لم يمض أسبوع على رفع الفلسطيني محمود حجير دعوى قضائية ضد مواطنه ابن عين الحلوة كمال بدر وشماتته علناً بقيامه بتسليم نفسه إلى استخبارات الجيش الإثنين الفائت، حتى عاجله أحد الأشخاص مساء أمس بإطلاق الرصاص على رأسه ليتوفى متأثراً بجروحه.
تفكيك المشهد يوضح أن حجير، الخمسيني سائق التاكسي، هو شقيق الضابط في قوات الأمن الوطني مسعد حجير الذي اتُّهم الإسلامي المتشدد بلال بدر، شقيق كمال، باغتياله عام 2013 خلال قيامه بمهامه في الشارع في وضح النهار. في الاشتباكات اللاحقة التي وقعت بين فتح ومجموعة بدر في المخيم، تعرضت منازل عائلة حجير في حي الطيرة لاعتداءات وإحراق ممتلكات، اتُّهم الشقيقان كمال وبلال وعناصرهما بالوقوف خلفها. لم يصفح أولياء الدم عن الجناة. وما إن انتشر خبر تسليم كمال نفسه الإثنين الفائت إلى حاجز الجيش عند مدخل المخيم، حتى سارع محمود حجير إلى رفع دعوى ضده تتهمه بالاعتداء على منازل العائلة والمشاركة في الاشتباكات والتورط في اغتيال شقيقه مسعد. قبل هذا وبعده، لم يتوانَ محمود عن مهاجمة مجموعة بدر. وقبل وفاته، انتشر تسجيل صوتي نسب إليه يشمت فيه بتسليم كمال نفسه ويتوعده بأن تطول إقامته في السجن، وليس كما وُعد بتسوية ملفه سريعاً.
مساء أمس، وبينما كان حجير في سوق الخضر في الشارع الفوقاني، تسلل شخص من أحد الأزقة وصوّب سلاحه من نوع كلاشنيكوف باتجاهه. أصيب حجير إصابات بالغة نقل على إثرها إلى مستشفى الراعي حيث توفي متأثراً بالإصابة البالغة في رأسه. بعد حادثة الاغتيال، نقل مصدر أمني من داخل المخيم عن شهود عيان أن طريقة الاغتيال «تشبه عمليات الاغتيال السابقة التي اتهمت بها مجموعة بدر. وشوهد اثنان من أفراد المجموعة برفقة مطلق النار». أما ابنة القتيل، فقد نسب إليها تسجيل صوتي «تتّهم فيه بدر باغتيال والدها عبر محمود عزب الملقب بالبولز».
الاغتيال أدرج في خانتين بحسب مصادر مواكبة؛ الأولى الانتقام من حجير نفسه، والثانية تحذير المطلوبين ممّن يفكرون في تسليم أنفسهم. لكن الرسالة الأهم التي وصلت إلى عين الحلوة أن بدر لا يزال هنا وبقدرته ذاتها المعهودة قبل معاركه الأخيرة مع فتح، وأن المخيم عاد إلى دوامة الاغتيالات الخاطفة». من هنا، فقد أعاد الاغتيال المخيم إلى المربع الأول بعد المعارك التي شنّتها الحركة ضد مجموعة بدر في محاولة للقضاء عليها وإنهاء مربعها الأمني في حي الطيرة. تقهقر بدر وعناصره من الطيرة، لكنهم لم يستسلموا. المصدر الأمني لفت إلى أن مقر بدر الجديد هو الرأس الأحمر. من هناك، يترصد عمل «لجنة متابعة ملف المطلوبين الفلسطينيين» التي شكلتها القوى والفصائل الفلسطينية بالتنسيق مع المرجعيات اللبنانية لتسوية ملفات عشرات المطلوبين من أبناء المخيم. وكانت لافتة «نوعية» الذين سلموا أنفسهم في الأسابيع الأخيرة طمعاً بتسوية ملفاتهم القضائية، ومنهم كمال شقيق بلال بدر، ويحيى نجل الموقوف عماد ياسين ومحمد زهران. إلا أن الضربة الأقسى التي سجّلت ضد المتشددين، كانت العملية الخاطفة التي قامت بها فتح قبل يومين، وأدت إلى توقيف المتشدد ساري حجير الذي تردد اسمه في جريمة اغتيال العميد الفتحاوي أبو طلال الأردني والمشاركة في معارك المتشددين ضد الحركة. وقد سُلِّم ساري حجير إلى الجيش.
وفي وقت لاحق من الليل، رمى عناصر مقنّعون تمركزوا بين حي الصفصاف والشارع الفوقاني عبوتين باتجاه مقر تابع للعميد الفتحاوي أبو أشرف العرموشي في حي الطيرة، حيث تمركزت عناصره في المربع الأمني السابق لبلال بدر بعد طرده منه. عناصر العرموشي ردّوا بإطلاق النار باتجاه مصدر العبوتين، ما استدعى رداً على مصادر النيران من الجهة المقابلة.