تُرك باسل الأمين بكفالة ضامنة وقدرها 500 ألف ليرة لبنانية. هذه خلاصة الأيام الستة التي قضاها الشاب "معتقلاً" تعسفياً في نظارات «مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية»، بسبب التدوينة التي كتبها على صفحته الشخصية على موقع «فايسبوك» (http://al-akhbar.com/node/269359).
تم تركه حرّاً بعد ربع ساعةٍ فقط قضاها «مستجوباً» في مكتب قاضي التحقيق في جبل لبنان، بيار فرنسيس. خرج الأمين «منتصراً» في «الدعوى المقامة من الدولة اللبنانية» ــ كما يرد في إشعار الترك ــ بتهمة «تحقير الشعار الوطني والدولة والسلطات العامة والحكومية والقيام بكتابات وأعمالٍ ترمي إلى الحضّ على نزاع ما بين عناصر الأمة». وخلال المدّة التي قضاها الأمين في مكتب قاضي التحقيق، حاول قدر الإمكان «توضيح سوء الفهم الذي حصل». يقول "شرحت للقاضي ما الذي أقصده، وقد سألني القاضي عن كل كلمة ذكرتها في الستاتوس، وأنا أوضحت ما الذي أعنيه»، لافتاً إلى أن «القاضي كان متفهّماً جداً، وقال لي: أفهم حماستك، فأنت شاب ودمّك فاير، وإن كنت تدافع عن قضيّة محقّة، فعبّر عنها بطريقة صحيحة، وإلا فلن تجد من يتضامن معك».
قرار فرنسيس بترك الأمين جاء خلافاً لقرار النيابة العامة التي كانت قد طلبت توقيفه في وقتٍ سابق، بعد إحالته من مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية والإلكترونية، بتهمة التحقير وإشعال فتيل النزاع. مع ذلك، لم تتخذ الأخيرة قراراً بالاستئناف كما أُشيع في وقتٍ سابق، بل على العكس من ذلك، نظرت في قرار فرنسيس القاضي بالترك وأبدت موافقتها عليه. وحول هذا الأمر، يوضح وكيل الأمين القانوني، علي الدبس، أن إجراء «النيابة العامة هو إجراء عادي، إذ من الطبيعي أن تطلب التوقيف كونها تمثل الحق العام».

يتحدث باسل الأمين
عن موقوفين على ذمة التحقيق ظلماً
في النظارات

خرج الأمين؟ نعم، ولكن، هل انتهت القصّة؟ لا، ليست هذه هي النهاية. فالأخير الذي قضى ستّة أيام موقوفاً على ذمة التحقيق وأجبر على تدوين عبارة الاعتذار عمّا بدر منه في إشعار تركه، لم يكن غير «رسالة» من السلطة إلى الشباب كي لا يكتبوا «ستاتوساً» يعبّرون فيه عن قضاياهم المحقّة، وإلا فالاعتقال بانتظارهم في نظارات "مكاتب" أمنية منشأة خلافاً للقوانين، هناك، حيث يوجد «مظاليم» كثر.
خلال 6 أيام قضاها الأمين موقوفاً، وهي مقسّمة ما بين أربعة أيام في نظارة مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية والإلكترونية ويومين آخرين في نظارة النيابة العامة التمييزية في جبل لبنان، ثمّة «مظاليم» كثر. من هناك، يروي الأمين قصصاً لقابعين ظلماً في النظارات، يعدّون أيامهم بلا طائل. ففي مكتب المكافحة، «أقام» الأمين في «نظارة المالية، إذ لم أمكث طويلاً في نظارة مكتب المعلوماتية تحت ضغط الإعلام وتجنّباً لتكرار اسم المكتب». هناك، تعرّف الشاب، الذي كان قد اعتقل بسبب رأيه، إلى آخرين يمكثون بلا سبب، إذ «تحدثت إلى أحدهم، وهو هناك بسبب الادعاء عليه بجرم سرقة، ولكن خرج من القضيّة براءة وحكم صديقه منذ أربعة أشهر، ولكن منذ ذلك الوقت لم يخرج لأنه لا يجد من يقدّم له طلب إخلاء سبيل». وليست هذه حكاية استثنائية؛ فبحسب الأمين، يمكن أن «تعيشي في تلك النظارات لحظات سوريالية غامرة»؛ ففي نظارة النيابة العامة في بعبدا، هناك حكايا لا تنتهي، منها مثلاً «حكاية الرجل العائد من أميركا بعد قضاء محكوميته، والموقوف منذ شهرين بانتظار وصول الأوراق الرسمية من بلاد العم سام». هكذا، مثلاً، ببساطة مفرطة يمكن الحديث عن «هفوات»، ينصّ عليها ويحميها القانون البالي.