بعد قانون الانتخابات، كما قبله، يبقى ملف العقوبات الأميركية على حزب الله و«المرتبطين به» على سلّم أولويات المعنيين بالشؤون المالية والنقدية والاقتصادية. وعلمت «الأخبار» في هذا الصدد أن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، لا يزال ينتظر تحديد مواعيد له لزيارة واشنطن ولقاء المعنيين بملف العقوبات في الادارة الاميركية.
وبحسب المعلومات المتداولة بين مصرفيين، فإن سلامة طلب عبر السفارة الاميركية في بيروت تحديد هذه المواعيد، إلا أنه لم يتلقَّ أيّ جواب حتى الآن. وقال سلامة، أول من أمس، إن السفارة الاميركية أبلغته عدم وجود مبرر للعجلة، إذ إن «أيّ جديد لن يطرأ حالياً في ظل عطلة الكونغرس الصيفية». وأشار، في الاجتماع الشهري مع مجلس إدارة جمعية المصارف، الى أنه ينسّق مع الجهات الاميركية، ولا يتوقع أن يزور واشنطن قبل أيلول أو تشرين الاول المقبلين. وأضاف أنه أجرى اتصالات مع المصارف المراسلة، وتبين أنه «ليس هناك أيّ تدابير ستتخذ قبل صدور القانون وسريانه».

صرف الحريري النظر عن زيارة واشنطن بعد تلقّيه «نصائح»
من السفيرة الأميركية

كلام سلامة يتقاطع مع معلومات ترددت في الايام القليلة الماضية عن نصائح تلقّاها رئيس الحكومة سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان، عبر السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد، تدعوهما الى «النأي» بنفسيهما وعدم «توريط» الحكومة في هذا الملف! وقالت مصادر مطّلعة إن الرئيس الحريري كان بصدد تنظيم زيارة الى واشنطن على رأس وفد حكومي لطرح المخاطر المحتملة على القطاع المالي والوضع النقدي، إلا أنه صرف النظر عن ذلك في ضوء هذه النصائح.
على صعيد آخر، من المنتظر أن تشهد جلسة مجلس الوزراء اليوم مواجهة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، في ظل إصرار القوات على إجهاض خطة وزير الطاقة سيزار أبي خليل لاستئجار بواخر لإنتاج الكهرباء. وكان أبي خليل قد بعث برسالة إلى مجلس الوزراء يعرض فيها ما أنجز في مناقصة استئجار البواخر، مقترحاً على المجلس المضيّ في خيار من اثنين: إما نقل الملف إلى عهدة لجنة وزارية، أو تسليمه إلى إدارة المناقصات بهدف فضّ العروض المالية للشركات المتقدّمة.
إضافة إلى ذلك، يطلب أبي خليل في بند آخر منح تجديد العقود مع «مقدمي الخدمات»، أي الشركات التي تتولى الجزء الأكبر من الاعمال في مؤسسة كهرباء لبنان. ويُطرح هذان المشروعان في ظل انقسام، بين مؤيد لاستئجار البواخر، ومعارض لها مطالب باعتماد خيارات بديلة يقول إنها أقل كلفة مالية على خزينة الدولة. وقد يهدّد هذا الانقسام «بكهربة» أجواء الجلسة التي سيترأسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتي ستشهد مواجهة بين العونيين من جهة، ومن جهة أخرى جبهة حكومية ستكون القوات اللبنانية رأس الحربة فيها. فطرح معراب في ما يتعلق بخطّة الكهرباء يُمكن أن ينسف مشروع الوزير أبي خليل من أساسه ويعيده إلى النقطة الصفر. مصادر القوات أكدت «التمسك بالشفافية حرصاً على العهد والحكومة»، مشيرة إلى أن «وزراء القوات سيطرحون على مجلس الوزراء ضرورة التمسك بالآلية المتفق عليها؛ فإما استعادة مجلس الوزراء للملف كله ووضع اليد عليه، وإما تولّي إدارة المناقصات هذا الملف». وتريد القوات أن يمسك مجلس الوزراء أو إدارة المناقصات بالملف من بدايته، لا استكمال ما قامت به حتى الآن مؤسسة كهرباء لبنان التي أنهت الشقين التقني والإداري من المناقصة. وأكدت مصادر القوات أن موقفها «لا يستهدف التيار الوطني الحر الذي خضنا معه معركة قانون الانتخاب، لكن يجب إزالة أي شكوك يمكن أن تكون وجدت لدى الرأي العام أو التباسات، لأن الهدف المشترك هو تأمين الكهرباء ٢٤ ساعة، ولكن ضمن الآلية». ورفضت المصادر القواتية احتمال أن يفجر هذا الموقف مجلس الوزراء، «فكما تمكنّا من اجتياز معركة قانون الانتخاب بالتوافق، سنتجاوز هذا الملف المعيشي لما فيه مصلحة اللبنانيين وتأمين الكهرباء». مصادر حركة أمل أشارت إلى أن «مبدأ الشفافية كنا أول من طرحه أثناء مناقشة الخطة»، وحتى «الكلام عن إعادة الملف إلى إدارة المناقصات، وحتى المدة والأسعار». وقالت المصادر إن «المواصفات الموضوعة في الخطة لا تناسب إلا شركة معينة، وكأنها وضعت حصراً كي تكسب المناقصة». وعلمت «الأخبار» أن وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس سوف يناقش الأمر من وجهة نظر تقول إن ما يطرحه أبي خليل لا يُمكن أن يمُرّ، خصوصاً أنه «بعد حصر العروض بشركتين، أتى ليعرض على الحكومة إعادة الملف إلى لجنة وزارية أو إلى إدارة المناقصات، وهذا يعني أن الإجراء شكلي ولا معنى جدياً له في العمق، لأنه يلزم الحكومة باستكمال ما بدأ به». كذلك سيعارض مقترحي أبي خليل وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي من المنطلق نفسه. في المقابل، سيقدم وزير الطاقة مطالعة يتناول فيها الخطة من زاويتين: الأولى قانونية يؤكد فيها أن القانون يعفي المؤسسات العامة، ومن ضمنها مؤسسة كهرباء لبنان، من إجراء المناقصات في إدارة المناقصات. والثانية سيكرر فيها أن خيار البواخر هو الخيار الأقل كلفة، ما دام الهدف المنوي تحقيقه هو تأمين الكهرباء لمدة 24 ساعة.
(الأخبار)