تزامن الاعتصام الذي نفّذه موظفو «أوجيرو»، أمس، مع مؤتمر صحافي عقده المجلس التنفيذي لنقابة موظفي الهيئة، رُفع فيه السقف ضد قرار وزير الاتصالات جمال الجرّاح رقم 365/1، مطالباً بالعودة عنه، بما يمنع شركة خاصة من احتكار قطاع الاتصالات، ورفع القيود المالية والإدارية عن «أوجيرو» لتنفيذ المشروع.
حصر رئيس النقابة، جورج اسطفان، كلامه بالشق التقني والخسائر التي ستتكبّدها الخزينة العامة نتيجة هذا القرار، وانعكاساته على موظّفي الهيئة، مشيراً إلى أن «الاتصالات اليوم تساوي الإنترنت، ومجرّد تسليم الفايبر أوبتك لشركة GDS يعني تسليمها قطاع الاتصالات بأكمله، وهو ما سينعكس على «أوجيرو» التي لن يبقى لها أيّ عمل وسيشرّد موظفوها».
تقدّر خسائر الخزينة العامة المترتبة على نفاذ هذا القرار بمليارات الدولارات، وفق دراسات أعدّتها «أوجيرو»، باعتبار أن «قيمة المشروع الإجمالية تصل إلى 200 مليون دولار، فيما تبلغ كلفة مدّ خط الفايبر أوبتك إلى المنازل نحو 400 دولار، وهو استثمار يمكن استرداده خلال أربعة أشهر، إذا قدّرنا الفاتورة الشهرية بـ100 دولار، ما يعني أن ما ستجنيه الشركة بعد ذلك هو عبارة عن ربحٍ صافٍ، لن تأخذ الدولة منه سوى 20%، وبعد حسم رسم التواجد في مواقعها وكلفة الكهرباء».
ويتابع اسطفان أن «الدولة قدّمت للشركة حق استثمار المسالك الهاتفية مجاناً، في وقت يبلغ معدّل سعر متر المسلك الهاتفي 100$، فيما ستتكبّد الشركة كلفة لا تتجاوز 10$ لبناء شبكتها. وهنا يبرز الغبن في تقسيم الأرباح بنسبة 80% للشركة و20% للدولة». وتضاف إلى ذلك فوارق ملحوظة لناحية جاهزية GDS لتنفيذ المشروع خلال ثلاث سنوات مقارنة مع «أوجيرو»، باعتبار أن «الأولى لا تملك الخبرة ولا الدراسات، عكس أوجيرو التي أعدّت التصميمات ومدّت آلاف الكليومترات من الألياف البصريّة، إضافة إلى استعدادها للمباشرة بتنفيذ المشروع فوراً كون الطاقم موجوداً، وكذلك المعدّات والتمويل، لقاء تحويل مجمل الإيرادات إلى الخزينة لا 20% منها».

حُدّدت جلسة في 11 تموز المقبل للنظر في الدعوى


سبق المؤتمر الصحافي اجتماع عقد في مكتب الجرّاح، أول من أمس، ضمّه وأعضاء من النقابة ومستشاره نبيل يموت الذي توكّل مع الوزير مهمّة الدفاع عن إعطاء شركة GDS حصريّة مدّ شبكة ألياف بصريّة، فتجاهل الجرّاح كل الانعكاسات السلبية على موظفي الهيئة والخزينة العامة، محمّلاً الموظفين مسؤولية التقصير خلال السنوات الماضية، فيما المسؤولية تقع على تيار المستقبل الذي ينتمي إليه الجرّاح. وانتهى الاجتماع بتمسّك الجرّاح بقراره الذي يستند فيه إلى مراسيم باطلة، متجاهلاً رأي الجهات الرقابية المُنتدبة في وزارته التي وصّفت قراره بالمنعدم الوجود، كون منح امتياز مماثل يحتاج إلى قانون وفق المادة 89 من الدستور، وكذلك المديرون العامون في الوزارة الذين صدر القرار من دون علمهم، واعتراض مدير عام الإنشاء والتجهيز ناجي إندراوس عليه.
من جهة أخرى، عيّن قاضي الأمور المستعجلة في بعبدا 11 تموز المقبل موعد جلسة للنظر في الدعوى المُقامة من مجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام» ضد وزارة الاتصالات، وشركة «غلوبال داتا سيرفيسز» (GDS)، لـ«إزالة التعدي الحاصل ورفع الضرر الناشئ عن القرار، وطلب وقف أعمال الشركة إلى حين تصحيح القرار، كونه منعدم الوجود لتجاوزه الدستور والقوانين». ومُنحت الشركة مهلة 48 ساعة لتقديم الجواب حول تدبير «وقف الأعمال». من جهته، رفض رئيس مجلس إدارة GDS، حبيب طربية، التعليق، نافياً تسلّم الشركة أيّ بلاغ.
هذه الدعوى المقدّمة أمام قضاء العجلة في بعبدا، كون مركز الشركة الفعلي موجود في جسر الباشا، هي واحدة من ثلاث دعاوى رفعتها المجموعة، لـ«ضمان عدم ردّها لناحية التخصّص المكاني والموضوعي». إحدى هذه الدعاوى قدّمت أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، كون الشركة تقع في كورنيش النهر بحسب السجل التجاري، ولم يُعيّن جلسة لها بعد. ودعوى ثالثة ستقدّم، اليوم، أمام «مجلس شورى الدولة» لوقف قرار الجرّاح.
تستند المجموعة إلى كون القرار «منعدم الوجود لبنائه على المراسيم 9288 و9862 و4328 الباطلة، ومخالفته المرسوم 17090/2006 الذي حدّد الإطار العام لتنظيم إدخال خدمات الـDSL بواسطة القطاع الخاص، وأصول استعمال البنى التحتية العائدة لوزارة الاتصالات، بما لا يتيح لها تقديم هذه الخدمات عبر تقنيات أخرى، ناهيك عن مخالفة الدستور وقانوني الاتصالات والخصخصة». وتحدّد الدعاوى أهدافها بـ«منع الضرر اللاحق بشخص ثالث من خارج التعاقد الإداري، لما يشكّله من تعدٍّ على حقوق مستهلكي الإنترنت التي يحصرها القرار بشركة واحدة، ما يؤثّر على نوعيتها وأسعارها، إضافة إلى الأضرار التي ستلحق بالخزينة العامة لقاء التنازل عن هذا الامتياز مجاناً».