لا تنحصر الأزمة بين الرئيس ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي بإطار مرسوم ضباط «دورة عون»، بل سيكون لها في حال استمرارها إلى تاريخ ٦ أيار المقبل، انعكاسٌ سلبي على مختلف الدوائر الانتخابية. المقعد المُخصص للطائفة الشيعية في دائرة كسروان ــ جبيل، لن يشذ عن هذه القاعدة. التيار الوطني الحر يعتبر هذا المقعد جزءاً من حصّته البرلمانية، فيما يُحكى عن أنّ ثنائي حزب الله ــ حركة أمل هو الذي سيُسمي المُرشحين عن المقاعد الشيعية في كلّ لبنان، ومن ضمنهم جبيل.
بحسب المعلومات، فإنّ تطور الخلاف بين «التيار» وحركة أمل قد يؤدي إلى أن يؤول المقعد الجُبيلي إلى حصّة حزب الله، كـ«حلّ وسط»، أسوةً بمعظم المقاعد الشيعية في الدوائر التي يوجد فيها انتشار عوني كبير، ولم تكن سابقاً من ضمن حصّة كتلة الوفاء للمقاومة أو التنمية والتحرير. ينطبق ذلك على جبيل والبقاع الأوسط. إلا أنّ ذلك لا يلغي أنّ حركة أمل ستُشارك في تسمية المُرشح، وسيتولى حزب الله التشاور مع التيار الوطني الحر حيث يقتضي الأمر. وفي كسروان ــ جبيل تحديداً، هناك خصوصية مُعينة انطلاقاً من أنها كانت دائرة النائب ميشال عون، قبل أن يُصبح رئيساً للجمهورية.
الأفراد الطامحون إلى الترشح إلى «النيابية» عن المقعد الشيعي في جبيل، كُثر، من دون أن يجري تبنّي أحدهم حتى الساعة. يبرز منهم: دياب كنعان، مدحت الحاج، طلال المقداد، مصطفى الحسيني، علي برّو، محمود عواد، ربيع عواد، محمد حيدر وحسين همدر.

مصادر ٨ آذار: ليس بالضرورة أن يكون المُرشح حزبياً

أما بالنسبة إلى النائب عباس هاشم، فتتضارب المعلومات بشأن مصيره. نواب بارزون داخل التيار الوطني الحر يؤكدون أنّه «لن يكون مُرشحاً مرة جديدة»، فيما ترى مصادر عونية أخرى أنّ «الأمر لم يُبتّ بعد، ولا سيّما أنّه يُنقل عن هاشم قوله إنّ الرئيس عون أبلغه موافقته على إعادة ترشيحه، ولكن يجب أن يحصل على موافقة حزب الله وحركة أمل أيضاً». أما داخل فريق ٨ آذار، فالجواب هو: «يبدو أنّ هاشم يواجه جوّاً شعبياً معارضاً بقوة له»، وتضيف مصادره بأنّ «أي مُرشح يجب أن يكون على علاقة جيدة مع الناس». ولكن عملياً، «لم يُناقش مقعد جبيل بعد بين حزب الله وحركة أمل، ولا بينهما وبين التيار الوطني الحر. كلّ الكلام لا يزال على مستوى الماكينات الانتخابية وليس القيادات الثلاث المُخولة بتّ مصير المقعد». والمُرشحون «يُستقبَلون جميعاً على قاعدة: ابدأوا نشاطكم على الأرض، وبناء عليه نُقرّر».
برز فجأة، قبل قرابة الشهر، اسم ربيع عواد، وبدأت تنتشر لافتات تحمل صوره وشعار: «أمل التغيير المقاوم ــ ربيع ٢٠١٨»، بما يوحي بأنّه تم الاتفاق عليه. الرجل يعمل ما بين الجزائر وأفريقيا، لديه مطبعة في الضاحية الجنوبية لبيروت ومصنع في منطقة الحصون (جبيل)، يبلغ من العمر ٣٩ سنة. ناشطون سياسيون في جبيل يقولون إنّ عواد «نزل علينا بالمظلة. هو غير ناشط بين الناس ولا يملك حيثية بين الشيعة. فضلاً عن أنّه غير مُسيّس. أُعجب به الوزير جبران باسيل، وفتح له النائب سيمون أبي رميا الباب كونه يبحث عن بديل لهاشم». إلا أنّ مصادر أبي رميا تنفي ذلك. يجري التسويق لعواد «على قاعدة أنّ الناخبين في الدائرة لا يتقبلون مُرشحاً مُلتزماً مع حزب الله أو حركة أمل، لذلك عواد يُشكل خياراً مناسباً. يستغل قسمٌ من العونيين ذلك، حتى يبقى المقعد في عهدتهم». تجري محاولة حثيثة لتثبيت فكرة أن المنطقة «لا تتحمّل» مُرشحاً شيعياً حزبياً، رغم أن الجزء الأكبر من أبناء كسروان وجبيل بقوا ملتزمين مع الجنرال ميشال عون قبل وثيقة مار مخايل وبعدها، وباتوا اليوم يعتبرون حزب الله «ضمانة»، لن يؤثر معهم «تفصيل» إن كان المرشح حزبياً أو لا.
يبدأ عواد بالتعريف عن نفسه بأنّه «لست سياسياً، بل اقتصادي وصناعي. قرّرت الترشح لأنني شعرت بوجود حرمان على مستوى الإنماء والتواصل مع الجبيليين». الناس هي «طالبتني بأن أترشح». ولكن، يُقال إنّك غير معروف وفُرضت فجأة عليهم؟ «لا يعرفني الجميع، لكن القسم الأكبر يعرفني. أنا من آل عواد وزوجتي من آل أبي حيدر، ولديّ ٣٠٠ موظف من جبيل». عواد طرح نفسه مُرشحاً، لكن باسيل «قال لي أن أعمل على الأرض وبناء عليه نُقرر». ستكون محسوباً على حزب الله، حركة أمل أم التيار العوني؟ «أنا على مسافة واحدة، وقادر على التواصل مع الجميع. وإذا لم أكن خيار الثلاثة أنسحب». ولكن، في حال الترشح والفوز، إلى أي تكتل ستنتمي؟ «يُفترض أن أكون في نفس موقع النائب الحالي (التغيير والإصلاح)، إلا في حال حصول تغيير ما». يتعارض ذلك مع ما تقوله مصادر في ٨ آذار بأنّه «لا يبدو أنّ حركة أمل مهتمة بمقعد جبيل أو البقاع الأوسط، لذلك الأرجح أن يكون من حصة حزب الله، مع التشديد على أنّ الأمر لم يُبحث جدياً بعد». تشير المصادر إلى أنّ المشكلة في جبيل أنّه «لا يوجد أسماء لامعة». في حين أنّ المُرشح يجب أن يكون «حصاناً يستطيع جذب الناخبين ويحصل على الصوت التفضيلي». سيؤثر هذا المعيار «على اختيار المُرشح. فإذا كان شخصاً لا يملك الحدّ الأدنى المطلوب لا يُمكن السير به». وتؤكد المصادر، رداً على سؤال، أنّ المرشح «سيكون من قضاء جبيل، ولكن ليس بالضرورة أن يكون مُنتسباً إلى حزب الله»، فيما تلفت مصادر من الفريق نفسه إلى أن الأوفر حظاً للترشيح هو المحامي حسين همدر.