أحال وزير الدولة لشؤون المرأة، جان أوغاسابيان، إلى رئاسة مجلس الوزراء، مشروع قانون يرمي إلى تعديل ست مواد من قانون العقوبات (490، 505، 508، 513، 514، 518)، وهي المواد التي بقيت لسنواتٍ طويلة تعفي المغتصب من جرمه، و«تشرعنه» في حال تزوّجه المعتدى عليها.
أوّل من أمس، خطت وزارة الدولة لشؤون المرأة الخطوة الأولى على الطريق الطويل، من خلال إحالة مشروع القانون الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى حذف الأحكام التي «تشير إلى أن زواج الجاني من المعتدى عليها يوقف الملاحقة أو المحاكمة بحقّه»، وأنه «في حال صدور حكم بالقضية، يعلّق تنفيذ العقوبة المحكوم بها». وفي اتصال مع «الأخبار»، أوضح أوغاسبيان أن المشروع «وُضع بالتعاون مع محامي الوزارة، من دون مشاركة أي ناشطين أو جمعيات، وإن كان قد لحظ مطالب واقتراحات الأطراف الفاعلة في المجتمع المدني التي هي مطالب محقّة». مع ذلك، وبرغم هذا «الإنجاز»، إلا أن «القطوع» لن يمرّ بسهولة، فالوزير أوغاسبيان لا يتوقّع للتعديلات التي اقترحها أن تمرّ سريعاً، إذ ستنتظر وقتا طويلاً كي «تطرح للنقاش، لا للتنفيذ».
ولكن، ما الذي تحمله هذه التعديلات؟
فلنبدأ من المادة 490 التي تتعلق بجناية سفاح القربى. في النص الأساسي، قبل التعديل، تنص هذه المادة على «عقوبة الحبس من شهرين لسنتين لمرتكب جناية السفاح من الأصول، شرعياً كان أو غير شرعي، ومن سنة إلى 3 سنوات إن كان لأحد المجرمين سلطة شرعية أو فعلية، إضافة إلى إمكانية منع المجرم من حق الولاية».
ومن المفترض، بعد التعديل، أن تصبح على النحو الآتي: «السفاح بين الأصول والفروع، شرعيين كانوا أو غير شرعيين، أو بين الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة، يعاقب عليه بالاعتقال المؤقت لمدة لا تقل عن عشر سنوات، ويعاقب بالاعتقال المؤبد، إذا كان لأحد المجرمين على الآخر سلطة شرعية أو فعلية يمنع المجرم من حق الولاية».
إلى المادة 505، التي تنصّ على «عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمن يجامع قاصراً دون الخامسة عشرة، ولا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة، وبالنسبة إلى عقوبة مجامعة قاصر أتم الخامسة عشرة ولما يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين». أما بعد التعديل، فمن المفترض أن يرتفع عدد سنوات الاعتقال ليصبح «الاعتقال لمدة لا تقلّ عن سبع سنوات لمن جامع قاصراً في الخامسة عشرة، وعشر سنوات إن لم يبلغ القاصر الثانية عشرة من عمره».
أما بالنسبة إلى المادة 508، فكان «النص القديم» على «معاقبة كل من يستفيد من علة شخص آخر في جسده أو نفسه، ويرتكب فيه فعلاً منافياً للحشمة أو يحمله على ارتكابه، بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات». أما بعد التعديل، فمن المفترض أن تصبح العقوبة، إذا سرى التعديل أو عرض للنقاش، «لمدة عشر سنوات على الأكثر عوضاً عن الأشغال الشاقة المؤقتة لعشر سنوات».
من جهة أخرى، يلغى نص الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 513 التي كانت تنص على أن «كل موظف راود عن نفسه زوج سجين أو موقوف أو شخص خاضع لمراقبته أو سلطته أو راود أحد أقرباء ذلك الشخص يعاقب بالحبس سنة على الأقل، على أن تنزل العقوبة نفسها بالموظف الذي يراود عن نفسه زوج أو أحد أقرباء شخص له قضية منوط فصلها به أو برؤسائه، كذلك تضاعف العقوبة «إذا نال المجرم مأربه من أحد الأشخاص المذكورين آنفاً». أما في حال وقوع الفعل على قاصر لم يتم الثامنة عشرة وأتم الخامسة عشرة من عمره «فلا تقلّ العقوبة عن خمس سنوات حبس، وإذا وقع الفعل على قاصر دون الخامسة عشرة من عمره، فلا تنقص العقوبة عن سبع سنوات حبس». وفي هذا الإطار، يقترح المشروع استبداله بالنص الآتي: «في حال وقوع الفعل على قاصر لم يتم الثامنة عشرة وأتم الخامسة عشرة لا تقل عقوبة الاعتقال المؤقت عن سبع سنوات. أما إذا وقع الفعل على قاصر دون الخامسة عشرة من عمره فلا تنقص عقوبة الاعتقال المؤقت عن عشر سنوات».
أما المادة 514 التي كانت تنص على الحبس من سنة إلى «ثلاث سنوات لكل من خطف بالخداع أو العنف فتاة أو امرأة بقصد الزواج، ولا تنقص العقوبة عن خمس سنوات حبس إن كان القاصر المعتدى عليه قد أتمّ الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره، وإن كان القاصر دون الخامسة عشرة من عمره فلا تقل عقوبة الأشغال الشاقة عن سبع سنوات». ومن المفترض أنه بعد التعديل، ستلغى «الفقرة الثانية من المادة التي ستنص على أن لا تنقص عقوبة الاعتقال المؤقت عن خمس سنوات إن كان القاصر المعتدى عليه قد أتم الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره».
وبالنسبة إلى المادة 518 التي تنص على أن «من أغوى فتاة بوعد الزواج ففضّ بكارتها عوقب إذا كان الفعل لا يستوجب عقاباً أشد بالحبس ستة أشهر على الأقل وبغرامة تراوح بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين ليرة أو بإحدى العقوبتين»، فينص التعديل على إلغائها نهائياً.
6 مواد ستلحقها 6 تعديلات «جوهرية»، بحسب ما يقول أوغاسبيان. أكثر من ذلك، يؤكد الوزير أن مشروع التعديل سيرفق بفقرة «أسباب موجبة»، تستبدل معها عبارة «الحبس» بعبارة الاعتقال، لكون «عقوبة الحبس محصورة بالجنح سنداً لأحكام المادة 51 من قانون العقوبات، ولأن نوعية القضايا التي تتناولها المواد المطروحة تصنّف كجنايات، يجب الامتناع عن استعمال مصطلح حبس للحديث عنها».
من جهتها، اعتبرت إحدى الناشطات أن ما قامت به الوزارة «مؤشر جيد ومبادرة ايجابية»، مشددة في الوقت نفسه على ضرورة تشكيل «لجنة تضم مختصّين للبحث والنقاش في القضايا القانونية في هذا الإطار للتوصل إلى النتائج المرجوّة».
غير أنه بالرغم من ذلك، هو درب ناقص، مع استمرار وجود مواد في القانون تطرح علامات استفهام يصعب تفهم بقائها. ومنها المادة 503 التي تنص على أن «من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأقل»، والمادة 504 التي تنص على أنه «يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة من جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع». هذه مواد نافرة في «ظلمها»، فاستثناء الزوج/ة هنا يمرّ عرضيّاً «وكأنه نوع من الملكيّة للشخص، وكأن أحد الطرفين خاضع للآخر، حتى ولو كان غير راضٍ، وخصوصاً في قضايا كتلك المذكورة».