استبقت وزارة الخزانة الأميركية والسلطات السعودية زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة أمس بقرار وضع رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين على «لوائح الإرهاب»، في خطوة تؤكّد النيات الأميركية والخليجية لإعادة تمتين التحالف بين الطرفين، بهدف الضغط على محور المقاومة. وفي حين يتصدّر القلق المشهد اللبناني من احتمالات النتائج التي قد تنعكس على المنطقة والوضع الداخلي اللبناني في خلفيات زيارة الرئيس الأميركي للسعودية ثمّ للكيان الإسرائيلي، لا سيّما أن وفداً لبنانياً برئاسة الرئيس سعد الحريري سيشارك في القمّة الأميركية ــ العربية ــ الإسلامية، قالت مصادر تيار المستقبل لـ«الأخبار» إن لبنان سيشارك فقط في القمّة «الأميركية ــ العربية ــ الإسلامية» ولن يكون معنيّاً بالقمة «الأميركية ـــ السعودية» والقمة «الأميركية ــ الخليجية».
ومن غير المتوقع، بحسب المصادر، أن «يصدر موقف حاد من القمة الأميركية ــ العربية ــ الاسلامية. لكن على كل حال موقفنا واضح، نحن ضد إدراج حزب الله كمنظمة إرهابية، وفي ما خصّ إيران، موقفنا سيتحدّد على أساس النص المطروح للنقاش».
بدوره، قال النائب ياسين جابر الذي يشارك ضمن الوفد اللبناني إلى واشنطن في لقاءات مع الإدارة الأميركية حول العقوبات المنتظرة على مواطنين لبنانيين، إنه «لا قرار نهائياً بشأن العقوبات الأميركية على لبنان»، مؤكّداً أن «المسودة التي تم تسريبها هي مسودة لن تعتمد، وقد تصدر عقوبات لكن ليس بالشكل التي سرّبت به».
وفيما تزداد المخاطر المحيطة في الإقليم، يبقى السجال الداخلي حول قانون الانتخاب في إطار المزايدات وإضاعة الوقت، في ظلّ انحسار الخيارات المجهولة ــ المعروفة، بين الوصول إلى الفراغ أو العودة إلى قانون «الستين». أكثر من مصدر معنيّ أكّد لـ«الأخبار» أن الاتصالات متوقّفة منذ أيّام حول قانون الانتخاب، ومن المتوقع أن يستمر «الصمت» حتى عودة الحريري والوزير جبران باسيل من قمّة الرياض، حيث يشاركان إلى جانب الوزيرين ملحم الرياشي ونهاد المشنوق في أعمال القمّة. وفيما لا يتوقّع أحد من المعنيين أن يتمكّن الفرقاء من الوصول إلى نتيجة أو اتفاق حول القانون خلال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، التي ينوي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فتحها، بعد أن عجزوا عن ذلك طوال السنوات السبع الماضية، يجري الحديث منذ أيّام في الصالونات السياسيّة عن أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد يلجأ في اليوم الأخير من ولاية مجلس النواب، أي 18 حزيران المقبل، إلى توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.

«الستين» يعني الفراغ
في المجلس والحكومة لثلاثة أشهر قبل الانتخابات



وبحسب أكثر من مصدر، فإن عون يستند إلى المادة 25 في الدستور، التي تنص على أنه «إذا حُلّ مجلس النواب، وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة إجراء انتخابات جديدة، وهذه الانتخابات تجري وفقاً للمادة 24، وتنتهي في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر»، ما يعني أن الانتخابات ستحصل وفقاً للقانون النافذ في شهر أيلول، أي قانون «الستين». خطوة عون قبل يوم من نهاية ولاية مجلس النواب تعني أن الفراغ سيطال مجلس النواب لمدة ثلاثة أشهر مع استمرار عمل هيئة المكتب في عملها. وفي حال نفّذت حركة أمل وحزب الله وباقي حلفائهما في قوى 8 آذار ما جرى الاتفاق عليه قبل نحو أسبوعين، فإن الفراغ أيضاً سيطال حكومة الحريري عبر استقالة عددٍ من الوزراء لنزع الميثاقية عنها. مصادر سياسية بارزة أكّدت لـ«الأخبار» أن «رئيس الجمهورية في حال استند إلى المادة 25، فإنه لا بدّ من الاتفاق على هذا المخرج، لأن هذه الخطوة غير دستورية كون المجلس لم يُحلّ». وقالت المصادر «طالما أن ما يريدونه هو الوصول إلى قانون الستين، فلماذا تمّ تأجيل الأمر والمماطلة؟ كذلك فإن العودة إلى الستين ستكون بمثابة فشل ذريع للعهد في عامه الأول».
في المقابل، وبعد أن سقطت كل الصيغ المطروحة لقانون الانتخاب، لا سيّما قانون التأهيل الطائفي على الرغم من تمسّك التيار العوني به، باتت النسبية الكاملة هي الخيار الوحيد في أي قانون جديد والنقاشات تتمحور حول حجم الدوائر. ويجري الحديث عن النسبية الكاملة في 13 دائرة مع الصوت التفضيلي في القضاء. مصادر سياسيّة أكّدت لـ«الأخبار» أنه «لا يوجد سوى النسبية. والنقاش تخطّى الصيغ الأخرى، وما يحكى عن التأهيلي لا يزال حالياً في إطار المفاوضات». وقالت المصادر إن «التيار الوطني الحرّ هو الرافض الوحيد اليوم للنسبية، لكن في النهاية لا حل أمامه سوى القبول بها، والاتصالات قد تتابع خلال قمة الرياض، ولكن حتى الساعة لا حلّ في الأفق». وأكّدت المصادر أن «تفاؤل تيار المستقبل نابع من ضرورة الاتفاق على قانون جديد، ولأن الانتخابات وفق الستين تعني الفراغ قبل ذلك، وهو ما لا يقبل به بري، وما يؤدي إلى تعقيد الأزمة». غير أن مصادر بارزة في حركة أمل أكّدت أنه «في حال وافق التيار الوطني الحرّ على النسبية في 13 دائرة مع الصوت التفضيلي في القضاء، فإن هذا الأمر تطوّر إيجابي كبير، وحتى الآن لم يطرح معنا أحد بشكل رسمي هذا الطرح». بدورها، قالت مصادر تيّار المستقبل إن «كلام نواب المستقبل عن التمديد سببه أن أيّ عاقل لن يقبل بالفراغ، ولكن موقف التيار لا يزال رافضاً للتمديد ونعتقد أننا تخطّيناه»، بينما تستبعد مصادر التيار الوطني الحرّ أن «يشارك المستقبل في جلسة تمديد، لأنه لن يوتّر علاقته معنا».
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد أكّد أمس أنه «مهما جرى، فإن الانتخابات النيابية حاصلة، ولا يزال هناك متسع من الوقت للتوصل الى اتفاق».

عون يؤكد إجراء الانتخابات:
البعض يرغب في أن تبقى يده ممدودة الى حصة جاره


وقال عون إن ثلاثة أمور حالت حتى الآن دون التوصل الى قانون انتخاب، وهي: «أولاً، تمسك البعض بما اكتسبه، وهو لا يرغب في أن يكون هناك من تغيير في المسلك الحالي كي يبقى زعيم طائفته، فيخاف من خسارة بعض المقاعد، ما يؤدي الى تغيير الواقع الانتخابي، ذلك أنه أمضى نحواً من 30 الى 35 سنة في موقعه، فيجد عندها أن سلطته تآكلت وأصبحت عرضة للتغيير. الأمر الثاني، هو الخشية من تغيير موازين القوى، ما يؤدي الى إحداث تبدل في نهج الحكم، وهناك من لا يرغب في تداول السلطة، بل يفضّل عليه الاحتفاظ بمواقعه. يبقى الامر الثالث وهو رغبة البعض في أن تبقى يده ممدودة الى حصة جاره. هذه الاسباب أوصلت الى عدم العدالة، وما من أحد يرغب في الاصلاح».
أضاف عون: «إننا مجتمع مركب من طوائف عدة، بعضها موزع بطرق متكافئة عددياً أو شبه متكافئة، حيث إن إحداها مثلاً موزعة على نحو 12 قضاءً، وثانية على 11، والثالثة في قضاءين...، بينما يتوزع المسيحيون الذين يشكلون اللحمة بين الجميع على 22 قضاءً. وهم أينما وجدوا مع الآخرين سيكونون الاقلية. وبهذه الصفة، عليهم كي يفوزوا في الانتخابات النيابية أن يكونوا خاضعين لنهج الكتل الكبرى الثابتة. وهذا ما يؤدي الى عدم إحقاق العدالة، وليس من المستطاع إحداث تغيير في هذا الواقع، حيث نتّهم بالطائفية تارة وبالمذهبية طوراً، علماً بأن الامر ليس كذلك. وهذه صفة سياسية تعطيها لخصمك للدفاع عن ذاتك».
من جهته، أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن الانتخابات النيابية ستُجرى قبل نهاية العام الجاري.




المشنوق يهدّئ الموقوفين الإسلاميين

نجح الوزير نهاد المشنوق في سحب فتيل الاحتقان الذي يسبّبه إضراب الموقوفين الاسلاميين عن الطعام، بعد سلسلة اتصالات مع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان. وأعلن المشنوق أنه سيتمّ تشكيل لجنة مشتركة لدراسة ملفّ الموقوفين الإسلاميين وإمكانية إجراء عفو عام، بعد أن جرى الاتفاق بين الرئيسين عون والحريري على دراسة اقتراح العفو. خطوة المشنوق، وزيارته أمس لطرابلس والبداوي ثمّ لببنين في عكار، والمفاوضات مع الموقوفين الإسلاميين و«هيئة العلماء المسلمين»، دفعت بالموقوفين إلى وقف الإضراب المفتوح عن الطعام خلال شهر رمضان، وسحب التظاهرات من الشوارع، على أن يتمّ العمل على حلحلة الأزمة والسعي لإنجاز قانون العفو العام. وألقى المشنوق خطاباً في ببنين العكارية أكد فيه أن أهالي عكار كانوا «ضمانة الاعتدال في زمن جنون التكفيريين من كل المذاهب».