خارج باب الغرفة التي عقد فيها موظّفو شركة «سعودي أوجيه» مؤتمرهم الصحافي، أمس، كان معن مرعي، مدير أحد الأقسام في الشركة، يروي بعضاً من ذكرياته: «في إحدى المرات، تأخر قسم المحاسبة في دفع رواتبنا ليومين فقط. يومها علا صوت الرئيس رفيق الحريري صارخاً على المسؤول المالي الذي عزا السبب الى عدم وجود سيولة: بتخبروني وأنا بدبّر من عندي.
الموظفين ما بيبقو نهار من دون مصاري». يتحسّر الرجل الذي قضى أكثر من عشرين عاماً في الشركة على «هيديك الأيام»، ويقول: «المشكلة بدأت مع تولّي الشيخ سعد الإدارة، عندما أعاد بعض ذوي السمعة السيئة الذين استبعدهم والده. وعندها بدأ الفساد الأخلاقي والمالي والإداري»!
خليل الحداد ومحمد صالح وجوزف الياس ويوسف سنجر، وغيرهم من موظفي الشركة، لكل منهم أيضاً ما يرويه، بغصّة، عن «الفساد والسارقين الكبار»، وعن مراحل تهاوي الشركة وصولاً إلى ما باتت عليه اليوم: نحو ٢٠٠٠ موظف من دون رواتب ولا تعويضات منذ عامين.
بعدما باتت آمال هؤلاء أضعف في تحصيل حقوقهم، توجّه عدد منهم، ممن أجبروا على ترك السعودية، الى مقر الاتحاد الوطني للنقابات أمس، للمطالبة بدفع حقوقهم تنفيذاً لوعود تلقّوها سابقاً من دون أن تصدق.

تحرّك غداً أمام بيت الوسط يليه آخر يحدّد لاحقاً أمام الخارجية


في القاعة التي جمعت نحو ٥٠ شخصاً، كانت دموع الرجال كافية لتقدير حجم المعاناة التي دفعت بعضهم الى الخروج عن طوره، وتوجيه اتهامات الى الحريري وتحذيره من «سقوط مدوّ في الانتخابات»، والتساؤل: «اللي ما قدِر يدير شركة، كيف بدو يدير بلد؟».
كثيرة هي الحكايات التي يقصّها الموظفون. عدد كبير منهم ذهب للعمل في الشركة وعاد كهلاً لا يملك ثمن دوائه، بعدما توقف دفع الرواتب وبدل السكن والمدارس والتأمين الصحي. كثيرون تحدثوا عن رفض المستشفيات السعودية استقبال المرضى منهم، وعن اعتقال موظفين بسبب توقفهم عن دفع ديون وأقساط، حتى إن البعض اضطروا إلى بيع بيوتهم أو أراضيهم في لبنان لتأمين كلفة عودتهم.
بعض الموظفين الذين تحدثوا الى «الأخبار» أكدوا أن لدى الشركة القدرة على سداد الديون «لولا السرقة». ووجّهوا اتهامات الى المدير العام للشركة ف. ش. بـ«سرقة مبالغ كبيرة، وتسييل ممتلكات في الشركة».
نحو ٥٠ شخصاً في مؤتمر يطالب بحقوق ٢٠٠٠ موظف! من الواضح أن هناك صعوبة في التواصل بين الموظفين وغياب آلية منظمة لتحركاتهم، فضلاً عن خشية البعض من رفع الصوت مع استمرار تعلقهم بأمل التوصل الى حل مع إدارة الشركة. شاهيناز غياض صعب (زوجها كان يعمل مهندساً في الشركة، ولا يزال موجوداً المملكة)، من لجنة المتابعة، لفتت إلى أن الموجودين هم مندوبو مناطق ومنسّقون، مؤكدة أن «العدد في أيّ تحرك سيكون أكبر». ألقت غياض صعب كلمة اللجنة، وشرحت الظروف الصعبة التي مر بها الموظفون. ولفتت الى «أن أياً من المسؤولين، وفي مقدمهم وزير الخارجية جبران باسيل، رفضوا إعطاءنا مواعيد للنظر في مشكلة اللبنانيين المحاصرين في المملكة، أسوة بما فعلته الدول الأخرى عبر سفاراتها، فيما لم يكلّف السفير اللبناني في الرياض، عبد الستار عيسى، نفسه عناء التحرك، مكتفياً بإفادة صادرة عن السفارة بتاريخ ٧ آب ٢٠١٦، تطلب من الموظفين الذين يريدون تحصيل حقوقهم تسجيل أسمائهم في السفارة». وبحسب الموظفين «لم يكُن هناك أيّ تحرك جدّي وفاعل، بحجة عدم وجود ميزانية كافية». وأكدت أن اللجنة ستتواصل مع أكبر عدد ممكن للحضور والمشاركة الواسعة في ‏التحركات المقبلة. وأعلنت عن تحرك أمام بيت الوسط غداً أثناء الإفطار، يليه تحرك أمام وزارة الخارجية في موعد يحدد لاحقاً.