«ع السكين يا بطيخ». هذه العبارة تختصر تعيينات مديري الفئة الأولى في الضمان. 14 مديرية تسيّر بالوكالة، ما يفسح المجال أمام القوى السياسية والحزبية لتقاسم المديريات كأنها «مغنمة» أو ملكية خاصة لهذه الفئة أو تلك. كل سنة تتطلّب الوكالة قراراً تجديدياً في مجلس إدارة الضمان، ما يجعل المديرين واقعين حكماً تحت سيطرة مجلس الضمان وإدارته ولجنته الفنية.
هكذا عادت كرة تعيين 10 مديرين إلى الضوء مجدداً. إدارة الضمان رفعت، بعد اتصالات سياسية، اقتراحاً يرمي إلى تعيين 10 مديرين بالوكالة هم: حسن شكر لمديرية الإحصاء وتنظيم أساليب العمل، مصطفى عمشة لمديرية ضمان المرض والأمومة، سعيد القعقور لمديرية الإعداد والتدريب، منال شكر للمديرية المالية، ريمون حنا للمديرية المالية، سميرة فارس لمديرية التخطيط والتطوير، منى أندراوس لمديرية شؤون مجلس الإدارة، عايدا معوض لمديرية التفتيش المالي والياس الخوري حنا لمديرية الجودة.
الاتصالات التي سبقت الجلسة كانت تشير إلى أن وزير العمل يرغب في إجراء هذه التعيينات قبل تأليف الحكومة الجديدة ورحيله عن وزارة العمل، وهذا الأمر كان يتطلّب أيضاً أن تكون هذه التعيينات على قياس الأحزب والقوى السياسية الأخرى. لم يكن أحد ينظر إلى السيَر الذاتية للأسماء المقترحة، ولم يكن واضحاً ما هي الكفاءات التي تجعل من الاقتراح نهائياً ولا بديل منه أو لا نقاش فيه. القصّة كما بدت أمس واضحة، فقد جرى تبديل ثلاثة أسماء قبل انعقاد الجلسة بنحو 10 دقائق من أجل تفادي الإحراج الذي تسببه بعض الأسماء التي عليها عقوبات وسيتم تعيينها في مراكز قيادية ومن أجل إرضاء الحزب القومي السوري الاجتماعي.

شريف: المفاوضات بين الضمان ومجلس الخدمة المدنية أفضت إلى اتفاق على نظام للامتحانات
فالأحزاب الباقية لم تكن تشكو من هذا القرار، إذ إن حصّة أمل معروفة وواضحة، وقد جرى تدارك الاعتراضات التي ساقها ممثلو المستقبل قبل فترة، فجرى منحهم ثلاث مديريات (ضمان المرض والأمومة، الإعداد والتدريب والتفتيش الإداري)، حتى إن القوات اللبنانية أعطيت المركز الأهم في الضمان وهو المديرية المالية وسط اعتراض «عوني» على حصّتهم المتمثلة بمديرية الجودة! والكتائب كان لديها حصّة أيضاً تكرّست بتمنيات وزير العمل بالفوز بالتفتيش المالي. حصّة أمل متوافرة من خلال مديريات لم يستحق أجلها بعد، بالإضافة إلى مديرية الإحصاء وأساليب العمل المشمولة بالاقتراح. أما المديرية الإدارية فكانت من نصيب أحد المطارنة الذي أجرى الاتصالات اللازمة لتعيين ممثّله في الضمان (!) وبالتالي استبدلت الأسماء لثلاث مديريات على النحو الآتي: جوسلين يوسف لشؤون مجلس الإدارة، يوسف أيوب للتخطيط والتطوير ورينيه نادر للتفتيش المالي.
هكذا عقدت جلسة الضمان يوم الخميس الماضي. في بداية الجلسة، عُرض الموضوع على اعتبار أن التصويت عليه كان «تحصيل حاصل» بعد جولة المشاورات والاتصالات التي سبقت عقد الجلسة والتي أدّت إلى اتفاق على الأسماء والتعيين. عندها اعترض عضو مجلس الإدارة فضل الله شريف، مشيراً إلى أن هذا التعيين هو «تهريبة» في عهد جديد وفي ظل حكومة تصريف أعمال، ومطالباً بمناقشة الموضوع. شريف تحدّث عن القرار 36 الصادر عن مجلس الوزراء والقرار 57 اللذين يتيحان إجراء مباريات لتعيين مديرين في الضمان، لافتاً إلى أن المفاوضات بين الضمان ومجلس الخدمة المدنية أفضت أيضاً إلى اتفاق مكتوب وموقّع من الطرفين على نظام للامتحانات. ولفت إلى أن المباريات أجريت منذ خمس سنوات لكل الفئات باستثناء الفئة الأولى، إلا أن الرغبات السياسية كانت أقوى وأبقت الوضع على حاله إلى أن ناقش مجلس إدارة الضمان هذا الأمر ورفع توصية بتعيين المديرين على أساس عدم المسّ بالأنظمة والقوانين والحفاظ على التراتبية والأقدمية «لكن هذا الاقتراح لا تنطبق عليه هذه الشروط ويثير الكثير من الشكوك كونه قراراً مستعجلاً. فهل يجب أن يكون التعيين انسجاماً بين الإدارة ومرؤوسيها أم أنها تركيبة حزبية؟ أليس من خرّب هذا البلد هم الأحزاب... حلّوا عن الضمان». وهدّد شريف بأن يلجأ إلى مجلس شورى الدولة للطعن بهذا القرار، فضلاً عن عقد مؤتمر صحافي يفضح فيه كل الأمور بتفاصيلها.
صرخة شريف لاقت صدى عند عضو مجلس الإدارة أنطوان واكيم الذي سأل: هل تؤدي هذه التعيينات إلى نهضة في الضمان؟
بعد ذلك، دار سجال حول اتخاذ قرار بالتعيين أو تأجيله، وكيلت الشتائم في وجهات عديدة، إلى أن انسحب من الجلسة الأعضاء: عادل عليق، مارون صيقلي، مهدي سليمان، أنطوان واكيم وفضل الله شريف. عندها فقدت الجلسة نصابها وانفرط عقدها.