انتزع الجيش اللبناني، هذه المرة، الغطاء السياسي من قوى السلطة، وها هو يستعد لخوض معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود بلدتَي رأس بعلبك والقاع، من احتلال تنظيم «داعش» الإرهابي. لم تضع القيادة، بحسب مصادر عسكرية، موعداً لبدء المعركة. فالتحضيرات اللوجستية لم تجهز جميعها بعد.
وقد رفضت المصادر تحديد موعد لانطلاق العمليات العسكرية، قائلة إن الجيش غير مستعجل، وعندما تجهز كافة الشروط اللوجستية، ستبدأ المعركة. يُضاف إلى ذلك أن خطوة ميدانية ينبغي القيام بها قبل انطلاق المعارك، تتمثّل في خروج «سرايا أهل الشام» من لبنان إلى سوريا. وأعلن «الإعلام الحربي» أمس أن نحو 3000 شخص، بينهم نحو 350 مُسلحاً من سرايا أهل الشام، سيرحلون الأسبوع الجاري باتجاه منطقة الرحيبة في القلمون الشرقي. ووفق الاعلام الحربي، من المُقرر مغادرة قرابة 800 عائلة سورية خلال هذا الأسبوع من مخيمات النازحين في عرسال باتجاه قرى وبلدات القلمون الغربي.

وزير الدفاع عن
معركة الجرود: أين المشكلة
في التنسيق مع سوريا؟


في هذا الوقت، يستمر الجيش والمقاومة في استهداف مجموعات تنظيم داعش في الجرود. ويوم أمس، استهدفت مدفعية الجيش مراكز لـ«داعش»، فدمّرت «عدداً من التحصينات وأوقعت إصابات مؤكدة في صفوف الإرهابيين»، بحسب بيان مديرية التوجيه، فضلاً عن أنّ وحدات من الجيش تمركزت، من ناحية جرود عرسال، «على تلال ضليل الأقرع ودوار النجاصة وقلعة الزنار». وفي الوقت عينه، أعلن «الإعلام الحربي» أن المقاومة استهدفت مجموعة من «داعش» قرب خربة داوود، «ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف المجموعة».
مصادر عسكرية قالت لـ«الأخبار» إن تقدّم الجيش لم يكن نتيجة معركة، إذ إن المواقع التي سيطر عليها تُعدّ «منطقة رمادية». فلا هي بيد العدو، ولا الجيش يسيطر عليها. لكن التقدّم إليها يؤمّن للجيش تماساً إضافياً مع المناطق التي يحتلها داعش.
وأكّدت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» أن الجيش لا ينسّق بشأن معركة عرسال مع الجيش السوري، رغم وجود مكتب دائم للتنسيق بين الجيشين، ورغم أن الجيش اللبناني لا يزال يتلقّى قطع غيار من سوريا لجزء من دباباته. وجزمت المصادر بأن الأميركيين لن يشاركوا في المعركة ضد داعش، مكرّرة أن الموجودين في لبنان ليسوا سوى تقنيين. ونفت أن يكون أميركيون هم من يشغّلون الطائرات المسيّرة عن بُعد التي يستخدمها الجيش في الجرود، مؤكدة أن ضباطاً ورتباء لبنانيين هم من يتولون هذه المهمة.
في الإطار عينه، نفى وزير الدفاع يعقوب الصراف، في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان 93.3»، أيّ تنسيق عسكري بين الجانبين اللبناني والسوري، «بسبب الخلاف السياسي في هذا الملف»، سائلاً في الوقت عينه «أين المشكلة في التنسيق مع سوريا إن كان سيصبّ في صلب المصلحة الوطنية؟». وعن طلب الدعم الأميركي في المعركة، ردّ الصراف باعتقاده أنّ «الجيش لن يطلب مساعدة أحد»، مع إشارته إلى أنّه «لا أحد سيألو جُهداً في تأمين أيّ مساعدة للجيش في حال احتاج إليها».
وفي السياق عينه، تحدّث وزير الخارجية جبران باسيل عن تجربة عام 2014، يوم مُنِع الجيش من ممارسة مهماته في عرسال ومحيطها، فقال إنّ عرسال وجرودها «احتُلّت لأنّ القرار السياسي غاب عن تحريرها». أما اليوم، فالقرار هو أن « يخوض الجيش المعركة وحده. كان قادراً في 2014، لكنه مُنع، والآن سُمح له بذلك من خلال توافق لبناني». ومواكبةً لتحضيرات الجيش، يعقد المجلس السياسي في التيار الوطني الحر، برئاسة باسيل، اجتماعاً استثنائياً صباح اليوم في صالون كنيسة مار إليان، في رأس بعلبك.
من جهته، رأى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أنّ «وجود جبهة النصرة في جرود عرسال كان يُعتبر خطراً حقيقياً ودائماً». بعد الانتصار، «شعر اللبنانيون أنّهم حققوا إنجازاً كبيراً جداً. نستطيع أن نقول إنه لم يشهد لبنان إجماعاً حول حزب الله والمقاومة كما شهده في هذه المعركة».
نائب الأمين العام لحزب الله كشف أن اللواء عباس إبراهيم «فتح باباً معيناً للتفاوض» مع تنظيم داعش، رابطاً نجاح المفاوضات بكشف التنظيم الإرهابي عن مصير «العسكريين المعتقلين لديهم للإفراج عنهم». ويرى قاسم أنه في حال شارك «حزب الله في المعركة مع الجيش السوري من الجانب السوري والجيش اللبناني من الجانب اللبناني، فسيكون هناك تكامل في الخطة. الجيش اللبناني درس وضعه، ويقول قائد الجيش إنّ بإمكانه أن يخوض هذه المعركة».
(الأخبار)