لم يكن الاجتماع الموسّع الذي عقد أمس في سرايا طرابلس عادياً، ذلك أنه كان في الشكل يهدف إلى معالجة قضية إزالة المخالفات في طرابلس، كما حصل في اجتماعات سابقة، لكن في المضمون كان معنياً بقضية النازحين السوريين في طرابلس والشمال، والبحث في كيفية معالجة واحتواء تداعيات وجودهم أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.
وكان الدافع وراء عقد هذا الاجتماع الموسع، الذي حضره قائمقامو الأقضية الشمالية ومسؤولون أمنيون ورؤساء اتحادات البلديات ورؤساء بعض البلديات الكبرى، بعدما كانت الاجتماعات السابقة تقتصر على مسؤولين في نطاق مدينة طرابلس، إيجاد مخرج ملائم يحفظ ماء وجه فاعليات سياسية واجتماعية وبلديات عدة شنت حملات حادة على النازحين السوريين، وصفها البعض بالعنصرية، وطالبت بطردهم وبمنعهم من السكن في نطاق بلدات ومناطق معينة، بعد مقتل الشابة ريّا الشدياق في بلدة مزيارة ــ زغرتا، في 22 أيلول الماضي، واتهام ناطور سوري بقتلها بعد اغتصابها وسلبها.
لكن معلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر المجتمعين، أفادت بأن «الهدف من عقد اللقاء، كان احتواء ردّ فعل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التي عبرت عن استيائها من قرارات وتصرفات اتخذتها بلديات واتحادات البلديات في حق النازحين السوريين في نطاقها، واعتبرتها غير مقبولة أبداً، وأنها هددت بكشف هذه التصرفات، وبتخفيض أو توقيف المساعدات التي تقدم للبنان لمساعدة النازحين إذا استمر الوضع على المنوال ذاته بلا معالجة».
وأوضحت مصادر المجتمعين أن اللقاء الذي ترأسه وزير العمل محمد كبارة ومحافظ الشمال رمزي نهرا، "كانت مقرراته جاهزة مسبقاً، وهي حاولت التخفيف من حالة التعرّض للنازحين السوريين وتحويله إلى اجتماع يهدف، في الشكل، إلى حماية اليد العاملة اللبنانية من المنافسة غير المشروعة وغير القانونية من قبل اليد العاملة السورية، وإلى تنظيم سوق العمل في لبنان، وإلى التشدد في الرقابة في مجالات عملهم وسكنهم، مع الإشارة، شكلاً، إلى مراعاة الشروط الإنسانية والاجتماعية للنازحين».
غير أن المصادر كشفت بعض ما دار في الاجتماع ولم يرد ذكره في البيان الختامي للقاء، فقد دعا بعض الحضور إلى "إقامة مخيمات للنازحين السوريين في مناطق معينة بالقرب من مدينة طرابلس، من أجل ضبطهم»، لكن مرجعاً أمنياً كان حاضراً في اللقاء رفض الأمر، وقال: "لن نقبل بوجود مخيمات نزوح جديدة بالقرب من طرابلس»، في إشارة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في البداوي ونهر البارد.
وأشارت المصادر إلى أن أحداً لم يطرح بجديّة حلولاً لمعالجة أزمة النازحين، كما لم يتطرق أحد إلى قيام حوار بين الحكومتين اللبنانية والسورية لمعالجة أزمتهم، إنما كل ما حصل هو أن كل طرف كان يحاول رمي الأزمة بعيداً عنه، وأن تلميحات بشكل غير مباشر قيلت في اللقاء، عبّر أصحابها عن رفض إقامة وسكن النازحين السوريين في المناطق المسيحية، وأن يقتصر وجودهم فيها فقط للعمل نهاراً وبشروط، على أن يكون سكنهم في المناطق الإسلامية، ما دفع بعض الحاضرين إلى التساؤل: "هل إذا أقام هؤلاء النازحون في المناطق الإسلامية ستحصل هذه المناطق على الحصة الأكبر من المساعدات الدولية التي تأتي إلى لبنان، أم أن عبئهم سيرمى على مناطق معينة من دون مدّ يد المساعدة لها، ولا التفات الدولة إليها؟».
وطرح بعض رؤساء البلديات واتحادات البلديات في اللقاء أسئلة، مثل: "كيف يمكن أن ننظم عقود إيجار للنازحين السوريين، وأكثرية أبنية البلدات غير شرعية، وكيف يمكن أن نجري أو ننظم إحصاء لأعداد النازحين في بعض البلدات، وهم بالمئات، بينما لا يوجد لدى عدد من البلديات سوى شرطي واحد؟».