تكاد الحملة الأميركية ــ السعودية ــ الإسرائيلية ضد لبنان، وأزمات التحالفات والمال السياسي المفقود (حتى الآن)، تدفع بالقوى السياسية إلى التعاطي ببرودة مع استحقاق الانتخابات النيابية. منذ 25 يوماً لم تجتمع اللجنة الوزارية المعنية بمناقشة تطبيق قانون الانتخاب، وحتى الآن لم يحدّد الرئيس سعد الحريري موعداً لجلسة جديدة للجنة لاستكمال النقاش الذي توقّف عند الانقسام حول مبدأ التسجيل المسبق للناخبين.
«قبل شهر، كان رئيس الحكومة والوزير جبران باسيل مستعجلين على اجتماعات اللجنة، لا ندري الآن ماذا يحصل»، يقول أحد الوزراء المشاركين في اللجنة لـ«الأخبار». ويضيف «لا ندري لماذا هذه البرودة، من الأفضل أن نحسم أمورنا الآن حتى تعرف الكتل السياسية والأحزاب كيف تكمل عملها وتحضّر للانتخابات».
ومع أن مجموعة من العوامل تدفع الحريري إلى تهيّب الحسم في الملفّ الانتخابي، إلّا أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قدّم إلى الحكومة اقتراحاً بالتدابير والاعتمادات الماليّة اللازمة لإجراء الانتخابات، وَوُضعت بنداً أوّل على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء غداً.

لا يزال الانقسام
متجذّراً حول مبدأ التسجيل المسبق


وتطلب وزارة الداخلية في اقتراحها مبلغاً يقدّر بحوالى 70 مليار ليرة بدل تكاليف تنفيذ الانتخابات، وهي عبارة عن رواتب لنحو 9 آلاف رئيس قلم اقتراع، حوالى 7000 منهم في القرى و1000 للمراكز الكبيرة للتصويت في أماكن السكن، وألف احتياط، وتجهيزات لوجستية أخرى، ليبقى اقتراح البطاقة البيومترية مشروع قانون أمام مجلس النواب، بعد أن أحاله الرئيس نبيه برّي على اللجان لمناقشته. وقالت مصادر وزارية إن «الاعتمادات التي تطلبها الداخلية معقولة ولا نتوقّع أن تحصل خلافات حولها»، مؤكّدةً أن «جزءاً منها يمكن تأمينه الآن». وفي حين تقول مصادر أخرى إن المبلغ كبير، بالمقارنة مع تكلفة انتخابات عام 2009، تقول مصادر معنيّة إن «الوزير السابق زياد بارود طلب يومها 22 ملياراً وصرف 18 ملياراً، وتمّ تقديم مساعدات عديدة للبنان وهبات من الأمم المتحدّة للعوازل والصناديق، والتي لا تصلح هذه المرّة بسبب التصويت النسبي، ويمكن أن تتضاعف كلفة الـ2009 مع وجود المراكز الكبيرة».
وأمام التأخر في الاتفاق على البطاقة البيومترية ومرور الوقت على إمكانية إصدارها قبل الموعد المحدّد للانتخابات، يصبح مبدأ التسجيل المسبق ضرورة لوجستية حتمية، في حال تمسّكت القوى السياسية بمبدأ التصويت في مكان السكن. وهذا الأمر يفتح النقاش مجدّداً حول مبدأ التسجيل المسبق، الذي يعارضه التيار الوطني الحر ويجاريه تيار المستقبل، ويتمسّك به حزب الله وحركة وأمل وحلفاؤهما، فيما اتخذت القوات اللبنانية موقفاً محايداً مؤخّراً.
وأمام إلغاء البطاقة البيومترية وإهمال التسجيل المسبق، يهدّد الانقسام مبدأ التصويت في مكان السكن. ويعلّق النائب آلان عون على هذه الجدليّة بالقول إن «التيار الوطني الحرّ لم يتنازل عن مبدأ التصويت في أماكن السكن»، معتبراً أن «هذا أحد أهمّ إنجازات قانون الانتخاب الجديد ويجب التمسّك بهذا التطوّر وعدم التخلّي عن هذه الفرصة لتحديث القانون». ودعا عون الحكومة إلى «حسم الإجراءات المتعلّقة بتطبيق قانون الانتخاب حتى يتمكّن المرشحون والأحزاب والناخبون من تحديد آليات العمل والبدء بالحملات الانتخابية، وحتى يتسنّى للناخبين الاطلاع على تفاصيل تطبيق القانون ومعرفة حقوقهم وكيفية التعبير عنها». وأكّد عون أن «التيار الوطني الحرّ لم يفقد الأمل في إصدار البطاقات البيومترية».
أمّا وزير الداخلية، فيعيد ما أكّده خلال لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون أول من أمس، وما كرّره عون نفسه، عن أن «الانتخابات النيابية في موعدها، وكل كلام يقال عكس ذلك ليس صحيحاً». وعمّا إذا كانت مسألة التخلّي عن البيومترية محسومة، وحول إلغاء مبدأ التصويت في أماكن السكن، يؤكّد المشنوق لـ«الأخبار» أن «التخلّي عمّا تم الاتفاق عليه ليس سهلاً»، مشيراً إلى أن «إلغاء مبدأ التصويت في مكان السكن يحتاج إلى التوافق بين القوى السياسية وليس قراراً منفرداً».
(الأخبار)