تمددت نيران التجاذبات حول مؤتمر الطاقة الاغترابية المقرر عقده في مدينة أبيدجان العاجية، إلى سائر الجاليات اللبنانية والجنوبية خصوصاً، المنتشرة في القارة الأفريقية. في الذكرى الثامنة لسقوط الطائرة الإثيوبية التي سقط ضحيتها 54 مغترباً في ساحل العاج ومحيطها، تطايرت شظايا خلاف الرئيسين ميشال عون ونبيه بري على الساحة المحلية، حتى وصلت إلى ساحل العاج، ما انعكس إيعازاً من حركة أمل لفاعليات الجالية بمقاطعة المؤتمر الذي تنظمه وزارة الخارجية والمغتربين في الثاني والثالث من شباط المقبل. استجاب الجزء الأكبر من الجالية التي يشكل أبناء الجنوب غالبيتها الساحقة، في مقابل إصرار رجال أعمال وفاعليات آخرين على المشاركة. وبرغم أن الانقسام دق ناقوس الطائفية والمناطقية، لم يتورع محسوبون على فريقي الخلاف عن تذكيته عبر ممارسة الكيدية المتبادلة بينهما من جهة، وتحشيد أدواتهما في المعركة الاغترابية من جهة أخرى. وفيما كانت شرارة الخلاف الإيعاز الحركي بالمقاطعة، فإن «إصرار وزير الخارجية جبران باسيل على عقده بمن حضر ولو بضيف واحد»، بحسب مصادر مسؤولة في الجالية، أشعل النار التي تمددت إلى البعثات والجاليات الأفريقية.

في آخر المستجدات، عزز باسيل فريق السفارة اللبنانية المكلفة الإشراف على تنظيم المؤتمر، موفداً عدداً أكبر من مستشاريه لمعاونة مستشاره بشير سركيس (الموجود في أبيدجان منذ مطلع الشهر الجاري) والقائم بأعمال السفارة في ساحل العاج خليل محمد. تحول مقر السفارة إلى خلية نحل موصولة بقصر بسترس في الأشرفية. بعد إنجاز التحضيرات اللوجستية وتجهيز المكان (فندق إيتوال) وتوجيه الدعوات لرجال أعمال وأصحاب مصارف ورسميين في لبنان وساحل العاج، انصرف فريق باسيل لحشد الدعوات وتأمين الحضور الرسمي والاستثماري من البعثات التي «يمون عليها» ليس في الدول الأفريقية وحسب، بل في الدول اللاتينية والغربية أيضاً.

بيانان موجّهان
إلى المسؤولين اللبنانيين يدعوان
إلى تأجيل المؤتمر

في هذا الإطار، لفتت المصادر إلى أن كبرى المصارف اللبنانية لن تتراجع عن دعمها المالي والترويجي للمؤتمر، برغم أن ممثلين عن ثلاثة منها اعتذروا عن عدم الحضور بعد الإيعاز بالمقاطعة. كذلك أكد أربعة وزراء عاجيين حضورهم فعاليات المؤتمر. في المقابل، أكدت أوساط «أمل» أن باسيل «استثنى دعوة وزراء الحركة للحضور، برغم دعوته الوزراء الآخرين؛ من ضمنهم وزراء حزب الله».
الحملات التي يشنها بعض أفراد الجالية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد عون وباسيل، وصولاً إلى اعتبار زيارة الأخير غير مرغوب فيها، لم تضمن حتى الآن إضراباً شاملاً. غرفة التجارة والصناعة اللبنانية في ساحل العاج التي تعد أبرز مكونات الجالية وواجهتها التمثيلية أمام الحكومة العاجية، «قررت المشاركة في المؤتمر باستثناء عضوين اثنين». ونقلت المصادر عن رئيسها (ابن بلدة راشيا الفخار الجنوبية) الطبيب جوزف خوري (عضو في المجلس الاقتصادي الاجتماعي في ساحل العاج ومستشار رئيس الجمهورية) تأكيده على أن المقاطعة «ستضر بمصلحة اللبنانيين أمام العاجيين»، متمنياً أن يتفهم بري هذا الموقف، علماً بأن أعضاء الغرفة نالوا مباركته لعقد المؤتمر منذ أيار الماضي.
يتسابق طرفا الخلاف مع الزمن قبل موعد المنازلة بعد أسبوع واحد. أمس، صدر بيانان موجهان إلى عون وباسيل يدعوان إلى تأجيل المؤتمر. رئيس الجالية اللبنانية في ساحل العاج نجيب زهر دعا رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وباسيل الى إعادة النظر في عقد المؤتمر. أما رئيس المجلس القاري الأفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم رجل الأعمال الجنوبي عباس فواز، فتحدث باسم «رؤساء الجاليات اللبنانية والمغتربين في ساحل العاج خصوصاً، وفي أفريقيا عموماً»، معتبراً أن «انعقاد المؤتمر في ظل ظروف غير مؤاتية ستفقده أهميته لأن الهدف منه أولا وأخيراً هو توحيد المغتربين والتواصل معهم واستنهاض طاقاتهم وإمكاناتهم وتوظيفها في خدمة الوطن والاغتراب. وقد يؤدي انعقاده، عكس رغبة الأكثرية من المغتربين، الى خلق أجواء من التشنج والانقسام». في هذا الإطار، لفتت المصادر إلى أن ممثلين عن «أمل» طلبوا من أعضاء الغرفة الاتصال بعون مباشرة والطلب منه التدخل لإلغاء المؤتمر. جواب الأعضاء كان سلبياً «لأن التحضيرات اكتملت، وآلاف الدولارات دفعت منها بدلات للفندق، حيث سيعقد المؤتمر واستضافة المدعوين».نسرت: