على مدى الأسبوع الماضي، عقد مجلس القضاء الأعلى ستة اجتماعات لإنجاز التشكيلات القضائية التي ستشمل نحو مئتي قاضٍ. آخر تشكيلات قضائية أُنجزت في عام ٢٠١٠. ومنذ ذلك الوقت، أصاب الشلل هذا الملف قبل أن يتم تحريكه في شباط الماضي. منسوب التفاؤل لدى أعضاء المجلس زاد بعد لقائهم رئيس الجمهورية الخميس الماضي. وبحسب مصادر المجلس، «أعاد اللقاء بفخامة الرئيس الأمور إلى نصابها في التعاطي مع المرفق القضائي».
وعلمت «الأخبار» أنّ الرئيس عون روى لوفد مجلس القضاء الأعلى أنه عرض، يوم كان قائداً للجيش، على الرئيس أمين الجميّل اقتراحه لتشكيلات الضباط، إلا أنه كان للجميل يومها رأي آخر، «فقلت للرئيس: فيك تغيّرني، بس ما فيك تُفرض عليّ تشكيلات مش مقتنع فيها». وأبلغ عون وفد القضاة أنّ «قضية التشكيلات عندكم. اعملوا تشكيلات وعالجوا كل خلل».
وبحسب المصادر، فإن «التشكيلات، تقنياً، تنتهي في أربعة أيام. لكننا نطبخها بهدوء لمراعاة جميع المعايير وتصحيح الخلل». وعما إذا كانت التشكيلات ستعتمد المناصفة تلبية لشرط الرئيس نبيه بري (توزيع القضاة سابقاً كان ٦ قضاة مسيحيين مقابل سنيين اثنين وشيعي ودرزي) الذي يطالب بإضافة قاضٍ شيعي لتحقيق التوازن، أكدت مصادر المجلس أنّ «هذه المسألة من ضمن الخلل المطلوب معالجته».

رئيس مجلس القضاء الأعلى: تجاوزنا العراقيل السياسية السابقة وليس هناك فيتو


رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد قال لـ«الأخبار»: «الوضع جيدّ. تجاوزنا العراقيل السياسية السابقة وليس هناك فيتو»، مشيراً إلى أنّ «التشكيلات ستكون شاملة لملء الشواغر في محاكم التمييز والاستئناف، سواء الرؤساء أو المستشارين. إضافة إلى إعادة تحريك العدلية بإجراء مناقلات للقضاة في مختلف المراكز». ولفت فهد الى أنّ «التشكيلات لن تطال كل القضاة»، مشيراً إلى أنّها ستطال أقل من نصف عدد القضاة بقليل.
ورغم تأكيد المصادر القضائية أنّ التشكيلات قطعت شوطاً كبيراً، إلا أنّها قالت «لا شيء ثابتاً ونهائياً في التوزيع حتى الآن»، وإنّ «التغييرات واردة في كل لحظة». لكنها أشارت الى أن إنجاز التشكيلات قبل نهاية الشهر الجاري «يكون محسوماً».
وأوضحت المصادر أنّ إحدى العقد تتمثّل في تعيين بديل للرئيس الأول في جبل لبنان القاضي كلود كرم، في ظل تمسّك وزير العدل سليم جريصاتي بتعيين القاضية غادة عون في هذا المنصب. ورغم إشادة معظم القضاة بنزاهة القاضية عون، يستحضر قضاة مقولة إنّ «القاضي البارع في الحكم ليس بالضرورة أن يبرع في النيابة العامة». أما منصب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فيبدو، بحسب مصادر رئيس الجمهورية، أن القاضي بيتر جرمانوس لا يزال الأوفر حظّاً لتولّيه، رغم تداول أكثر من اسم. كذلك تتحدث المصادر عن خلاف على اسم القاضي (الدرزي) الذي سيُعيّن في منصب رئيس إحدى غرف التمييز الجزائي الذي يشغله قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا بالانتداب. غير أنّ مصادر مطّلعة على إعداد التشكيلات تؤكد أنّ بورصة الأسماء لم تُحسم بعد.
إضافة إلى ما سبق، هناك مسألة تتعلق بقضاة النيابات العامة، إذ إن هذه المناصب التي لا تُعد مناصب قضائية صرفة، إنما تتعلّق بسياسة الدولة. وينقل القضاة أنّ العهد الجديد يركّز على تسمية هؤلاء القضاة باعتبارهم يُنفّذون رؤية الدولة الجديدة وسياستها. وعليه، فور الانتهاء من إعداد مشروع التشكيلات سيُحال إلى وزير العدل ليُحدّد في ضوئه إنّ كان سيوقعه ويحوّله إلى الحكومة لإقراره أو سيرده إلى مجلس القضاء الأعلى كما كان يحصل سابقاً. غير أنّ مصادر مقرّبة من رئاسة الجمهورية تؤكد أنّ قرار الرئيس عون كان واضحاً لجهة ضرورة إنجاز التشكيلات القضائية في أقرب وقت.
من جهة أخرى، سجل تململ في أروقة العدلية لدى القضاة من قرار العطلة الرسمية الذي ألزم موظفي العدلية بالتعطيل يوم السبت، من دون مراعاة خصوصية المرفق القضائي. ويرى القضاة أنّ العمل بالنظام الجديد يُضرّ بالعدالة. وتسأل: «هل يُعقل أن تُغلق العدلية أبوابها يومين متتاليين ليُترك كل موقوف جرى توقيفه يوم الجمعة يومين قيد التوقيف ولو كان بريئاً؟».