منذ نحو سنة، عند بدء المباشرة بأعمال إنشاء خلايا مطمرَي برج حمود ــ الجديدة، نفّذ حزب الكتائب احتجاجاً عند مدخل المطمر، رفضاً لخطة النفايات الحكومية عموماً، وإنشاء مطمر برج حمود ــ الجديدة خصوصاً.
حينها، ردّت بلدية برج حمود ومعها حزب الطاشناق على هذا التحرّك باتخاذهما قراراً مساء 23 آب، قضى بإقفال الطريق المؤدي الى الموقف المؤقت لتخزين النفايات المتأتية من بلدات المتن وكسروان وبيروت الإدارية، المحاذي لموقع مطمر برج حمود. هذا الموقف اعتمد في برج حمود بعد إقفال مطمر الناعمة في أيار عام 2016 قبل تشغيل المطمرين.
آنذاك، تم اعتماد عدة مراكز بديلة للتخزين المؤقت تفادياً لتكدّس النفايات في الشوارع. أبرز هذه المواقع، موقع التخزين المؤقت في منطقة الكرنتينا الذي استقبل نفايات بيروت طوال 20 يوماً تقريباً (مدة إقفال الطريق المؤدي الى موقع التخزين في برج حمود)، فضلاً عن استقباله النفايات الطبية المعالجة التي كانت مهددة بالتراكم في المُستشفيات (راجع تقرير عودة مكب الكرنتينا: هل تفضي المفاوضات الى حلّ؟ http://www.al-akhbar.com/node/264363).
أما بقية المواقع، فكانت عبارة عن عقارات تابعة لعدد من البلديات التي لجأت الى ركن نفاياتها عليها. وقتها، وبعد تعليق حزب الكتائب اعتصامه، اشترط "الطاشناق" وبلدية برج حمود لإعادة فتح إقفال الطريق المؤدي الى التخزين واستئناف الأعمال في مطمرَي برج حمود والجديدة تالياً، بعدم استقبال النفايات التي تكدست خلال فترة الإقفال واقتصار استقبال المركز لـ"النفايات الجديدة".
حتى الآن، لم ترفع النفايات التي تكدست خلال هذه الفترة عن موقع الكرنتينا. لا يزال الأخير يحوي آلاف الأطنان من النفايات القديمة. يقول عضو مجلس بلدية بيروت هاغوب تيرازيان إن البلدية لا تزال تبحث في كيفية معالجة هذه النفايات، فيما يُشير المتعهّد الملتزم أعمال إنشاء المطمرين داني خوري في اتصال مع "الأخبار"، الى أنه لا يوجد حتى الآن أي قرار بنقل هذه النفايات الى موقع أحد المطمرين، لافتاً الى أنها مسؤولية مجلس "الإنماء والإعمار".

النفايات تأتي إلى المطمر
غير مفروزة بخلاف ما ينص
عليه عقد التشغيل

عندما تقرّر الإبقاء على "مكب" الكرنتينا ورفع النفايات، لمّح مصدر مُطّلع الى الإبقاء على هذه النفايات "لتشغيل المحرقة المركزية التي يجري العمل على إعدادها". في اتصال مع "الأخبار"، يرجّح المصدر نفسه أن تبقى هذه النفايات حتى تشغيل "المحرقة" المنوي إعدادها في الفترة المُقبلة، لافتاً الى أن البلدية ماضية في هذا الخيار، وبالتالي "من الأفضل أن تؤمن للشركة المتعهدة أطناناً من النفايات كي تقبض على حرقها. وبحسب معلومات المصدر، فإنّ موضع "تمركز" المحرقة سيكون من بين ثلاثة خيارات، إما داخل معمل سوكومي الحالي، وإما موقع الكرنتينا، وإما عقار يقع عند نهر الموت.
من جهتها، تقول مصادر "الإنماء والإعمار" إن الأولوية حالياً لـطمر "النفايات الجديدة" في مطمرَي برج حمود والجديدة، ذلك أن القدرة الاستيعابية للمطمرين تحتم نوعاً من "دراسة" الكميات الواجب إدخالها وطمرها فور جاهزية الخلايا التي يتم إنشاؤها. وتلفت المصادر الى أن المجلس سيعمد الى إزالة النفايات القديمة في الكرنتينا بعد انتهاء الصيف، وبعد تأمين المواد اللازمة التي تكفل عدم انتشار الروائح التي ستغطي بيروت حكماً، فور "الحركشة" فيها. ذلك أن هذه النفايات القديمة تخمرت، وإن أي حركة لإعادة تحريكها ستُبعث روائح قوية.
هذا الواقع، يُعيد طرح أزمة القدرة الاستيعابية لمطمر برج حمود ــ الجديدة، و"عُمرهما" الذي تقلّص حكماً بفعل عوامل عديدة تتعلّق بتفاقم معدلات النفايات الواجب طمرها، ما حتّم تسريع الأعمال في الموقعين. إذ ينص عقد التلزيم على استقبال المطمر نحو 900 إلى 1000 طن يومياً، في حين أن المطمر يستقبل نحو 1400 طن يومياً. وكما أن نفايات موقع الكرنتينا يجري "تجنبها"، كي لا تغطي الروائح بيروت، فإنّ الأمر نفسه ينطبق على المركز المؤقت لتخزين النفايات المُشار إليه أعلاه والذي يحوي نحو 300 ألف طن من النفايات القديمة. يقول خوري إنه لا يستطيع أن يحفر حالياً في المركز ويقوم بنقل النفايات، "لأن الناس سيموتون من الرائحة حُكماً"، لافتاً إلى أنه بانتظار ردّ مجلس الإنماء والإعمار من أجل القيام بتهوئة هذا المركز و"تنفيسه". وبحسب خوري، فإن هذا المركز قلّص عمر المطمر الذي وضع على أساس مدة تشغيل لـ 40 شهراً، نحو 6 أشهر. تجدر الإشارة أيضاً الى أن المطمر يستقبل النفايات منذ 8 أشهر، ما يعني أن العمر المتبقي للمطمر نحو 27 شهراً. وكان خوري قد أشار الى أن المطمر يستقبل نفايات إضافية بمعدّل 40%، "يعني سيتقلّص عمر المطمر إلى سنة ونصف سنة كحدّ أقصى".
يُذكر أن النفايات التي تأتي الى المطمر غير مفروزة، بخلاف ما ينص عليه عقد التشغيل. وذلك بسبب عدم الانتهاء بعد من تأهيل معامل الفرز السابقة، فضلاً عن عدم استحداث معامل جديدة، وفق ما وعدت به الحكومة اللبنانية منذ أكثر من سنتين. هذه التداعيات تأتي نتيجة غياب الخطة المستدامة المرجوة، وغياب التخطيط اللازم لإدارة أزمة النفايات التي قد تتجدّد في أي وقت ممكن، ما لم تتدارك السلطة الأمر.