بدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما أشيع في اليومين الماضيين عن أنه سيوقّع قانونَي سلسلة الرتب والرواتب والتعديلات الضريبية قبل نهاية هذا الاسبوع. فقد أبلغ وفد الهيئات الاقتصادية، الذي زاره أمس في قصر بعبدا، «أن قانون سلسلة الرتب والرواتب هو قيد الدرس تمهيداً لاتخاذ الموقف المناسب منه على نحو يزاوج بين ما ترتّبه السلسلة الجديدة من حقوق للمستفيدين منها من جهة، وما يحفظ الاستقرار الاقتصادي وسلامة المالية العامة في البلاد».
الجدير بالإشارة أن المادة 57 من الدستور تعطي «لرئيس الجمهورية، بعد إطلاع مجلس الوزراء، حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره (شهر) ولا يجوز أن يرفض طلبه. وعندما يستعمل الرئيس حقه هذا يصبح في حلّ من إصدار القانون إلى أن يوافق عليه المجلس بعد مناقشة أخرى في شأنه، وإقراره بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً. وفي حال انقضاء المهلة دون إصدار القانون أو إعادته يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره».
لا يزال هناك 10 أيام من مهلة الشهر المحددة، وبحسب ما كان قد صرّح به النائب ألان عون لـ»الأخبار»، فإن الرئيس عون ينوي استنزاف المهلة كلّها قبل الاعلان عن قراره.
وكان عون قد طرح الامر على جلسة سابقة لمجلس الوزراء، إلا أن الآراء لم تكن متفقة، بل ظهر ميل الاكثرية الى عدم ردّ القانونين في ظل صعوبة التوصل الى اتفاق بين الكتل السياسية يؤمن إقرارهما مجدداً، وهو ما قد يتسبّب في افتعال مشكلة كبيرة في البلد. بحسب المعلومات التي تلت الجلسة، فإن رئيس الجمهورية بدأ درس خيار عدم ردّ القانونين والاكتفاء برسالة يوجّهها الى مجلس النواب لإجراء بعض التعديلات عليهما.
وقال الرئيس عون أمام وفد الهيئات الاقتصادية «إن إقرار سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية تزامن مع تحركات سياسية وشعبية واجتماعية وحملات إعلامية، لم تخلُ من المزايدات، أدّت الى تضمين قانون السلسلة والاحكام الضريبية بنوداً يناقض بعضها البعض الآخر، ومنها ما يخالف الانظمة المرعية الاجراء والحقوق المكتسبة لبعض العاملين في قطاعات مختلفة، إضافة الى بروز تناقض مصالح بين مختلف الفئات الشعبية، ما يؤدي الى اضطرابات اجتماعية، الامر الذي يفرض تصحيح بعض مكامن الخلل».
تقول مصادر من وفد الهيئات الاقتصادية إن الزيارة لرئيس الجمهورية، أمس، تركت انطباعات متضاربة عمّا سيقوم به. فقد انقسم أعضاء الوفد بين من عدّ كلام عون بمثابة إعلان لردّ القانونين وبين من عدّ كلامه بمثابة تفتيش عن تسوية مختلفة.
وبحسب المصادر، فإن عون تحدث عن إقرار غير مدروس للسلسلة، إذ لم يجمع المستفيدون منها على أنها تتوافق مع مصالحهم، فيما هناك فئات أساسية تتحدث عن ضرائب تطالهم وتؤذي مصالحهم بشكل مباشر، ما يعني أن هناك ما يجب تعديله فيها.
وكان الرئيس عون قد استمع الى موقف الهيئات الاقتصادية، كما قدّمه رئيس الوفد عدنان القصار ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه ورئيس جمعية التجار في بيروت نقولا شماس، الذين شنّوا هجوماً تهويلياً على قانونَي سلسلة الرتب والرواتب والتعديلات الضريبية. وقال القصار بعد اللقاء مع عون: «نحن نثمّن موقف رئيس الجمهورية في ما يتعلق برفضه للضرائب التي أقرّت لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، وعرضنا عليه الهواجس التي تنطلق منها الهيئات الاقتصادية في إطار رفضها للإجراءات الضريبية الجديدة». وأضاف: «دعونا الرئيس عون الى ممارسة حقه الدستوري الممنوح له بموجب المادة 57 من الدستور، بردّ قانون السلسلة الى مجلس النواب، وضرورة إجراء قراءة ثانية ومتأنية لمشروع السلسلة والضرائب الملحقة به، وبالتالي العمل على استدراك المخاطر التي ترتبها الضرائب الجديدة على الاقتصاد والمجتمع اللبنانيين (...)، ولا سيما المادة 17 (التي تزيد معدل الضريبة على الفوائد من 5% الى 7%، وتلغي إعفاء المصارف منها، بعدما كان القانون يسمح لها بحسمها من ضريبة الارباح، وتفرض على المكلفين بضريبة الدخل على أساس الربح المقطوع بالتصريح عن ربحهم من الفوائد)».
(الأخبار)