مع الساعات الأولى لبعد ظهر أمس، كانت الطرقات المؤديّة إلى مطار بيروت، تعجّ بالقادمين والمواكب السّيارة، إلى احتفال ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه لهذا العام. رايات حركة أمل الخضراء تكاد تحجب الشمس اللاهبة لكثرتها، والوجوه تلوّحها الحمرة كلّما مرّ الوقت، بانتظار موعد الاحتفال عصراً.سجّاد أحمر يفصل صفّ الحضور الأوّل عن منصّة الاحتفال، حيث سيلقي الرئيس نبيه برّي خطابه، وأغنية «يا طير الجنوب» بحنوّها، تظلّل خلفية الصوت، في الفضاء المفتوح على بيوت الضاحية الجنوبية القريبة.

رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، كان أول الحاضرين الرسميين، ليأخذ مكانه في الصّف الأول، بين شابٍّ وطفلٍ من كشافة «الرسالة»، من بين مئات من أترابهم يملأون الصفوف الأولى، وكلٌّ يحمل اسم صاحب المقعد من الرسميين في يده. وجد رعد ما يسامر به الصّغيرين القاعدَين بقربه، فبدا هو مبتسماً وهما فَرِحَين لجواره، بعد أن اعتادا رؤيته عبر الشاشة، ثمّ بدآ يتسابقان وجيرانهما على التقاط الصور معه. وقت قصير، ويصل الحاج حسين الخليل، ممثّلاً الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله، ونوّاب آخرون من الحزب ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو والنائب أسعد حردان. دقائق قليلة، ويبدو الصّف الأول ممتلئاً: الوزير يوسف فنيانوس وجد مكانه سريعاً، وصار يبحث عن الوزير جمال الجرّاح، بعد أن قرأ اسمه على ورقة في يد طفلٍ يجلس على كرسّي قريب. ومع أن قوى «8 آذار» شبه حاضرة بأكملها، جمع احتفال أمل الرئيس أمين الجميّل ووزير الدفاع يعقوب الصّراف ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب أكرم شهيّب، وممثلي حزب القوات اللبنانية وآخرين كثر، من كل أطياف السياسة اللبنانية.
الوزير علي حسن خليل لا يكاد يهدأ، بين غرفة التحكّم والكاميرات ومنصّة الاحتفال، مطمئنّاً كل حين إلى الحضور، ليس في الساحة المخصصة للاحتفال فحسب، بل بما تأتي به الطائرة المسيّرة، من صور الحشود المجتمعة على الطرقات المؤديّة إلى مطار بيروت، ومثله يفعل مستشار الرئيس بري أحمد البعلبكي.

وجّه المصري
التحيّة إلى الرئيس السوري والجمهورية الإسلامية الإيرانية


الساعة الخامسة والربع، يكتمل الحضور، ويظهر التوتّر على عناصر الأمن المنتشرين بكثافة حول المنصّة. «الرئيس صار قريباً»، والجمهور «الحركيّ» أحسّ بذلك، فَعَلَت هتافات التأييد.
الشيخ حسن المصري هيّأ أذهان الحاضرين لإطلالة رئيس المجلس النيابي. قرأ أبياتاً من الشعر بصوته الخشن، مذمّاً بالرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي، وممجّداً دربَ الإمام الصدر ودماء الشهداء. ولم ينسَ تحيّة الرئيس السوري بشّار الأسد، مسمّياً إياه «أبا حافظ»، وكذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ومن خلف ثغرة مُخفاة في خلفية المنصّة، مشى برّي نحو المنبر الزجاجي المقاوم للرّصاص، وسط صرخات الحركيين المؤيّدة. وكما دائماً، لم يغب العميد يوسف دمشق عن مرافقته.
ولأكثر من ساعة، قرأ بري كلمته ملخّصاً مواقفه ومواقف التحالف السياسي الثابتة التي يمثّل، عائداً بالذاكرة إلى مواقف الإمام الصدر نفسه، ثم إلى خلدة 1982، وصولاً إلى عام 2000 وعام 2006، وأخيراً الأزمة السورية. ولتأكيد المؤكّد عن أهمية تحرير جرود السلسلة الشرقية من التكفيريين والتحالف الراسخ مع حزب الله، ختم برّي كلمته موجّهاً الدعوة للمشاركة في احتفال «عيد التحرير الثاني» اليوم في بعلبك.
لم يختر بري الاحتفال في بيروت عن عبث. بالنسبة إلى حركة أمل، تنظيمياً وسياسياً، اختيار طريق المطار هذا العام، بين الضاحية والعاصمة، رسالة في السياسة... والقوّة.