قبل عام تماماً، اعتصم صيادو صيدا احتجاجاً على منعهم من قبل القوى الأمنية من الدخول إلى حوض المرفأ التجاري الجديد بعد إنجاز الأشغال فيه، بناء على قرار من وزارة الأشغال العامة والنقل.
منذ ذلك الحين، هُجّر الصيادون من خليج اسكندر حيث تتكاثر الأسماك، بحسب الصيادين، فيما لم يشغّل بعد المرفأ الذي سيستخدم جزء منه ميناءً لليخوت السياحية. أخيراً، عادت الحركة إلى حرم المرفأ. جرافات وآليات لا تهدأ في الناحية الجنوبية منه وأنانبيب سوداء مددت في زوايا الحوض وشكلت تقاطعات في المياه. ساد الظن بأن الأشغال جزء من مراحل تشغيل المرفأ. لكن تبين أنها ورشة خاصة تابعة لشركة خوري للمقاولات التي تصنّع أنابيب معدنية لمصلحة مشروع محطة البقبوق لتكرير المياه المبتذلة في صور. تلتزم هذه الشركة الأشغال في مرفأي صيدا وعدلون ومشاريع عدة في الجنوب، بالإضافة الى محطة البقبوق. لكن، هل هذا يخوّلها استخدام مرفق عام لتنفيذ أشغال خاصة؟ هل استأجرت الحوض من وزارة الأشغال والنقل لقاء بدل مالي؟
قصدنا مكتب رئاسة مرفأ صيدا للاستفسار، فأصبحنا أمام إشكالية أخرى. في مبنى متهالك في صيدا، يقع المكتب في شقة مر عليها الزمن. معظم مكاتبها مهجورة بسبب تقاعد أكثرية الموظفين وعدم تعيين بدلاء منهم. رئيسة المرفأ ميريام سليمان التي تشغل المنصب بالتكليف منذ عامين بعد تقاعد سلفها، يعاونها موظف واحد بقي بعد تقاعد الآخرين. ملفات ومستندات أكلتها الحشرات، مرمية على الأرض وفوق المكاتب والكراسي المغبرة. الحال المزرية تستدعي الصراع على الفوز بحقيبة "الأشغال" التي تتصرف بمليارات الدولارات من المال العام. في مكتبها الأقل رطوبة من سواه، تتابع سليمان شؤون مرفأي الجية وصور أيضاً، بعد تقاعد رئيسيهما. نسألها عن حيثيات وجود شركة "خوري" في حوض المرفأ؟ ترد أنه "حصل على إذن من المديرية العامة للنقل لتصنيع القساطل التي يستخدمها في إنجاز مشروع البقبوق". هل استأجره لقاء بدل مالي يحسم من قيمة الأموال التي سيقبضها لقاء تعهده تشييد المحطة؟ تردّ: "أكيد من دون مصاري".