يبدو أن مشكلة المياه في القرى والبلدات الجنوبية لن تنتهي قريباً رغم انفاق ملايين الدولارات في السنوات الماضية على حفر الآبار الإرتوازية ومدّ شبكات جديدة للمياه وبناء خزانات ضخمة للمياه في بلدة برعشيت، وخزان مياه كبير في بلدة شقرا (بنت جبيل) تجرّ المياه اليه من مصفاة بلدة الطيبة (مرجعيون) وهو مزوّد بمضخّة عملاقة لضخ المياه الى 23 بلدة في بنت جبيل ومرجعيون.
عشرات القصص تروى على مسامع الأهالي عن عمليات فساد مختلفة متعلقة بتوزيع مياه النهر، ففي بنت جبيل ارتفعت أصوات الأهالي مجدداً مطالبة «بالعدالة في توزيع المياه ومنع الاعتداءات على المياه». يقول محمد كلاكش ان «موظفي مصلحة المياه متواطئون مع أصحاب الآبار الخاصة لبيع المياه... فيما نواب الأمة لا نراهم إلاّ أثناء تقديم واجب العزاء في نهاية الأسبوع». تروي مريم شرارة انه «خلال شهرين لم تصل المياه الى حي المحيريق في بنت جبيل إلّا مرة واحدة، بينما تصل المياه الى منازل معروفة في البلدة كل يوم». أما فؤاد بيضون فيشير الى أن «المياه لم تصل الى منزلي منذ شهر رمضان، ونحن ندفع الرسوم سنوياً، لكننا ندفع أيضاً أكثر من 70000 ليرة أسبوعياً لشراء نقلة المياه (الصهريج) من أصحاب الآبار الارتوازية». ويسرد أحمد نحلة من بلدة الطيبة (مرجعيون) كيف أن المياه انقطعت عن منزله طيلة فصل الصيف، ولم تصل إلّا ثلاثة أيام فقط، بينما آخرون ينعمون بالفائض منها، يفتحون العيارات، دون رقيب أو حسيب، ومن بينهم من لم يلتزم بدفع الرسوم المتوجبة عليه».

موظفو مصلحة المياه متواطئون مع أصحاب الآبار

يشرح أحد المتابعين لملف المياه في الجنوب (رفض ذكر اسمه) أن «نسبة المشتركين في المياه في قضاء صور لا تزيد على 30% فقط، ما أدى الى الفوضى وعدم دفع الرسوم لمصلحة المياه». ويشير الى أن «أبناء قرية بأكملها يحصلون على المياه بشكل مستقر، رغم أن اكثر من 1000 مواطن من أصحاب المنازل لم يتقدموا أصلاً للحصول على عيارات للمياه، وبالتالي لا يدفعون رسوم بعلم المسؤولين في المصلحة»، لافتاً الى وجود أكثر من 2000 مشترك في بنت جبيل، و1000 مشترك في بلدة شقرا و1000 مشترك في بلدة جويا و500 مشترك في برعشيت... ورغم ذلك لا تصلهم المياه إلا نادراً.
قبل ثلاثة سنوات عمد أحد رؤساء البلديات في قضاء بنت جبيل الى تحويل المياه القادمة من بلدة باتوليه (قضاء صور) الى بلدته، وأقفل القسطل الرئيسي الذي يغذي 13 بلدة أخرى. كان الحل بتأمين خطّ مياه جديد من مصفاة بلدة الطيبة، لكن رغم ذلك فإن المياه ليست كافية بسبب سوء التوزيع. ويعاني العديد من أبناء بلدة شقرا (بنت جبيل) من سوء توزيع وانقطاع مستمرّ ولأوقات طويلة، ما أجبر العديد لشراء المياه بأسعار باهظة. يشير محمد حمزة من بلدة الجميجمة إلى أن «المياه التي يجب أن تصل الينا من مضخّات وادي جيلو، تذهب الى البساتين في صور، وقد تابعنا المشكلة مع نواب المنطقة ومسؤولي مصلحة المياه في الجنوب، فحصلنا على الوعود فقط». ويحكي علي زين الدين عن «مأساة» المقيمون في بلدة صفد البطيخ، يقول: «لقد تحولت البلدة الى مدينة تجارية وسكنية يسكنها المئات من أبناء القرى والبلدات المجاورة اضافة الى النازحين السوريين، فقد أنشئت أبنية كبيرة تضمّ شققاً سكنية صغيرة تؤجر للفقراء بأسعار مقبولة، لكن أزمة المياه المستجدة أكلت جزءاً كبيراً من مداخيل هؤلاء الفقراء، لعدم وجود الآبار الخاصة بتجميع المياه، أو لوجود آبار صغيرة لا تكفي المقيمين».
يدعو وسيم بدر الدين (النبطية) «المتضررين الذين يشترون المياه، إلى التحرك احتجاجاً على هذا الوضع المذل والمهين»، ويطالب ناجي قديح المسؤولين في البلدية ومصلحة مياه الليطاني «بوقف التعديات على الشبكة ومحاسبة المعتدين، لأنه تسهل جداً معرفتهم»، مطالباً «بوضع عدادات لكل بيت وكل اشتراك، وليدفع كل مشترك ثمن ما يستهلكه فعلياً من المياه».




مشروع الليطاني تحت منسوب 800 متر

اختار اتحاد بلديات جبل عامل فندق «كمبنسكي» الفاخر على البحر عند مدخل بيروت لإقامة عشاء لرؤساء بلديات قضاء مرجعيون، بالتعاون مع شركة الخرافي وشركة ورد للمقاولات، بحضور وزير المال علي حسن خليل والنائب علي فياض.
تم خلال العشاء التداول في عملية تنفيذ مشروع الليطاني تحت منسوب 800 متر والمشاكل الطارئة التي يتوجب حلها وتجاوزها من خلال التعاون بين مجلس الإنماء والإعمار والشركة المتعهدة والبلديات في المنطقة.
ووعد الوزير خليل بتسهيل اعداد المرسوم المتعلق بالاستملاكات، على ان يتضمن سلسلة ضمانات وبنود قانونية تحفظ حقوق المواطنين ومصالحهم.
يهدف المشروع إلى نقل حوالى 110 ملايين متر مكعب من مياه الشفة والري لأكثر من 100 بلدة وقرية جنوبية، وينفّذ على مرحلتين. الأولى يتم فيها نقل المياه من سد القرعون إلى الجنوب، أما الثانية فتشمل أشغال تجهيز الأراضي الزراعية بشبكات وتجهيزات الري، إضافة إلى أشغال استصلاح الأراضي والطرق الزراعية ومراكز الإرشاد.