر إلى تحالف «المستقبل» ـ «الاشتراكي» سيحدث إرباكاً في توزيع المقعدين المسيحيين، في ظل رغبة التيار بالحصول على التمثيل المسيحي في أي لائحة ينضم إليها، لأنه سيجد منافسة فعلية من القوات والمستقبل على الاستحواذ على المقعد الماروني، في حال «هضما» تسليم المقعد الأرثوذوكسي إلى إيلي الفرزلي من حصة «التيار».
لكن بحسب إحدى الماكينات الانتخابية، فإن الفرزلي، حصل بنتيجة خمسة إحصاءات أجرتها شركات إحصاء مختلفة، على تأييد أكثر من 60 بالمئة من المستطلعين وبفارق كبير عن المرشح الذي يليه، وبالتالي فهو قادر على رفع عدد أصوات أي لائحة يشارك فيها، بما يساهم في زيادة عدد المقاعد التي تحصل عليها.
هذا المعطى لا يبدو مؤثراً بالنسبة إلى لائحة «المستقبل»، إذ إن زيادة عدد المقاعد المخصصة للائحة ستكون بلا جدوى عملياً، ما دام سيذهب إلى مرشح من «8 آذار»، حتى لو ترشح على لائحتهم. كذلك إن وجود مرشح قوي على اللائحة سيأخذ أصواتاً تفضيلية مجانية من طريق آخرين، يفضلون الاحتفاظ بها لأنفسهم.
وبالرغم من أن هذه المعطيات تتحكم بحسابات لائحة «المستقبل»، إلا أن وصول التحالف مع التيار الوطني الحر إلى بر الأمان، يعني تخطيها جميعها، خاصة أن احتمال التخلي عن الفرزلي يكاد يكون معدوماً، انطلاقاً من لغة الأرقام ولغة التحالفات السياسية، التي تجعله من الثوابت لدى «التيار».
ووفق اللغة نفسها، فإن وجود التيار الحر برفقة الفرزلي في لائحة عبد الرحيم مراد وحزب الله وحركة أمل وفيصل الداوود، يبدو أقرب إلى المنطق. فهؤلاء جميعاً حلفاء في السياسة، وفوزهم معاً بعدد المقاعد نفسه الذي يمكن أن يحصلوا عليه متفرقين في لائحتين، يعني أنهم أمام فرصة تحقيق انتصار سياسي واضح المعالم، خاصة أن «أمل» تعمّدت رفع مستوى التمثيل الشيعي في المنطقة، من خلال تبني ترشيح محمد نصر الله، أحد قياديي الصف الأول فيها.
العقبة الأساسية أمام هذا التحالف قد تكون في العلاقة الفاترة بين مراد والفرزلي، التي يتجنب الطرفان إبرازها، خاصة أنهما يعرفان أن المصلحة السياسية، كما الانتخابية، قد تجعلهما يتخطيان المعطى الشخصي. قد يكون مراد قلقاً من توزيع فائض الأصوات الشيعية بينه وبين الفرزلي، إلا أنه في المقابل، سيكون أمام فرصة ترؤس لائحة متنوعة طائفياً وذات وزن سياسي، قد تجعل دائرة البقاع الغربي تستعيد معركة الـ2009 بين 8 و14 آذار.