تُؤرّق مرحلة التحضير للانتخابات النيابية، ولا سيّما الشقّ المُتعلّق باختيار المُرشحين، مُعظم القوى السياسية. الخيار الأمثل للقيادة الحزبية، قد لا يتلاقى، في أحيانٍ كثيرة، مع الطموح الشخصي لبقية الراغبين بالترشح. كلّ شخص يرى في نفسه «المستقبل» لحزبه وأكثر المُستحقين لحجز مكانٍ له على اللائحة، وإلا ما كان قد فكّر أصلاً في تقديم أوراق اعتماده لقيادته. التناقض بين الطرفين يولّد خلافات داخلية. الحزب السوري القومي الاجتماعي، وتحديداً في قضاء الكورة، لا يشذّ عن هذه القاعدة.
في «زيتونة الشمال»، يميل خيار قيادة الروشة باتجاه ترشيح النائب السابق سليم سعادة بالدرجة الأولى، والمُهندس غسان رزق بالدرجة الثانية. أثار هذا التوجه حَنق عددٍ من القوميين في الكورة، ولا سيّما أنّ سعادة من وجهة نظرهم غير موجود على الأرض، ويمضي أكثرية وقته في العاصمة البريطانية، فضلاً عن أنّه ساهم في تقوية موقع نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عبر تجيير طالبي الخدمات إليه، حتّى بات مكاري مرجعيتهم. «إيجابيته» الوحيدة، في نظر المعترضين، أنّه نجل رئيس «القومي» الراحل عبد الله سعادة، و«وارث» هذه الحالة الشعبية. أما رزق، فيرى بعض القوميين أنّه «حاجة» إلى الحزب القومي بسبب «مقوماته المادية فقط لا غير»، ولا يُمثل الوجدان القومي. أمام هذا الواقع، بدأت تتفتّح براعم معارضات متنوعة، بين من يعتبر أنّه «الأحقّ» بالترشح لكونه اختبر هذا الأمر سابقاً، ومن يرفض تكريس منطق أنّ مُرشح «القومي» في الكورة يجب أن يكون من بلدة أميون. والمحاولات مُستمرة لإسقاط خيار القيادة القومي قبل أن يُبتّ رسمياً، من خلال التواصل مع أعضاء المجلس الأعلى، السلطة المُخولة حسم هوية المُرشحين إلى الانتخابات في الأقضية.

اشترط سليم سعادة للترشح أن يتحالف «القومي» مع فرنجية



«الانتحاري القومي» في انتخابات الكورة الفرعية عام 2012، الطبيب وليد العازار هو أحد أبرز المعترضين على توجّه القيادة الحالية. تتحدّث مصادر حزبية في الكورة عن عازار «الذي لم يجرؤ أحدٌ غيره على خوض الانتخابات الفرعية. كلّ المطروحين حالياً، الذين يتقدمون على عازار، أحجموا سابقاً بحجة أنّ المعركة خاسرة ولا يريدون أن يُحرقوا أنفسهم». ترى المصادر المُتعاطفة مع عازار أنّ حصول الأخير على نسبة 44.99% مقابل 50.13% لمرشح القوات اللبنانية فادي كرم، «يعني أنّ على القيادة التعويل على قاعدة موجودة وليس البناء من جديد». تنقل المصادر وجود «امتعاض بين القوميين في الكورة، الذين لم يُعقد اجتماع عام ليُعبروا عن رأيهم. في عام 2000، نُظّم استفتاء داخلي للوحدات الحزبية لتختار المُرشحين، ورضخ الجميع للقرار، لماذا لا تُطبّق حالياً؟».
الامتعاض الذي تتحدّث عنه المصادر المُقرّبة من عازار، تنفيه مصادر حزبية أخرى في الكورة، قريبة من قيادة الروشة. وتقول إنّه «يعتبر أنّ الترشّح إلى النيابة حقّ مُكتسب له، بعد فرعية الـ2012 وأنه تمكّن من الحصول على نسبةٍ عالية من الأصوات. ولكن، شعبياً لم نلمس أي ردّ فعل، خاصة أنّ القرار الحزبي لم يُتخذ بعد وقد تأجل إلى الأسبوع المقبل». وتقول المعلومات إنّ سعادة اشترط من أجل الترشّح أن يتحالف «القومي» مع صديقه النائب سليمان فرنجية. لذلك، قرّر مجلس قيادة الحزب، في هذه الدورة، أن يُرفَع اسمان إلى المجلس الأعلى حتى يبت بأحدهما، بعد أن تظهر التحالفات.
يبدأ عازار كلامه بالتأكيد أنّ ما يقوم به هو «نوعٌ من صرخة، للفت النظر إلى ضرورة اختيار المُرشح الصحّ». ما يطلبه من قيادته، أن «تُقنعني لماذا تُريد مُرشحاً آخر، وتقوم باستفتاء شعبي وحزبي. إذا القوميون لا يريدونني، أجلس في منزلي». يُذكّر عازار بالانتخابات الفرعية، «التي خضتها خلال أسبوعين، من دون مال انتخابي، وفي ظلّ تنصّل بعض الحلفاء منّا، ورغم ذلك حقّقت هذا الرقم. هل تُدمّر هذه التجربة، أم يجري البناء عليها؟». ومنذ خمس سنوات «أعمل كما لو أنّني المُرشح، وقد ارتفعت قدرتنا الشعبية. هذا ظلم بحقّي». لماذا إذاً لا يريد حزبك ترشيحك؟ «بعض القيادات قال لي إنّ المعركة ليست بحاجة إلى العواطف، ولكن إلى المال». عازار الذي يقول إنّ مُرشح الحزب القومي «يجب أن يكون من أميون، لأنّ مُرشح القوات اللبنانية من هذه البلدة»، يؤكد لـ«الأخبار» أنّه لن يتراجع عن ترشّحه، «مُستمر إلى أن يقنعوني بخيارهم، ويكون للقوميين رأيٌ بالترشيح».
يرى عارفون بالشأن الانتخابي في الكورة، أنّ استمرار عازار بترشّحه، خلافاً لإرادة حزبه، «سيؤثر سلباً في القوميين، ويُزعجهم». لا يُنكر المنفذ العام في الكورة جورج برجي ذلك، «ولكن أيّاً يكن الشخص، فحركته ستكون محدودة، وهو الخسران وليس الحزب».