أقدمت إسرائيل أول من أمس على القيام بعملية أمنية ــ إعلامية عبر اختراق شبكة الاتصالات اللبنانية أثناء إلقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمته في ذكرى استشهاد القائد مصطفى بدر الدين.
الأسلوب مكشوف، وهدفه التشكيك في صدقية نصرالله والمقاومة اللبنانية وهزّ صورتها أمام اللبنانيين، عبر إجراء اتصالات وإرسال رسائل نصيّة تظهر أنها تعود للعلاقات الإعلامية لحزب الله، وتبني على الكذبة التي أطلقتها قناة «العربية» قبل أشهر، حول مسؤولية نصرالله والحزب عن استشهاد بدر الدين، وكأن الأمر محاولة لطمس أدلّة ما، تخصّ دوراً مفترضاً للقائد الجهادي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ولأنه كان عتاة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، و«الكورال» اللبناني والعربي الذي يردّد التلفيقات خلف المحكمة، أو حتّى ساعدها في جمع «وقائع» أشبه بتلفيقات، بهدف زجّ المقاومة في اغتيال الحريري، يبنون كامل روايتهم في التحقيقات وفي الإعلام على ما قيل إنها أدلّة جمعت من «داتا» الاتصالات اللبنانية، وشبكات اتصالات «ملوّنة»، تأتي الخطوة الإسرائيلية الأخيرة لتؤكّد عمق انكشاف شبكة الاتصالات اللبنانية أمام الخروقات الإسرائيلية.

وزير الاتصالات:
اخترقت إسرائيل
الشبكة عبر تقنيات عالية جدّاً

فلا الخروقات البشريّة في قطاع الاتصالات وشبكات العملاء التي أوقفت في السنوات الماضية، ولا أجهزة التنصّت والمراقبة على شبكات الاتصال اللبنانية التي يكشفها الجيش والمقاومة أحياناً، دفعت «الكورال» المعني إلى التوقّف مليّاً عند احتمال الخرق الإسرائيلي والتلاعب بداتا الاتصالات لتلفيق الأدلة واتهام المقاومة باغتيال الحريري، إن وجدت أدلّة أصلاً. حتى إن ما كشفه حزب الله قبل أعوام، عن قيام المقاومة باختراق طائرة استطلاع إسرائيلية قامت بتصوير منطقة السان جورج مراراً، وعرض نصرالله جزءاً من هذه التسجيلات أمام الجمهور، لم يدفع بأولئك المتمسّكين برواية المحكمة الدولية إلى مراجعة اتهامهم، أو على الأقل لطرح الأسئلة، إن كان التراجع عن الاتهام مكلفاً، بعد سنوات من التحريض والاتهام وبناء العصبيات المذهبية.
وكلام وزير الاتصالات جمال الجرّاح أمس، وبيان الوزارة وهيئة «أوجيرو» عن أن من قام باختراق شبكة الاتصالات اللبنانية هو إسرائيل، و«عبر تقنيات عالية جدّاً»، بمثابة دليل إضافي على مشروعية التشكيك في ما يسمّى أدلّة المحكمة الدولية. وهي حجّة قويّة أخرى بين يدي رافضي اتهامات المحكمة التي تناقض مبدأ استفادة الفاعل من الجرم، للتأكيد على أن الأدلة الوحيدة التي بنت عليها المحكمة اتهاماتها غير ذات قيمة أو صدقية، ما دامت إسرائيل تستطيع متى أرادت شنّ هجوم «سايبراني» أو القيام باختراق على هذا المستوى لشبكة الاتصالات اللبنانية، كما حصل أمس. وإذا كانت التهدئة السياسية بين حزب الله وتيار المستقبل (أو الخطوة الإسرائيلية المحرجة للجميع) قد دفعت وزارة الاتصالات إلى الإعلان عن خرقٍ بهذا المستوى، فلماذا لم يخطر على بال أصحاب الرؤوس الحامية في المستقبل وغيره التفكير في احتمال الدخول الإسرائيلي سابقاً على خطّ اتهام حزب الله باغتيال الحريري وتلفيق أدلّة تقنيّة، حين كان إبعاد الشبهة عن المقاومة ضرورة وطنية لمنع الانقسام في البلاد؟ أم أن المطلوب كان الاتهام، مع أدلة أو من دونها وإخراج العامل الإسرائيلي من المعادلة عن قصد أو من دون قصد؟