لم تكن الجنسية البريطانية للضحية ريبيكا دايكس، في ما بات يعرف بـ«جريمة سائق أوبر»، العامل الوحيد الذي أدى إلى تفاعل إعلامي واسع معها، بل سُجِّل أيضاً نشاط لافت لشركات التاكسي في توظيف الجريمة في معركة مؤجّلة لمنع «أوبر» و«كريم» من العمل على الأراضي اللبنانية. إذ تستعد كبريات هذه الشركات لتنفيذ سلسلة تحرّكات ضاغطة، ستبدأ باعتصام دعت إليه السائقين، اليوم، في موقع قريب من مقر مكاتب «أوبر» في الباشورة.
يقود الحملة رئيس نقابة أصحاب شركات التاكسي في لبنان شارل أبو حرب، من دون أن يخفي هدفها التجاري البحت. وهو شن هجوماً غير مسبوق على هذين التطبيقين، ودعا في حديث إذاعي أخيراً إلى عدم السماح لهما بالعمل خلال فترة الأعياد الحالية، مشيراً الى أن الشركتين لا تمتلكان مقارّ لهما في لبنان، وأن السيارات المتعاقدة معهما غير شرعية، والسائقين غير لبنانيين.
تتوسل الحملة المحلية بث معلومات غير دقيقة، فيما هناك حملة عالمية تستند الى حجج أقوى تتصل بوجود ممارسات غير سليمة في عمل «أوبر» ومثيلاتها، إذ تجني أرباحاً غير قانونية من تشغيل تطبيقات تستغل عمل السائقين من دون بذل أي مجهود، ولا تدفع ضرائب عادلة، وتشكل منافسة غير متكافئة مع شركات النقل التقليدية.
بحسب مصادر معنية، فإن المتهم بارتكاب جريمة قتل دايكس لبناني، وسجله العدلي خال من أي إشارة، ويحمل رخصة سوق عمومية، وبالتالي لا صحّة للشائعات التي تفيد بعكس ذلك. وتؤكد مصادر في «أوبر» أن الشركة تشغّل في لبنان سيارات عمومية حصراً يقودها لبنانيون، وأن مستخدمي التطبيق يمكنهم التعرّف على هوية السائق والاطلاع على سجله كاملاً قبل الموافقة على الرحلة. وتشير إلى أن أي راكب يمكنه تسجيل أي شكوى على التطبيق أو لدى مكاتب الشركة. وبالتالي، تشدد مصادر الشركة على أنها لا تخالف القوانين المعمول بها في لبنان لجهة استخدام السائقين العموميين حصراً، وتؤكد أنها تطلب من هؤلاء قبل توظيفهم الاستحصال على سجل عدلي حديث، ورخصة سوق عمومية، ودفتر سيارة عمومية وأوراق التأمين الإلزامي، وإذا لم تكن السيارة باسم السائق، تطلب وكالة قانونية من المالك تسمح للسائق باستخدام السيارة في نقل الركاب...

تؤكد «أوبر» أنها تشغّل
في لبنان سيارات عمومية
حصراً يقودها لبنانيون


إذا كان ما تفيد به «أوبر» صحيحاً، فإنها في هذه الحالة تتماثل مع أي شركة تاكسي تقليدية لجهة المخاطر المتصلة بالسلامة والأمان، ولا تختلف عن تلك الشركات إلا في نموذج عملها. إذ إن «أوبر» تعمل كوسيط لتشغيل تطبيق إلكتروني يوفر خدمة النقل، وليست مالكة لشركة تشغيل سائقي الأجرة، وبالتالي يعتبر وضعها القانوني مختلفاً عن بقية شركات سيارات الأجرة. هذا الوضع يثير إشكالية استغلال السائقين للسماح لهم باستخدام التطبيق، مقابل ما يصل إلى 25 في المئة من المدخول الناتج من عملهم. وتشير المصادر الى أن «أوبر» تحرص على التقيّد بالشروط القانونية لناحية اللوحة الحمراء ورخصة السوق العمومية، على عكس ما هو حاصل في دول أخرى، لأنها تخشى الضغوط الدائمة من الشركات المدعومة سياسياً، ما يجبرها على الالتزام بالشروط المذكورة.
وتزعم مصادر الشركة أنها تطبق معايير صارمة، وأنها تحظر كل سائق عن التطبيق نهائياً في حال عدم التزامه بالمعايير الموضوعة، أو عندما يتم إرسال شكاوى من الركاب حول سلوك معين. وتشير الى أنها قدمت كامل المعلومات التي ساهمت في كشف ملابسات الجريمة، وذلك بسبب وجود تطبيق قادر على تحديد كامل المعطيات، من لحظة طلب الخدمة، والطريق الذي يسلكه سائق السيارة والتوقيت الذي تستغرقه الرحلة وأماكن التوقف، إضافة إلى طريقة الدفع ووقت الوصول.
وكانت شركات التاكسي في لبنان قد حاولت منع استخدام تطبيق «أوبر» في لبنان ورفعت دعاوى قضائية عدّة ضده، لأن الشركة لا تتكبد أي أكلاف مقارنة بالضرائب والمصاريف المرتفعة، وهذا ما يؤدي إلى منافسة غير عادلة بينها وبينهم، إذ إن «أوبر» لا تشغل أسطولاً خاصاً بها، ولا تشتري سيارات وأرقاماً عمومية، بل تعتمد على سائقين يمتلكون سياراتهم الخاصة، وبالتالي تستغل قوة عملهم لتحصيل أرباحٍ من دون تكبّد عناء أي استثمار، علماً بأن بعض السائقين العموميين يفضلون العمل معها، بسبب حرية اختيار وقت العمل بالاعتماد على التطبيق، وعدم وجود اشتراك شهري ملزم كما في حال الشركات، إذ يحصل التطبيق على نسبة من ناتج العمل المتأتي من التطبيق حصراً.




المشنوق: قاطعوا «أوبر»

قطع سائقو «أوبر» ليل أمس الطريق تحت ​جسر الرينغ​ ـــ ​فؤاد شهاب​ لبعض الوقت احتجاجاً، بعدما دعا وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​، في الغداء السنوي لبلدية بيروت​، اللبنانيين إلى عدم استخدام خدمة «أوبر» لأنّها «غير آمنة ومحفوفة بالخطر»، لافتاً إلى أنّ «هناك مكاتب تاكسي آمنة ومعروفة يمكن التعامل معها». ونوّه بأنّ «هذه الخدمة ليس لديها هيكل قانوني للتعامل معه، بل هي خدمة على الإنترنت، وبالتالي الأفضل العودة إلى وسائل النقل الكلاسيكية»






شركة نقل وليست تطبيقاً إلكترونياً

قررت محكمة العدل الأوروبية، الأربعاء الماضي، اعتبار تطبيق «أوبر» بمثابة شركة سيارات أجرة عادية، وينبغي أن تنظم وضعها القانوني على هذا النحو. وقال الحكم إن الخدمة التي تقدمها «أوبر» تربط الأفراد مع السائقين غير المؤهلين، وهي مغطاة قانوناً بالخدمات في مجال النقل، في وقت تدّعي فيه أنها مجرد مزوّد خدمة، لربط المستهلكين مع السائقين في أكثر من 600 مدينة حول العالم. وقد طُرحت القضية من قبل رابطة سائقي سيارات الأجرة الإسبانية التي تعتبر أن «أوبر» هي شركة سيارات أجرة، ويجب أن تخضع للقواعد التي تنظم مثل هذه الشركات في المجتمعات التي تعمل فيها.
ووافق المستشار الأعلى لمحكمة العدل الأوروبية، المحامي العام ماسيج سبونار، على الرأي القاضي باعتبار «أوبر» شركة تعمل في مجال النقل، وأضاف أن الشركة يمكن أن تطلب بالتالي الحصول على التراخيص واللوائح اللازمة بموجب القانون الوطني. لكن «أوبر» تحدّت الحكم وأعلنت أنها لن تغير اللوائح التي تخضع لها. في وقت هددت فيه محكمة العمل في لندن في تشرين الثاني الماضي الشركة بفقدان ترخيصها، إن لم تدفع للسائقين حداً أدنى للأجور وتمنحهم إجازة مدفوعة الأجر.
وواجهت «أوبر» معارضة ضخمة من شركات سيارات الأجرة والمنافسين الآخرين حول العالم، بسبب تجنبها اللوائح المكلفة مثل متطلبات التدريب والترخيص للسائقين والمركبات، حيث غالباً ما يخضع سائقو سيارات الأجرة المرخصة لمئات الساعات من التدريب، وهم يتهمون «أوبر» بتعريض وظائفهم للخطر.