عام 2012، شهدت بلدة السكسكية، في قضاء صور، انزلاقاً حاداً للتربة هدّد عدداً من بيوت البلدة. أكثر المُتضرّرين، كان المبنى القريب من موقع الانزلاق الذي تعرّض لتصدعات كبيرة، وهو عبارة عن ثلاث طبقات تسكنها ثلاث عائلات.
وبحسب رواية الأهالي هناك، فإن المعنيين زاروا المكان حينها، وطلبوا منهم إخلاء شققهم لأنها باتت غير صالحة للسكن وتهدد حيواتهم وأُعطوا تعويضات تكفيهم لاستئجار بيوت بديلة لمدة أربعة أشهر، على أن تُفحص التربة وتُعالَج خلال هذه الفترة، درءاً لأي خطر قد يلحق بالمبنى في ما بعد، وبالتالي بحياة قاطنيه.
في اتصال مع «الأخبار»، يقول محمد حويلي، أحد القاطنين في المبنى، إنهم أُبلغوا بعد ستة أشهر من الحادثة بأن الأموال التي كانت مخصصة لفحص التربة ومُعالجتها قد سُرقت، نتيجة تعرّض صندوق الهيئة العليا للإغاثة للسرقة حينها، «ومنذ ذلك الوقت، ونحن لا نزال ننتظر الفرج».
تعيش هذه العائلات حالة من «الترحال» الموسمي منذ نحو خمس سنوات، إذ تضطر إلى ترك منزلها خلال فصل الشتاء، خوفاً من العواصف ومن تأثيراتها على التربة، وبالتالي خوفاً من انهيار المبنى وتصدّعه أكثر فأكثر، وتعود إليه خلال الصيف لتتجنب عبء الإيجارات عبر توفير دفع الإيجار لمدة أربعة أشهر.

تعيش هذه العائلات حالة من «الترحال» الموسمي منذ نحو خمس سنوات


يقول حويلي إن العائلات سئمت هذا الوضع، إذ تعيش في حالة «عدم استقرار»، في ظل عدم الاكتراث والاهتمام بوضعهم وبتعويضاتهم المُستحقة. ووفق الكشف الذي أُجري على التربة حينها، قُدّرت التكلفة آنذاك بنحو 120 ألف دولار.
يقول رئيس بلدية السكسكية علي عباس، في اتصال مع «الأخبار»، إن هذه التكلفة تفوق قدرة البلدية على دفعها، لافتاً إلى أنَّ ملف هذا المبنى قُدِّم إلى الهيئة العليا للإغاثة، لكنه رُفض، ومُشيراً إلى أن البلدية كانت قد أقدمت على إعداد دراسة جيولوجية للتربة ومحيطها، وقد كلفتها نحو 7 آلاف دولار.
وبحسب عباس، أجمع المهندسون على أن التربة غير قابلة للبناء عليها، مُتسائلاً عن مسؤولية التنظيم المُدني الذي منح الرخصة. ويُضيف: الخلل يكمن، بحسب المُهندسين، في أساسات المبنى، وبالتالي يحتاج إلى ترميم جذري قد يتطلّب هدماً كاملاً. ما الحل إذاً؟ يُجيب عباس بأنه التقى أخيراً محافظ الجنوب منصور ضو، وتباحثا في القضية، وهما بانتظار اكتمال الملف كي يُقررا الخطوات اللازمة للحلّ المطلوب خلال الاجتماع المُقبل، مُشيراً إلى أن البلدية «سبق أن أسهمت في دفع الإيجارات للعائلات».
من جهتها، تقول فاطمة حويلي، إحدى القاطنات في المبنى، إن البلدية لم تدفع لهم سوى إيجار أربعة أشهر خلال السنة الأولى التي تلت حادثة الانزلاق والتصدّع، لافتةً إلى أن العائلات التي تضم نحو 16 شخصاً لا «حول لهم ولا قوة»، ولا يملكون إلا خيار اللجوء إلى البلدية لإيجاد حل يقيهم عبء التنقل الموسمي». وتُضيف: «بالطبع، لو كنا نعلم أن التربة غير صالحة للبناء لما أقدمنا على تشييد المبنى».
حالياً، يراهن الأهالي على أي تحرّك أو خطوة تتوصل إليها البلدية بالتعاون مع المحافظ قبل انتهاء موسم الصيف، علّهم يبيتون في الشتاء في منازلهم من دون قلق أو خوف.