في خطوة استباقية، قررت هيئة التنسيق النقابية تنفيذ الإضراب العام والشامل في المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والمدارس الخاصة والإدارات العامة، ابتداءً من اليوم، معلنة أنها ستبقي اجتماعاتها مفتوحة لاتخاذ الخطوات في ضوء التطورات الحاصلة واجتماعات مجلس الوزراء، ملوحة باستخدام حقها باتخاذ الإجراءات التصعيدية، بما في ذلك التظاهر والاعتصام وتعطيل المرافق العامة.
قرار الإضراب أتى، بحسب بيان الهيئة، في ظل «تسارع التطورات، وأمام مؤشرات رضوخ أطراف في الطبقة الحاكمة لضغوط الهيئات المصرفية والاحتكارية وتكتل أصحاب المدارس الخاصة، وأمام ما يشاع من أن مجلس الوزراء يتجه إلى مشروع قانون تأجيل دفع الرواتب على الأساس الجديد إلى ما بعد إقرار الموازنة المعطلة منذ ١٢ سنة».
الاتحاد العمالي العام دعا هو الآخر إلى الاضراب التحذيري والشامل، اليوم، في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والبلديات والمستشفيات الحكومية، احتجاجاً على «تلويح مجلس الوزراء بتأجيل أو تعليق قانون السلسلة، والإنقلاب على الحقوق المكتسبة للموظفين». ويشمل الإضراب البلديات، مرفأ بيروت، الضمان الاجتماعي، كهرباء لبنان، إدارة حصر التبغ والتنباك، أوجيرو، مؤسسات ومصالح المياه في المحافظات، النقل المشترك وسكك الحديد، مشروع الليطاني، إهراءات الحبوب في مرفأ بيروت وكهرباء قاديشا.

الَإضراب يوماً بيوم

وقبل أن تتلقى هيئة التنسيق أجوبة الجمعيات العمومية على توصيتها الأخيرة بالإضراب ابتداءً من 2 تشرين الثاني المقبل، بدأت تنفيذه منذ اليوم، فيما يوضح أمين الإعلام في رابطة التعليم الأساسي عدنان برجي أن الخطوة الطارئة ليست إضرابا مفتوحاً وليست في الوقت نفسه ليوم واحد، إذ إنّ مصير الإضراب سيحدد يوماً بيوم، في ضوء المستجدات. وينفي أن يكون القرار مجرد تسجيل موقف بل إن روابط الهيئة وقياداتها لن تحتمل غضب القواعد وهي تعد فعلاً للتصعيد، وستعلن الموقف المناسب في الوقت المناسب.

لا مفاوضات مع السلطة من دون ضغط في الشارع


وعطفاً على قرار هيئة التنسيق، أكدت رابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي، في بيان أصدرته، توقف الاعمال الادارية وتسجيل الطلاب في جميع المدارس والمعاهد، فيما قررت إجراء الامتحانات الرسمية للدورة الثانية وفق البرامج والمواعيد المقرّرة سابقاً «كيّ لا يكون الطلاب رهينة التجاذبات السياسية، كما قالت، وحرصاً على مصلحتهم».

معلمو الخاص سيلتزمون؟

وفيما الأنظار تتجه إلى مدى التزام المدارس الخاصة بالتحرك، أشار رئيس نقابة المعلمين رودولف عبود إلى «أننا نتواصل مع المعلمين في كل المناطق لحثهم على المشاركة الكثيفة».
عضو النقابة السابق مجيد العيلي رأى أن «إعلان الاتحاد العمالي الإضراب حسم مسألة التزام معلمي البعثة العلمانية الفرنسية به، علماً بأنّ مدارسها كانت قد أبدت استعدادها لدفع الرواتب بحسب السلسلة الجديدة وطلبت من معلميها عدم الاستجابة باعتبار أنّ لا جدوى للإضراب، وبناءً عليه سيكون هناك إضراب في مدارس الليسيه الفرنسية في بيروت وطرابلس والنبطية».
أما في المدارس الكاثوليكية فالعام الدراسي لم يبدأ بعد، وسيكون اليوم الدراسي الأول الثلاثاء. وعلمت «الأخبار» أن المعلمين في مدارس جمعية التعليم الديني ــــ مدارس المصطفى والمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم ــــ مدارس المهدي، ومؤسسات الإمام الصدر التربوية سيشاركون في الإضراب وكذلك الأمر بالنسبة إلى مدارس الحريري. فيما معلمو جمعية المقاصد ينتظرون الفرج من مجلس الوزراء «فلسنا من هواة الإضراب».

الإدارة العامة: استياء عارم

يتوقع أن يعطّل الإضراب الوزارات والإدارات العامة بصورة كبيرة باعتبار أن السلسلة الجديدة أنصفت موظفي هذا القطاع إلى حد ما. ويقول عضو الهيئة الإدارية لرابطة الموظفين ابراهيم نحال إنّ الموظفين مستاؤون من قرار تأجيل دفع الرواتب على الأساس الجديد، وشعروا بغبن شديد بسبب الإخلال في الوعود التي قطعت لهم. وأكد أن القانونين 46 (سلسلة الرواتب) و45 (المواد الضريبية) منفصلان ومن شأن ربطهما ببعضهما البعض أن يؤلب الرأي العام ضد الموظفين وأصحاب الحقوق. وحمّلت الرابطة، في بيان لها، السلطة مجتمعة مسؤولية عدم الإيفاء بالتزاماتها وعدم صرف الرواتب آخر أيلول وفقاً للسلسلة (رغم عدم تلبيتها كامل الحقوق).

التيار النقابي المستقل: الإضراب المفتوح الآن!

وتزامناً مع جلسة مجلس الوزراء أمس، نفذ التيار النقابي المستقل اعتصاماً في ساحة رياض الصلح احتجاجاً على عدم تنفيذ مضمون سلسلة الرواتب والامتناع عن صرفها في موعدها. وطالب التيار مكونات هيئة التنسيق بعدم البدء بالعام الدراسي وإعلان الإضراب المفتوح في التعليم العام والخاص وفي الإدارات العامة الآن. ويؤكد القيادي في التيار جورج سعادة أن المرحلة مصيرية وحقوق الناس في خطر، متمنياً أن لا يتكرر سيناريو آذار الماضي حين فوضت الجمعيات العمومية رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي بالاستمرار في الإضراب المفتوح، فجرى يومذاك خرق الأصول الديموقراطية وتجاوز الإجماع الذي حصلت عليه الرابطة من الأساتذة وعلّق الإضراب. ويقول إن التجربة تثبت أن لا مفاوضات مع هذه السلطة السياسية من دون ضغط في الشارع.