بعدما كادت المفاوضات تسلك خواتيمها بين الجانب اللبناني، ممثلاً بحزب الله والدولة اللبنانية ممثلةً بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من جهة، وجبهة النصرة من جهة أخرى، عادت لتتعرقل يوم أمس نتيجة ثلاثة أسباب رئيسية: أولها، لوجستي يتعلق بطريقة نقل المسلحين والنازحين الى الأراضي السورية، إذ طلب الطرف اللبناني انطلاق القافلة دفعة واحدة وهو ما كان يتطلب وصول كل الحافلات من سوريا الى لبنان في الوقت عينه وتجمعها في مكان واحد حتى يتسنى للجميع المغادرة معاً.
وفعلاً، وصلت غالبية الباصات الى نقطة قريبة من وادي حميد، لكن في وقت متأخر. فحتى الساعة السابعة مساءً، لم يكن عددها قد اكتمل. ويتعذّر واقعياً تسيير الباصات ليلاً من عرسال الى جرود فليطا بسبب وعورة الطريق التي لا تسلكها السيارات المدنية عادة، الأمر الذي حتم على حزب الله استقدام جرافات لتسويتها، إلا أنها رغم ذلك بقيت وعرة، فتقرر عدم سلوكها ليلاً.
ثانيها، يتعلق بمشكلات ربع الساعة الأخير، إذ طلبت النصرة الإفراج عن أكثر من 20 موقوفاً في السجون اللبنانية. وبعد أخذ وردّ، تم الاتفاق على إخلاء سبيل 5 أشخاص. واللافت هنا أن جبهة النصرة أصرت على الإفراج عن سجين لبناني الجنسية يدعى عبد الرحمن زكريا الحسن وهو محكوم بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمة الاتجار بالمخدرات، كما صدرت بحقه مذكرة توقيف بتهمة الإرهاب.

طلبت النصرة الإفراج
عن نحو 20 موقوفاً من
السجون اللبنانية

أما الباقون، فيحملون الجنسية السورية وموقوفون بتهمة الإرهاب.
ثالثها، إصرار فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام على عدم تسليم أسرى حزب الله الثلاثة في جرود عرسال، إنما تسليمهم مع الأسرى الآخرين في سوريا، الأمر الذي رفضه الجانب اللبناني معتبراً أن أمراً مماثلاً ينسف كل الاتفاق وينذر بعودة المعركة. نتيجة ذلك، تراجعت النصرة عن هذا المطلب وتم تخطيه مباشرة. من جهة أخرى، طلبت الجبهة من النازحين السوريين عدم ركوب الحافلات قبل أخذ الضوء الأخضر منها وأبلغتهم أنه بمجرد صعودهم إليها سيتحولون تلقائياً الى أسرى بيد حزب الله.
في المحصلة، علمت «الأخبار» أن الاتفاق سيتم تنفيذه بدءاً من ظهر اليوم، على أن يتم تسليم النصرة 5 موقوفين، في مقابل تسليمها الأسرى الثلاثة. وبعد ذلك، تنطلق القافلة من تخوم وادي حميد إلى جرود فليطا. وبوصولها إلى «المعبر» بين مناطق سيطرة الدولة السورية و«إمارة إدلب الكبرى»، تدخل القافلة على دفعات. ومع كل دفعة، يتم تسليم أحد أسرى حزب الله الخمسة.
سياسياً، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون زواره، يوم أمس، أنه سيجري مع رئيس الحكومة والوزراء في الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء يوم غد «تقييماً للواقع الذي استجد بعد إقرار مجلس النواب سلسلة الرتب والرواتب والأحكام الضريبية الجديدة، وذلك في ضوء ردود الفعل المتفاوتة التي برزت على مختلف الصعد». وأشار الى أن «ثمة ملاحظات طرحت في أكثر من قطاع لا بد من درسها برويّة ومسؤولية وبعيداً عن المزايدات السياسية والإعلامية»، مجدداً التأكيد أن «إقرار الموازنة خطوة ضرورية، على مجلس النواب إنجازها في أسرع وقت بهدف انتظام الوضع المالي وتحديد واردات الدولة وما يترتب عليها من نفقات». فيما علق رئيس الحكومة سعد الحريري عقب زيارته الرئيس عون أمس رداً على سؤال حول موقفه من البدائل من بعض الضرائب لتمويل السلسلة التي قدمها حزب الكتائب الى الرئيس، بالقول: «لا مشكلة لديّ إزاء من يملك بدائل فعلية وليست وهمية لتمويل السلسلة، أما القول عن وجود فساد وهدر بالمليارات فهو يدخل في إطار الكلام فقط (…) إن سلسلة الرتب الرواتب بكل إصلاحاتها وضرائبها نوقشت منذ ثلاث سنوات، وكل الأفرقاء السياسيين وافقوا عليها، بمن فيهم حزب الكتائب، وعلينا بالتالي أخذ الموضوع بالاعتبار». ورأى الحريري أن «الاعتراض أمر جيد، ولكن ما أتمناه أن تكون المعارضة بنّاءة لمصلحة البلد. وما يهمني هو عدم الاستدانة وتراكم ديون لأمور لا يمكن الاستثمار فيها لمصلحة لبنان». أما بشأن الغطاء الرسمي للقتال ضد «داعش»، فقال الحريري إن «الجيش يحظى دائماً بتغطية شاملة لكل عملياته العسكرية، وهذا الأمر أساسي (..) وعندما تحين الساعة الصفر، سيكون الجيش منتصراً، فالحكومة وكل القوى السياسية تقف الى جانبه».