كثيرون يطمَحون إلى وراثة الرئيس سعد الحريري في الشارع السّني. لكن الغالبية تعي أن هذه الأمنية لا يُمكن أن تتحقّق إلا في حدود مناطق معينّة، حيث لم يعُد لتيار «المُستقبل» المكانة نفسها التي رافقته منذ عام 2005. يبقى الاستثناء بينهم الوزير السابق أشرف ريفي، الذي يسعى بشتّى الوسائل إلى تكريس نفسه بديلاً من الحريري في كل المناطق ذات الثقل السُّني.
لعلّ تجربة الانتخابات البلدية الأخيرة التي فاز بها التحالف الذي تبناه ريفي في مدينة طرابلس شكّلت بالنسبة إلى الأخير دفعاً سياسياً كبيراً، وجعلته أكثر اقتناعاً بقدرته على تكرار التجربة في الانتخابات النيابية المقبلة في كل لبنان. غير أن الأحداث التي تلت تلك الانتخابات، وصولاً إلى اليوم، أعادت ريفي إلى المربّع «الطرابلسي» الذي بالكاد يستطيع أن يعيد فيه إنتاج نفسه سياسياً في الاستحقاق المقبل. مع ذلك، يستعد الرجل لخوضه بكل شراسة في عدد من الدوائر، في وقت يعتبر فيه أن معركته الحقيقية ستكون في بيروت «الثانية»، معقل الرئيس الحريري، إذ إنّ خرق لائحة الأخير، ولو بمقعد واحد في هذه الدائرة تحديداً، هو بمثابة دق ناقوس خطر زعامته، وهذا ما يطمح إليه المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي. ويُمكن القول إن ريفي اختار المُجازفة الكبرى حين قرّر أن يشكّل لائحة في وجه «المستقبل» في بيروت، ولا سيما أنه سيكون أمام معركة مفصلية تعكس حجم القوى السياسية على الساحة السنية، وهو في هذه الدائرة التي تعتبر ركيزة في انتخابات الرئيس الحريري، لن يواجه الأخير وحده، بل عدداً من الشخصيات من أبناء هذه الدائرة، كالوزير نهاد المشنوق، وبالتالي إن أي «دعسة ناقصة» منه ستقضي على أي أمل له في التمدّد خارج الشمال.

يعتمد ريفي بنحو خاص على الانتشار البيروتي خارج العاصمة،



لماذا تُعَدّ هذه الدائرة بالنسبة إلى ريفي المعركة الحقيقية؟ وما هي تحضيراته لخوضها؟ يروّج مقربون منه بمعنويات مرتفعة أنه سيفوز بربع الأصوات السُّنية فيها، والأهم برأي هؤلاء تحالفاته والأسماء التي قرّر أن يواجه بها الحريري في عقر داره. ناشطون بيروتيون في الحلقة «الريفية» يتحدّثون عن «مفاجأة» ستقلب الموازين في بيروت، خصوصاً أنها «اختبار لشعبية ريفي الصافية خارج حدود طرابلس»، حيث قرّر ريفي المواجهة تحت عنوان «دور الطائفة السُّنية في القرار السياسي، ودور البيارتة في قلب الطائفة». وباشر تركيب ماكينته الانتخابية في بيروت التي تضمّ المئات. وأشار الناشطون إلى أن ريفي «سيدخل بيروت من صناديق الاقتراع بوجوه جديدة في غالبيتها»، وسيعلن لائحته «قبل نهاية الشهر الجاري». وفيما يحاذر الناشطون الإفصاح عن الأسماء التي حُسمت على لائحة ريفي، يروّج هؤلاء لها كلائحة العائلات في وجه الأحزاب، بالتأكيد أنها «تضم عناصر شبابية تمثّل عائلات كبرى، بالإضافة إلى المجتمع المدني البيروتي المتمثل بالجمعيات ولجان المساجد»، علماً أن التسريبات التي تخرج عنها تؤكد أنها لائحة لمعترضين من داخل العائلات على الحريري، وليست العائلات نفسها، وحسم فيها مرشحَين حتى الآن هما: نبيل الحلبي والمهندسة رنا شميطلي، كذلك ستضمّ اللائحة مرشحاً كردياً إما من عائلة الزين أو عميرات. أما باقي الأسماء، فيجري تداولها، على أن تكون من نصيب العائلات البيروتية، كشهاب وعيتاني وشاتيلا. ويعتمد ريفي خصوصاً على الانتشار البيروتي خارج العاصمة، في عرمون وبشامون وخلدة والدبية والناعمة. وأجرى في هذه المناطق أكثر من لقاء حضره عدد كبير من البيارتة، بحسب مصادر الوزير السابق، إذ يشكّل التحالف معهم إلى جانب المجتمع المدني رافعة له في بيروت. أما بالنسبة إلى التمويل، فقد وضع ريفي خطتين: الأولى تعتمد على التمويل الخارجي الذي «ينتظره الرجل، مثله مثل باقي القوى السياسية»، والثانية على تمويل «تعهّد به عدد من رجال الأعمال البيروتيين المعارضين للحريري».
يرتاح الناشطون الذين يساعدون ريفي في استعداده للمعركة في بيروت إلى وضعه الانتخابي. إذ بحسب الإحصاءات التي يستندون إليها، سيحصل الرجل على نحو 25 في المئة من الأصوات السُّنية في هذه الدائرة، وفقاً لاستطلاع رأي أجراه مركز للدراسات، بعنوان الزعيم البديل لسعد الحريري. وقد وضع الاستطلاع أكثر من عشرين اسماً «تقدّمهم ريفي» بحسب الناشطين «الريفيين». فيما تؤكد مصادر انتخابية أن ريفي «لا يملك كتلة وازنة في بيروت، ومن الصعب جداً حصوله على حاصل انتخابي في هذه الدائرة». فبحسب إحصاءات سبقت استقالة الرئيس الحريري «حاز رئيس الحكومة نحو 46 في المئة من الأصوات في عموم الدائرة (من مختلف الطوائف)، مقابل 4 في المئة لريفي». وهذا الأمر يعني أن «أي استطلاع يجري اليوم سيظهر تقدماً للحريري، نتيجة التعاطف الشعبي معه بعد «اختطافه» من قبل السعودية، مقابل تراجع ريفي في بيروت. وهذه الأرقام تعني أن الوزير السابق لن يستطيع وحده الحصول على أي مقعد في العاصمة، خصوصاً أن الكتل الوازنة التي تلحق بكتلة رئيس الحكومة هي لرئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي، والأحباش ومن ثم حركة أمل وحزب الله».