السجال بين أصحاب المدارس الخاصة ولجان الأهل، في قضية الأقساط، يدور حالياً في الوقت الضائع. لا شيء محسوم: هل ستزاد الأقساط؟ وبأي نسبة؟ هل سيتقاضى المعلمون رواتبهم على أساس قانون السلسلة؟ وكيف؟ ومتى؟
الكل في انتظار إعداد المدارس لموازناتها للعام الدراسي (2017 ـ 2018)، بين شهري تشرين الثاني وكانون الأول، والتي ستظهر فيها الأجوبة. لكن في الفترة الفاصلة، يستمر شد الحبال بين إدارات المدارس، الأهل والمعلمين. لا يزال كل طرف من هذه الأطراف الثلاثة يتمسك بمواقفه التي يدافع عنها بكل الوسائل الممكنة ويضغط باتجاه تحقيقها، إن عبر بيانات أو تصريحات إعلامية أو حتى شائعات.

شائعات عن زيادات مرتقبة

في اليومين الماضيين، انتشرت عبر «فايسبوك»، و«واتساب» أخبار عن مدارس ستدفع حقوق المعلمين وأخرى لن تلتزم بها، وأنّ إدارات مدارس (تمت تسميتها) استدعت أعضاء لجان أهل وأبلغتها بأن الزيادة على الأقساط واقعة لا محال بمجرد التفكير بتطبيق السلسلة. وتناقل ناشطون أرقاماً عن الزيادات مثل زيادة مليون و200 ألف ليرة على كلّ تلميذ في إحدى المدارس ومليون و800 ألف في مدرسة أخرى، وأنّ بعض أصحاب المدارس قالوا للأهل إنهم يستندون إلى تعميم صدر أخيراً عن وزير التربية مروان حمادة يسمح بفرض زيادة تراوح بين 22% و28%. وهناك من تحدث عن رؤساء لجان أهل اتفقوا فعلاً مع أصحاب المدارس على الزيادة، ليتبين أن رئيس اللجنة في المدرسة التي جرى التداول بشأنها ترك اللجنة أصلاً ولن يترشح للانتخابات المقبلة بل وغادر البلد.

لا سلسلة من زيادة الأقساط

في هذه الأثناء، يكرر أصحاب المدارس يومياً، وعلى رأسهم الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، مطالبة الدولة بتغطية كلفة تطبيق قانون السلسلة من المال العام «دوغما» وبالمطلق ومن دون تمييز بين فئات المدارس، أي بين مدرسة كبيرة تربح وقادرة على الالتزام بحقوق المعلمين بلا أي زيادة على الأقساط، وأخرى صغيرة قد تتأثر بالزيادة.
حجة هؤلاء في ذلك أن دفع السلسلة سيزيد العجز الموجود أصلاً، في وقت تكشف مراجعة عدد من الموازنات أدلة عن تلاعب في الحسابات لجني أرباح غير مشروعة من جيوب الأهل.
إلاّ أنّ رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران حنا رحمة أشار في حديث إلى جريدة «الديار» إلى أن «معظم مدارسنا تعجز عن جني 60 في المئة من الأقساط، أي أنها لا تُحصّل قيمة مجموع رواتب أساتذتها». وقال إنّ قيمة الأقساط التي لم تحصلها إدارات المدارس من الأهالي هي 40 إلى 45 مليار ليرة، فمن أصل 337 مدرسة كاثوليكية، هناك فقط 20 مدرسة تتمكن من ترتيب أمورها، فيما 317 مدرسة تتخبط في وضع مالي مزرٍ».
الأهم أن رحمة لوّح بزيادة قد تصل إلى مليون ليرة على كل تلميذ إذا جرى تبني هذه السلسلة هذا العام، وإن «حسمنا عدم الاعتراف بالسلسلة تم لأننا ارتبطنا مع تلامذتنا وأساتذتنا ضمن عقود». المفارقة أن يقول إن حسابات السنة المقبلة ستكون مختلفة وسنضع الأهالي في أجواء الكلفة الجديدة للأقساط، وعلى أساسها يختار الأهالي إما البقاء في مدارسنا أو مغادرتها!

وزير التربية: لا خلاف على حقوق المعلمين

ليس هذا هو الجو الذي ينقله وزير التربية مروان حمادة عن أجواء اجتماعه قبل يومين بالمسؤولين في المدارس الكاثوليكية وباقي الممثلين عن المدارس الدينية والعلمانية، الذين التقى كلاً منهم على حدة. فقد قال في اتصال مع «الأخبار» إن هناك إجماعاً على الاعتراف بكامل حقوق المعلمين المنصوص عنها في قانون السلسلة، والنقاش سيكون على تأمين السيولة، لا سيما في المدارس الصغيرة التي يقولون إنها غير قادرة على تحمل أعباء إضافية، وعلى إمكان إيجاد صيغ حلول بشأن الدرجات الاستثنائية مثل تقسيطها أو ما شابه.

وزير التربية: لن أسمح
بإقفال المدارس ووضع
الطلاب في الشارع


وعما حكي عن إصداره تعميماً يجيز رفع الأقساط بنسبة تراوح بين 22 و28%، يقول: «لا شيء من ذلك صحيح وسنشهد خلال الأيام المقبلة مزيداً من الضغوط والشائعات». ويذكّر بأنّ الرقم الذي تحدث عنه دائماً والذي أظهرته الدراسة التي أعدتها وزارة التربية حول تأثير السلسلة على الأقساط تراوح بين 13% و18% بالحد الأقصى.
نسأل الوزير عن الزيادة المتداولة للأقساط؟ يجيب: «لدي بيانات داخلية من مدارس كاثوليكية تظهر أن المدارس لم تفرض أي زيادة على الأقساط هذا العام في انتظار إعداد الموازنة الجديدة».
حمادة كشف أن لجنة الطوارئ التي شكلت من الأطراف المعنية للتوافق على قراءة واحدة للمعاييرالمنصوص عنها في القانون 515 الناظم للموازنات المدرسية، ستعود إلى الاجتماع، صباح السبت المقبل، بعد انقطاع دام نحو شهرين، مشيراً إلى أن النقاش سيتركز حول إيجاد التوازن بين إعطاء المعلمين حقوقهم وعدم قهر الأهالي بزيادة الأقساط والنظر بأوضاع بعض إدارات المدارس، خصوصاً أنّ هناك من قال لنا إنه يعاني من عجز نتيجة عدم تسديد الأهالي للأقساط في السنوات الماضية. يشدد على أنه لن يسمح بالإضراب وإقفال المدارس ووضع الطلاب في الشارع. لكن أين أصبح مشروع التدقيق في موازنات المدارس الذي تضمنته خارطة الطريق التي أطلقتموها مع انطلاقة الحوار في وزارة التربية؟ يؤكد حمادة أن الأمر يسير على قدم وساق وقد جرى الاتفاق مع نقابة خبراء المحاسبة وبدأ توقيع العقود عملياً مع خبراء وشركات محاسبة.
الوزير التقى أيضاً رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود منذ أيام لبحث إمكانية مواصلة الحوار تحت قبة وزارة التربية. عبود أكد في اتصال مع «الأخبار» أنّه أبلغ الوزير أن المعلمين متمسكون بكامل حقوقهم من دون زيادة أو نقصان ولن يرضوا بتقسيطها أو تجزئتها، وأنّ أحداً لن يمون عليه لوقف إضراب 2 تشرين الثاني المقبل، لأن هذا التحرك تقرر بناءً على الإعلان صراحة عدم دفع الحقوق المستحقة نهاية شهر تشرين الأول الجاري. ويتزامن الإضراب مع اعتصام تحذيري في مراكز فروع النقابة في المحافظات، احتجاجاً على محاولات قضم حقوق المعلمين. وسيعقد مؤتمراً صحافياً في اليوم نفسه لإعلان الخطوات التصعيدية اللاحقة، رافضاً الإفصاح عن أشكال التصعيد. إلّا أنّ عبود يكشف عن تلقيه عشرات الاتصالات يومياً من المؤسسات التربوية لإجراء حوار ثنائي بين أصحاب المدارس والمعلمين، لافتاً إلى أنّه أرسل عبر الوسطاء أن لا حوار على الحقوق في السلسلة ووحدة التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص.

لجان الأهل: لن ندفع الزيادة

على خط موازٍ، بقيت لجان الأهل في المدارس الخاصة على اختلاف تركيباتها تجمع على عدم تحميل الأهل أي زيادة على الأقساط المدرسية، باستثناء بعض التفاوتات في الطروحات، ففي حين تصر هيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور على لسان منسقها قحطان ماضي أن المعركة يجب أن تبقى مصوبة باتجاه فتح موازنات المدارس وفضح أرباح أصحابها غير المشروعة. في المقابل، ترى ميرنا الخوري، رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان ـ جبيل والفتوح أن الأولوية هي لعنوانين: العنوان الأول هو رفض دفع أي زيادة رفضاً قاطعاً وعدم توقيع أي موازنة تتضمن زيادة ناتجة عن تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب، فيما تلفت إلى أن فتح الموازنات هو مطلب وافقنا عليه عندما صدقنا على خريطة طريق وزارة التربية، لكننا نعتبره تفصيلاً في المرحلة الراهنة، «ولا نثق صراحة بأن وزارة التربية ستخطو هذه الخطوة».
ريمون فغالي، عضو اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في بيروت، يوافق على رفض الزيادة من دون الإقرار صراحة بالامتناع عن توقيع الموازنات، لكنّه يعارض فتح الموازنات لكونه طرحاً غير عملي كما يقول ويأخذ وقتاً طويلاً، وأصحاب المدارس لن يدعوا أحداً يدخل إلى قطع الحساب والقيود.