من شاطئ الميناء الى الرملة البيضاء الوجع واحد، والحملة واحدة، من أجل حماية حق المواطن اللبناني في بحره وشاطئه وبرّه وهوائه.هناك من يستكثر علينا أن يكون لنا هواء نظيف وشاطئ نظيف وبحر يتسع لكل الناس، بعد أن استكثروا علينا أن يكون لنا وطن ومؤسسات دستورية تعمل بانتظام وانتخابات دورية في موعدها، واستكثروا أن يكون لنا فرص عمل لائقة لشبابنا واحترام حقوق نسائنا وفتياتنا وحرمونا طويلاً من حقنا في التنمية ومن الإنماء المتوازن.

إننا نواجه مَنطقاً وممارسة ترفض الاعتراف بكل ما هو شأن عام ومصلحة عامة وتسعى لمصادرته، وصولاً إلى محاولة مصادرة وسرقة البحر نفسه. وما يجري على الكورنيش البحري في الميناء في قضية العقار الوهمي رقم 1403 يفوق الخيال. قاضٍ يسقط الملك العام سهواً ويحوله إلى ملك خاص، ويحوّل معه البحر إلى بر. ووزارة أشغال ترخص لأعمال غامضة في توقيت غامض، دون علم البلدية. وأخبار غامضة أيضاً عن مشاريع ردم البحر لا نعرف الجدي منها من غيره، وكأن المطلوب أن نعتاد فكرة أن يبلط بعض أصحاب النفوذ البحر، ويضعون يدهم على ما هو حق للمواطنين جميعاً.

قاضٍ يسقط الملك العام
سهواً ويحوله إلى ملك خاص ويحوّل معه البحر إلى بر

إننا، نحن مواطني الميناء وطرابلس، ومواطني كل لبنان، نعلن أننا سنقف سداً منيعاً أمام هذا الفصل الجديد من ممارسات انتهاك حقوقنا، وسنمنع ذلك بالتأكيد يساندنا في ذلك موقف المجلس البلدي الذي يتصرف اليوم باسم مواطني الميناء ويمثلهم في موقفهم هذا، ومعنا أيضاً القانون الذي نص صراحةً على أن كل الجهة الغربية من كورنيش الميناء هي متنزه بحري عام وأملاك عامة لا يجوز تجزئتها ولا البناء عليها لا قصداً ولا سهواً.
وبهذه المناسبة نوجه الرسائل التالية:
1- للعهد الجديد وللحكومة العتيدة التي يتقاتل الأطراف اليوم للحصول على وزارة الأشغال فيها وهو أمر ذو دلالة تصل إلى حد الفضيحة، نقول: نطالبكم بأن تنقلوا صلاحية ملف الأملاك البحرية من وزارة الأشغال إلى وزارة البيئة فوراً، لوضع حد لمسلسل المجازر التي ترتكب تحت سمع وبصر وزارة الأشغال منذ سنوات.
2- للجسم القضائي والزملاء المحامين نقول: أنتم حراس الحق العام والحق الخاص، ونعتبركم أمناء على حقوق المواطنين فلا تفرطوا ولا تهملوا هذا الدور. ولتعلموا أن ثقافة الحقوق شائعة اليوم بين المواطنين ولذلك هم يستغربون أن لا يكون القضاة والمحامون من أبرز المتشبعين بحقوق الإنسان كلها، ومن ضمنها الحقوق البيئية وغيرها. ونطالب القاضي نزيه عكاري بالرجوع عن قراره وكأنه لم يكن واعتباره باطلاً فقرار التجميد الصادر عنه منذ أسبوع لا يعيد الشاطئ لنا. كما نطالب مجلس شورى الدولة بالتدخل والطعن بطلب وقرار وزارة الأشغال.
3- لرجال الأعمال نقول: لا تخلطوا بين أعمالكم الاقتصادية واستخدام النفوذ للاستيلاء على الملك العام. فمزاوجة المال والسلطة فساد ما بعده فساد. وحاولوا أن توسعوا آفاقكم فلا يقتصر نشاطكم الاقتصادي على القطاع العقاري وغيره من الأنشطة الريعية فتساهمون في إعادة إنتاج دورة الخمول الاقتصادي والاجتماعي في طرابلس والميناء. واعلموا أننا لا نعتبر أن القطاع الخاص وأصحاب الأعمال هو حفنة قليلة العدد من النافذين، بل هم آلاف المنتجين والمقاولين من أصحاب الأعمال والصغيرة والمتوسطة الذي يسهمون في نهضة مدينتهم، والذين تتعرض حقوقهم أيضاً للانتهاك على يد هؤلاء النافذين أنفسهم.
4- وللمجلس البلدي نقول: نشد على أياديكم فرداً فرداً، وسوف نسير جنباً إلى جنب في هذه المعركة المحقة، كل يقوم بدروه ويتحمل مسؤوليته. فأنتم تمثلون مواطني الميناء، والتمثيل لا يقتصر على الحصول على أكثرية الأصوات يوم الانتخاب، بل هو فعل يتجدد يومياً بالموقف والممارسة. وبلدية الميناء، بلديتنا نحن أبناء الميناء وطرابلس وأبناء كل بلديات لبنان، تقدم المثال بين بلديات لبنان في وقوفها الى جانب أبنائها ومواطنيها والى جانب الحق العام في مواجهة المغتصبين. وندعو المجلس البلدي إلى الثبات والاستمرار، ونحن معه وخلفه وأمامه كلما اقتضت الظروف في هذه المعركة. ونطالبهم بالشفافية الكاملة فيما خص جميع المواضيع وخاصة هذه المسألة حتى نتمكن من مؤازرتهم.
5- للقوى السياسية نقول: هذه الميناء وهذه طرابلس فلا تجربونا ولا تلطخوا أيديكم بهذه الجريمة المفضوحة، ونحن نحملكم أيضاً مسؤولية التضامن معنا، أو على الأقل ندعوكم الى عدم تقديم أي تغطية للمعتدين على الملك العام، مهما كانت المصالح والعلاقات، وندعوكم إلى عدم تفضيل مصالح القلة على المصلحة العامة، فمثل هذا الموقف سيرتد عليكم سلباً.
6- أخيراً، لعموم المواطنين والمواطنات في الميناء وطرابلس، وراسمسقا وكفرعبيدا وفي الرملة البيضاء وبيروت، وفي كل مكان على امتداد هذا الشاطئ المغتصب، لنكن جميعاً يداً واحدة، يجمعنا الانتماء المواطني واحترام الحق والدستور والقانون والملك العام، ونجاحنا اليوم في معركة كورنيش الميناء، سيكون فاتحة نجاحات أخرى بالتأكيد.
ونحن مستمرون في معركتنا حتى النهاية، والى مواعيد قريبة فالأملاك العامة "شطّ أحمر".

* كلمة الحملة المدنية لحماية شاطئ الميناء التي ألقاها سامر انوس خلال اعتصام السبت في الميناء