بشكل قاطع وصريح، رفض وزير الطاقة سيزار أبي خليل القسم الأكبر من ملاحظات إدارة المناقصات على دفتر الشروط الخاص بصفقة استقدام معامل توليد كهرباء، ولا سيما الجزء المتعلق بتوسيع المنافسة وفتح الخيارات أمام جميع أنواع العروض، سواء كانت معامل على اليابسة أو عائمة، وسواء كانت تعمل بواسطة الفيول أو الديزل أو الغاز بأنواعه أو الفحم الحجري.
لكن اللافت أن يردّ وزير الطاقة على اقتراح إدارة المناقصات الاستعانة بخبراء فنيين لمعاونة لجنة التلزيم بالآتي: لا مكان قانونياً لهكذا نصّ في دفتر الشروط، لخروجه عن إرادة العارضين. يثير هذا الردّ الشبهات حول قرارات وزير الطاقة التي تتخذ بناءً لإرادة الشركة الملتزمة، وليس للمصلحة العامة.
وبحسب مصادر وزارية، فإن ردّ الوزير أبي خليل على ملاحظات إدارة المناقصات لم يأت في موقعه وجاء ملتبساً، إذ إنه أثناء تصنيف هذه الملاحظات، يشير إلى أنه سيأخذ ببعضها ويُعلم مجلس الوزراء به، وأن هناك ملاحظات تتعدى على صلاحيات وزارة الطاقة، وأخرى تخالف قرارات لمجلس الوزراء. هذا الردّ كان مدعاة للقلق من أن تكون نيّة أبي خليل عدم عرض ملاحظات إدارة المناقصات على مجلس الوزراء، وبالتالي سلب مجلس الوزراء صلاحية تبنّي الملاحظات أو بعضها. وهنا تبرز المشكلة، إذ إن بعض الوزراء يرون أن قرار مجلس الوزراء خرج من الأمانة العامة لمجلس الوزراء منقوصاً، لأنه لم يتضمن ما اتفق عليه لجهة تعزيز المنافسة وفتح استدراج العروض أمام المعامل على اليابسة، بالإضافة إلى العائمة، وتوسيع خيارات وقود إنتاج الطاقة من الديزل والفيول أويل إلى الغاز بأنواعه والفحم حجري أيضاً.

بعض الوزراء يرون أن
قرار مجلس الوزراء خرج
من الأمانة العامة منقوصاً


واللافت في ردّ الوزير أنه لم يراع قرار مجلس الوزراء الأخير الذي يطلب من إدارة المناقصات إعداد ملاحظاتها استناداً إلى أحكام قانون المحاسبة العمومية، بل يتجاهل ذلك رافضاً القسم الأكبر من الملاحظات بالاستناد إلى قوانين أخرى. فهو من جهة يشير إلى أن قسماً من الملاحظات يخالف قرارات مجلس الوزراء، أو مغاير لدفاتر شروط دير عمار والزوق والجية، أو مخالف للنظام المالي لمؤسسة كهرباء لبنان.
ماذا جاء في ردود الوزير وكيف يمكن صرف هذه الملاحظات في معرض القوانين المرعية الإجراء؟
ــ طلبت إدارة المناقصات إثبات توافر الاعتمادات للصفقة، فردّ الوزير بأن تأمين النفقة من صلب اختصاص العمل الحكومي، رغم أن المادة 17 من نظام المناقصات تفرض على إدارة المناقصات «التدقيق في محتويات الملف والتتثبت من خلوّه من المخالفات والنواقص، وتتأكد بصورة خاصة من وجود ما يثبت توفر الاعتماد للصفقة». ولا تكتفي هذه المادة بذلك، بل تفرض أيضاً انطباق دفتر الشروط على القوانين والأنظمة، وخلوّه من «كل ما من شأنه تقييد المنافسة أو ترجيح كفّة أحد المنافسين».
وفي الواقع، إن هذه المادة تطيح الكثير من ردود الوزير على الملاحظات. فالقوانين المرعية لا يمكن تجاهلها حتى بقرار من مجلس الوزراء، وهذا لا يمنع السلطة السياسية من اتخاذ القرار بشأن تخطّي قانون المحاسبة العمومية أو تطبيق أحكامه. وبالتالي فإن الملاحظات على بنود مثل الضمان المؤقت بقيمة 50 مليون دولار لكل موقع، لا تراعي هذه المادة، ورفض الوزير تأمين المواقع على اليابسة للعارضين الراغبين يزيد من تقييد المنافسة ولا يوسعها، ورفض فتح الخيارات أمام الغاز الطبيعي بشقيه LPG وLNG هو عامل مقيّد للمنافسة أيضاً...
ــ ردّ الوزير على الكثير من الملاحظات بذريعة أن إدارة المناقصات وافقت على دفاتر شروط دير عمار والذوق والجية، وأن دفتر الشروط الحالي «استقدام معامل توليد كهرباء» مشابه لها، في محاولة لإحراج إدارة المناقصات ووضعها في مواجهة ملاحظاتها. لكن الواقع أن دفاتر شروط الجية ودير عمار والذوق مختلفة بشكل شبه كامل، فضلاً عن أن بعضها سجّل فشلاً ذريعاً، ولا سيما مناقصة دير عمار التي أطلقت ولم تنفذ منذ أكثر من سبع سنوات، وأن المتعهد، بسبب ثغر دفتر الشروط، يطالب الدولة بملايين الدولارات تعويضاً عن أشغال لم ينفذ منها شيئاً... ألا يوجب هذا الأمر تفادي الثغر السابقة؟ أليس ضرورياً الاستفادة ممّا حصل؟ علماً بأن الموافقة على دفاتر الشروط المذكورة جاءت في عهد المديرة العامة بالإنابة دلال بركات، وموضوعها «تلزيم أشغال لإنتاج الطاقة الكهربائية»، أي إنها لا تتضمن استقدام معامل، وتتعلق بأشغال تختلف نوعاً وكمّاً ومدة زمنية أطول لتقديم العروض.
ــ أما الذرائع التي قدّمها أبي خليل من أجل رفض قسم من الملاحظات بالاستناد إلى كونها مخالفة للنظام المالي لمؤسسة كهرباء لبنان، فهو أمر مستغرب، نظراً إلى السجال السابق حول هذه النقطة بالذات، والتي استعملت في استدراج العروض السابق (الملغى)، إذ كان الوزير يتذرع يومها بأن فضّ العروض تنفذه مؤسسة كهرباء لبنان، فيما كان قرار مجلس الوزراء ملتبساً لهذه الناحية تحديداً. أما اليوم، فالقرار واضح، ويشير إلى أن مجلس الوزراء كلف وزير الطاقة وحدّد له شروطاً لتنفيذ استدراج العروض. فلماذا تستعمل هذه الحجّة اليوم ما دام السجال السابق، الذي كان جزء منه يتعلق بالجهة التي تنفذ الصفقة، أدّى إلى وجود عارض وحيد وإلى إلغاء استدراج العروض.